لا نريد العودة للحديث عن العداء الديني التقليدي والتاريخي بين اليهود والمسيحيين، فالمسيحيون الذين لاقوا في السنين الاولى لظهور الدين المسيحي اشد انواع العذاب والتنكيل على يد اليهود الى حد ان اليهود تآمروا على قتل نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام ، وفعلا صلبوا من شُبِّهَ لهم، ولذلك فإن المسيحيين يتخذون الصليب شعارا ورمزا لديانتهم، ولذا فإن العداء والكراهية بين اتباع الديانتين لا يمكن ان تمحى او تزال رغم النفاق السياسي وحتى الديني من قِبل بعض المسيحيين لتبرئة اليهود كما فعل بابا الفاتيكان الحالي والحكومات المسيحية الغربية التي تصنع الكثير منها مصالح اسرائيل دولة اليهود قبل مصالحها.
وضمن سياق النفاق الديني من قِبل بعض المسيحيين ظهرت جمعيات مسيحية تعمل من اجل اليهود في سابقة غريبة اذ تعكس تناقضا تجسده خدمة ضحايا الامس لأعداء الماضي والحاضر، والاغرب في هذا ان كبار رجال الدين المسيحيين ممن يسمونهم القساوسة هم الذين يقومون بهذه المهمة، فقد نقلت وكالة الانباء الإسلامية اينا مترجمة عن الصحف الإسرائيلية ان هناك منظمة تطلق على نفسها اسم اصدقاء مسيحيون مستوطنات في يهودا والسامرة ومقرها فلوريدا في الولايات المتحدة تقوم بمساعدة المستوطنين اليهود، ويرأس هذه المنظمة الاسقف المسيحي تيدباركت.
وقد نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان المنظمة تقوم بالفعل بتبني 45 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة وتقوم بجمع التبرعات من الكنائس البروتستانتية في أمريكا واوروبا والشرق الاقصى ويتم جمع التبرعات ضمن مشروع بناء مستوطنات.
وهذا المشروع من ضمن شبكة العلاقات الاقتصادية بين المستوطنات اليهودية والكنائس البروتستانتية حيث ان كبار الحاخامات اليهود في المستوطنات باركوا هذه التبرعات رغم الانتقادات الموجهة لهم من المرجعيات الدينية اليهودية لقبولهم أموالا من المسيحيين.
وقد تلقف الحاخامات اليهود هذه الخدمة فهي فرصة بأن تقوم جماعات مسيحية بخدمة اليهود وتعمل لتحقيق اطماعهم, خاصة وان تلك الجماعات اليهودية تعمل على الترويج ودعم المستوطنات اليهودية التي تقام على ارض فلسطين المحتلة.
وتكشف صحيفة هآرتس بأن الكثير من المنظمات اليهودية تستفيد من خدمة الجماعات المسيحية وان كانت منظمة عودة اسرائيل شوفايسرائيل اكثر المنظمات الصهيونية استفادة من تلك الخدمات حيث اقامت بتبرعاتهم مستوطنة عينات، وتذكر اينا ان المسيحيين البروتستانت في امريكا قدموا مبالغ للمستوطنين بلغت حتى الآن اربعمائة وخمسة ملايين دولار.