الاستقرار والطمأنينة مطلب يتفق عليه الجميع، فهما قاعدة الاستقرار والاستمرار والانطلاق والبناء الحضاري للاستفادة من التقدم الهائل الذي عم الكرة الأرضية، فالتقنية بجميع أضلاعها دخلت كل زاوية، فصار الطفل ذو العامين يقبع بآخر زاوية من العالم بإمكانه أن يلعب مع آخر في الزاوية المقابلة من جسم الكرة الأرضية، فإذا ما اريد الاستفادة من هذه الثورة العلمية في أي دولة ما في العالم، فإنه يجب توفر عنصري الاستقرار والطمأنينة لتسير عملية التقدم، والاستقرار لا يتحقق إلا بوجود سياج منيع يكفل حدوثه وعموميته اقصد الاستقرار والسياج هنا هو عنصر الأمن بمفهوميه العام والخاص.
فلو بحثنا عن العنصر الهام في منظومة البناء الحضاري لوجدنا أنه الإنسان، إذ هو بحاجة الى مناخ ملائم لتنبت فيه بذرة التقدم والتفاعل، فيبدع فيها هذا الإنسان أشكالاً مختلفة من لوحات مميزة نجد أثرها واقعاً ملموساً يعود نتاجها على الفرد والمجتمع.
إذاً نحن أمام شقين من نوع الأمن، أمن خاص وأمن عام، فالأمن الخاص الذي يحيط بالفرد نفسه وبما يملك من مكتسبات لا يريدها أن تذهب منه بغير حقها.
وامن عام يحيط بالوطن الذي يسكن فيه هذا الفرد لأنه سينعكس على الفرد الذي هو نواة الوطن فإذا ما حدث هذا الأمن حصل انسجام وتلازم فتحدث عملية البناء المنشود.
والسؤال العريض الذي يفرض نفسه بتلقائية كيف يحدث هذا الأمن المطلوب؟؟
لو تم القاء هذا السؤال على جمع غفير من البشر مختلفي الأعمار والثقافات، ومن بلاد شتى، ستكون إجاباتهم متباينة حسب الثقافة وحسب الرغبات وهناك خيط رفيع يجمع ذلك وهو: كل يريد أن يحافظ على ما لديه وينام قرير العين.
فكيف يحدث الأمن المنشود هذا؟؟
إذا أردنا أن نوجد مساحة واسعة للأمن تسع الجميع لينعموا فيها، يجب أن نوجد قبل ذلك أساساً وارضية صلبة لما نريد أن نوجد ليبقى ويعمر طويلاً فمن هم أداة الأمن؟؟ هم كل فرد لأن كل فرد له دور هام ليسير بذلك المركب, فإذا حصل تقصير وخلل من أي عنصر فإن التصدع سيبدأ في جدار الأمن فعندها يبدأ الخلل فيحدث الانشطار ثم يتكدر صفو الأيام.
إذاً هل نملك أن نراقب الجميع؟
قد يكون هذا هو ضرب المستحيل الذي نسمع عنه.
اذاً نحن بحاجة الى عنصر آخر ذي فاعلية يتوفر في نفس كل فرد ليوفر علينا جهد المراقبة ونضمن استمرار تدفق العطاء دون رقيب.
وهو عنصر الأمانة.
فإذا عرف كل فرد ماله وما عليه، وما هو دوره الذي يؤديه حصل ما نريد، فالأمانة أن تكون رقيب نفسك بإخلاص ودقة ومسؤولية، ولا يمكن أن تراقب نفسك بإخلاص إلا اذا احسست بموقعك ومقدار مسؤوليتك، وانك مسؤول عن الفعل والقول الصادرين منك مثلما انك مسؤول عن الامانة حفظتها او ضيعتها لانك انت أيها الفرد ستقف في وجه أي متسلل يتسلق جدار الأمانة ليسرق الأمن.
فاللبنة التي ستسقط من جدار الأمن قد تصيب البعيد مع القريب على حد سواء, عندها سأقاوم ذلك وامنعه لأن مؤشر الأمانة قد ارتفع في نفسي بعدما احسست بمسؤوليتي.
فلك أن تتأمل ذلك الجندي الذي تسور جدار الأمن في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه بناء ماهراً، لاهادماً لو استشعر دوره ومسؤوليته وموقعه ما ارتكب ذلك الفعل الخطير، ولكن ارتكب ذلك العمل لأن عنصر استشعار الأمانة قد فر من بين جنبيه!,
وبتر مثل هذا العضو من العملية البنائية جاء في الوقت المناسب وبشكل علني ليكون حاجزاً منيعاً من تسرب هذا المرض ليخترق سياج الأمن المنشود بعدما القى ذلك الشقي درع الأمانة المحاط به صدره في وحل المعصية، فشرب من كأس الردع لتعود هيبة الأمانة فينعم الأمن.
لذلك سأسير انا في الطريق البري وانا مطمئن فالجميع هنا يستشعر رهبة الأمانة فهي المحرك الصحيح لعملية الأمن المنشود ليقوم البناء بعدما عرف الجميع قوة الردع لمن يحاول أن يسترق الأمن بعدما يفقد إحساس الأمانة.
واخيراً,, لا يمكن أن يدب في داخلنا شعور واحساس الأمانة وحجم مسؤليتها لتعم رياح الأمن ارجاء الوطن الذي نسكنه إلا اذا امتزجت مراقبة من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور مع نبضات قلوبنا ما حيينا,, والله من وراء القصد
عبدالله العيادة
بريدة