Monday 28th February,2000 G No.10014الطبعة الاولى الأثنين 22 ,ذو القعدة 1420 العدد 10014



الرئة الثالثة
مع المثقف ,, وعليه!!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

كان المثقفُ وسيبقى هدفاً لفضولِ الناس,, مستهدَفاً بنقدهم، في كل زمان ومكان، وليس في هذا عوج ولا عجب من حيث المبدأ، لأن المثقف انسان قبل أن يكون أيَّ شيء آخر، مهما تفوّق تعبيرُه، وسما عطاؤه، وأبدع بيانُه!
وتضمُّ لائحة الاتهامات للمثقف العديدَ من المواقف والمزاعم والأقوال، أزعم أن في بعضها قدراً من الباطل وقليلاً من الحق يتأثَّر بهما تعريفُ المثقف وتأهيلُه والاعترافُ به,, وهاكم الأمثال:
* فريقٌ من الناس يتَّهم المثقفَ بالفوقيّة ,, يقولون إنه ينظر الى الناس من عَلٍ, وينصِّب نفسَه وصيّاً على عقولهم فلا يرون إلّا ما يرى، ولا يسمعون إلّا ما يقول، ولا يقرأون إلا ما يكتب!
* وفريق آخر يتّهم المثقف بازدواجية القول والفعل، فقد يأمر الناس بمعروفٍ,, وينسَى نفسَه، وقد ينهاهم عن منكر، ويأتي مثلَه!
* وفريق ثالث من الناس يتهم المثقفَ بممارسة ثنائيّة حادةٍ من التفكير، في تعامله مع بعض قضايا الحياة والأحياء,, فيصبُّ تعاملَه معها في قالبٍ أخرسَ اسمه إما ,, وإما ، لينتهي في بعض الأحوال أو اكثرها إلى لا شيءَ يفيد!
* وهناك فريق رابع يأخذُ على المثقف اعتزالَه الناس داخل اسوار كتبه وأفكاره، وأن هذا التوجُّهَ يُخرجُ المثقف عن مدار التَّفاعل الفاعل مع قضاياهم، فرحاً وترحاً؟!
راودتني هذه الرؤى الذهنية عن المثقف,, قبل حينٍ وأنا أُعدُّ للقاءٍ مكتوب مع إحدى المطبوعات، وقد اخترتُ من بين تلك المداخلات الثقافية ماله صلةٌ بالمسائل التي وطَّأتُ لها بمقدمة هذا الحديث، وسأطرحُها موجزةً عبر السطورِ التالية فأقول:
أولاً: أرفضُ بإصرار فوقيةَ الموظف وشوفينيَّته ، وادّعاءَه السموَّ على خلق الله، وأرى أنه واحدٌ من اثنين:
أ إما نرجسيُّ الهوى، يمنح نفسَه حق الوصاية على مشاعر وعقول وهموم الآخرين بلا حقٍّ ولا حجَّة ولا دليلٍ، عندئذٍ، سنُنكر عليه هُويةَ المثقف ما دام يقيم بينه وبين الناس سدوداً وحواجز من التفوّق والاستعلاء المزعوم، وسينتهي به الأمر الى نوع من الهذَيان لا يسمعُه ولا يقرأُه سواه!
ب وإما مثقفٌ يغرقُ نفسه في غدير المثاليّات,, يحسب أنه يحسن القولَ المفيد، او يكتب شيئاً يُقرأُ فيُفهَمُ فينفَعُ!
ثانياً: أما ازدواجية بعض المثقفين فيما يقولون ويفعلون فأمرٌ ليس نكرةً ولا ندرةً ولا مجهولاً، وما أكثر الذين يبشّرون بالعدل وهم أنفسُهم يظلمُون، وما أكثر الذين يعظُون بالصدق والنزاهة ونقاء الذمة وهم أنفسُهم يكذبون,, ويرتشون ويحتالون,, ومنهم من يشبّه الباطلُ بالحق,, يحسبُه حقاً! ومنهم من يُلبسُ الظنَّ حقيقةً,, حين لا يُغني من الحق شيئاً!
لكن,, يجب ألّا ننسى أن المثقفَ، بشرٌ,, من قبلُ ومن بَعدُ، فهو خطّاء,, ككل البشر، وقد ينالُه من فتن الهوى ما يغويه أو يضله عن الصراط القويم!
ولذا، يتعذّر القول بأنّ المثقفُ مُحصَن من المزالق التي يتعرَّضُ لها سواهُ من الناس، وإن كنّا نطمعُ منه الالتزامَ بما يقول,, مثاليةٍ وسلوكياً!
ثالثاً: يُكرَهُ للمثقف أن يتعاملَ مع قضايا الإنسان والحياة بثنائيّةٍ حادةِ الأطراف، أحاديّة الرؤية، أنانية القصد، فلا يرى للقضية سوى وجهين، إما الأبيض أو الأسود,, ويتجاهل ألوانَ الطيف الأخرى! هذا هو التطرف الذي قد يترجم نفسَه، إذا سطا على العقل، إلى نوعٍ من الإرهاب الفكري المرفوض!
نعم,, للثنائيّات الفكريَّة ما دامت تسمح بالقسمة على أكثر من اثنين!
ولا,, للثنائيّات اذا كان الجدل فيها يقود إلى طريق مسدود!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

حفل توزيع جوائز مسابقة الجزيرة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved