حصول صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل على المرتبة الاولى في جائزة صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود امير المنطقة الشرقية لأعمال الخير لهذا العام فيما يخص قطاع المتطوعين في أعمال البر يعتبر من المؤشرات الحضارية التي يهتم مجتمعنا بتعزيزها في بناء المجتمع وتثمين فعاليات انجازات افراده وتؤكد هذه الجائزة الاعتزاز والتقدير والوفاء لمن يضيئون حياتهم لمساعدة الآخرين ولم يكن مستغربا ان تحتل سموها ترتيب الجائزة الاولى، بل كان متوقعا مما تقوم به وما قامت به لم يرصد جميعه بل تحجبه سموها عن النشر، فأعمالها التطوعية منذ ستة وثلاثين عاما منحتها الجائزة في رصيد المجتمع وفي انجازات وثمرات من سعت سارة لخدمتهم وجاءت جائزة سموه تتويجا لهذا الرصيد المتراكم في سجل المجتمع.
لم تكن سارة الفيصل لمن يجيد قراءة الذات الانسانية في تميزها وسموها ونقاء سريرتها وحلمها وصبرها ومثابرتها نموذجا انسانيا يخضع لمقاييس الاعتياد في اصدار الآراء والاحكام بل كانت تحمل تميزها في انجازاتها المتعددة في مجالات متعددة العمل التطوعي يحتل المساحة الكبرى منها ليس بهدف ملء وقت الفراغ او بحثا عن اضواء المجتمع فهي غنية عن هذا كله فالانخراط في مجال العمل التطوعي لديها جزء من نسق شخصيتها وهي التي نشأت في مدرسة الملك فيصل والاميرة عفت الثنيان يرحمهما الله وحفيدة من شهد له التاريخ بأنه زعيم القرن ,, ,ان البناء الثقافي والاجتماعي والاسري الذي نشأت في ظله سارة من العوامل المضيئة لمزيد من التميز في شخصيتها الذي يؤطر بالتواضع والحكمة والصبر والمصداقية واحتواء الآخرين واعلاء انجازاتهم وتقدير جهودهم فريادتها في هذا المجال او ذاك لا تأتي محمولة على كلمات السمع والطاعة بل على جسور الاقتناع والقناعة التامة واحترام آراء الآخرين وتحقيق القدرة على العمل الجماعي.
تعيش سارة الفيصل حياتها الخاصة في العمل التطوعي والتربوي اي هناك التماثل والتطابق فما يحضها هو ما يحض من تتحمل مسؤولية تحقيق مطالبهم واذكاء العمل الانتاجي في دوائرهم,, حب الخير للآخرين هو حكمتها وهدفها,, ولهذا كانت جمعية النهضة الخيرية بدعم من الراحلة الاميرة عفت الثنيان يرحمها الله ورئاسة ابنتها الاميرة سارة ومشاركة نخبة متميزة من الاميرات وسيدات المجتمع في الرياض مثالا للجمعية المتميزة في مشاريعها وانجازاتها واستقرارها البنائي والتناغم المثالي للعلاقات التي تربط بين هؤلاء المسؤولات وبين قطاعات المجتمع المختلفة ولهذا كانت رائدة في المشاريع التنموية.
وتعتبر هذه الجمعية مدرسة لاتقان العمل التطوعي عندما يكون مهنيا ومسؤولية اجتماعية وحرصا على اداء الواجب الوطني.
وعندما يذكر عن سموها انها تداوم يوميا في الجمعية وتوزع وقتها ودوامها اليومي بين الجمعية وبين مدارس التربية الإسلامية التي لها من مسماها التماثل والتطابق فذاك يعني ان مفهوم الدوام اليومي ليس مفهوما من المتعارف عليه لشرب الشاي وتبادل الاحاديث كما هو لدى البعض ولكن ذلك الحضور الفعال الذي تتضاعف فيه انجازات الدقيقة لمضمون انجازات الساعة من سلم الوقت بل الساعات لدى الآخرين على مدى ستة وثلاثين عاما والاميرة سارة تغرس بذور الجدّية في العمل والصبر والمثابرة واضاءة الطريق امام عتمات الحياة، وازالة العوائق أمام المحتاجين وهي حريصة على عدم الظهور ولا تبحث عن الاضواء في كل انجاز تقوم به بل هي مجحفة في حق ذاتها وترفض الحديث عن انجازاتها، وقد تحجبت الكثير منها عن النشر ولكن من يعرف سارة ويلمس جهودها يعرف هذه الانجازات,, من اعمال البر والخير ورعاية الايتام والمعوقين,, بل ان جمعية النهضة الخيرية النسوية اول جمعية اهتمت بمتلازمة داون وهيأت مكانا للمعوقين لديها وقدمت لهم الرعاية، وهي من اوائل الجمعيات التي منحت مشاريعها البعد التطوري التنموي فكان تميز مشاريعها المهنية والفنية والابداعية سجلا حافلا بعمل سارة الفيصل على انمائه وتناميه يوميا وتغيّب الحديث عنه وهذا هو تميزها فالطبول الفارغة ضجيجها يصم الآذان أما الاعمال الرائدة فتبقي ما بقي الإنسان الهدف من كل هذه المشاريع والتوجهات.
تميز سارة الفيصل انها تمارس هذا العمل الإنساني من بوابة الواجب الديني والإنساني، الذي يؤمن بسرية ما تنفق اليد اليمنى عن معرفة اليد اليسرى!!.
ولهذا تمس سارة بأعمالها شغاف القلوب حيث لا حواجز ولا عوائق مظهرية,, بل نهر من التواصل لفعل الخير,, بينها وبين قطاعات المجتمع,,ولهذا عادت غنيمة الخير التي رعتها سارة لتمنح بعضا من رذاذها لصاحبة الريادة الخيرية انجازا وتكريما.
عندما كتبت عنها في زاويتي ربيع الحرف في جريدة الرياض في 24/7/1420ه بدافع التقدير والاعتزاز لإنسانة كانت وستظل نموذجا متميزا لبناء هذا الوطن,,وكأني كنت اتوقع مجيء هذه الجائزة طوعا وحبا وتكريما لرحاب سارة الفيصل,,هنيئاً لنا حصول سموها على هذه الجائزة الاولى، وهنيئاً ان تكون سارة هي الفائزة الاولى، وهنيئاً لكل امرأة وفتاة في هذا الوطن الذي انجب سارة الفيصل لتكون رائدة حقيقية للعمل التطوعي الخيري الذي هو اشرف مجال وانقى مجال يزرع فيه الإنسان بذور الخير.
أثق ان التهئنة قدر ما تحمل للأميرة سارة الفيصل من مشاعر الوفاء لجهودها تحمل لنا نحن النساء الفخر بأننا استطعنا كمجتمع ان نثمن جهود هذه الإنسانة في العمل التطوعي الخيري، وان نعبر لها من مكامن التقدير والاعتزاز، بكونها امرأة تمثل انجازات المرأة السعودية فكأننا نحن نكرم ذاتنا في انجازاتها,, وهنا قمة التميز ان تتطابق الصورة للمرأة والوطن في جائزة تكريم سارة الفيصل.
تهنئة للجميع بسارة وتحية تقدير لصاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أن حقق امنيات نساء الوطن بتكريم سارة الفيصل وتكريم رائدات العمل التطوعي في سارة.
* استاذ علم الاجتماع المساعد كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الملك عبدالعزيز بجدة