اختتمت اعمال الرعاية الشاملة للمسنين الواقع والمأمول يوم الاربعاء 17/11/1420ه والتي اقامتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية,, بمعهد الإدارة بالرياض في قاعة ابن خلدون للرجال وقاعدة الخنساء للنساء, وتعد هذه الندوة من الندوات الهامة التي يحتاج إليها المجتمع اولاً لتكاثر اعداد المسنين في المجتمع وثانياً لقلة الندوات التي تعقد حول الكبار والمسنين لتناقش قضاياهم وتضع الأساليب العلمية والعملية المناسبة لخدمتهم والاستفادة منهم في المساهمة في تنمية المجتمع,, ولقد مثلت الدول الخليجية بوفود استعرضت تجاربهم في مجال رعاية المسنين.
وبالحديث عن المسن والمجتمع فإن المجتمع يعد الحلقة الاكبر التي تدور في فلكها فئة المسنين اسوة بالفئات الاخرى, ويتحدد موقف المجتمع من المسنين من خلال مجموعة التشريعات والتسهيلات والتنظيمات التي يقدمها لهم وكلما وجدت حركة اكبر في تلك الجوانب كان للمجتمع اعتراف وحفظ لحقوق المسنين واعتراف وتقديرلهم, إن نوع الخبرات والفرص التي يقدمها أي مجتمع لفئة المسنين تعكس نظرة المجتمع لهذه الفئة فبعض المجتمعات تقدم خبراتها وفرصها للمسنين وتعكس من خلالها عدم قدرة المسنين والعوز لديهم, هذا ما ذكرته دراسة بعنوان الاتجاهات المجتمعية حول كبار السن واكملت ان مجتعات اكثر وعياً تقوم بتقديم خبرات بنائية لفئة المسنين تعزز لديهم التمكن من القيام ببعض الادوار الفاعلة.
إن فئة المسنين اكثر الفئات العمرية حاجة إلى خبرات وفرص مجتمعية تؤمن لها حياة كريمة وتنظر إليها بأنهم فئة قادرة على العطاء في ضوء الخصائص النمائية لها, وقد توصلت بعض الدراسات إلى أن المجتمع لاينمط المسنين بصورة واحدة وان مسألة تنميط المسنين تعد بأنها موقفية,فعند ذكر الخصائص الإيجابية يوصف المسن بانه محبوب وذكي ويتمتع بخبرة, أما عند ذكر الصفات السالبة نجده يوصف بأنه نكد ومتذمر وبائس ولاينصت لأحد وأن أي فئة عمرية لابد أن تتصف بمظاهر إيجابية واخرى سالبة, لهذا تستحق فئة المسنين أن تعامل كأي فئة عمرية أخرى, وذكرت دراسة أخرى أن المسنين من الإناث اكثر الفئات التي تعاني من التنميط الاجتماعي وأقل نصيباً في المشاركة الاجتماعية والاستفاده من الفرص المتاحة, ومقارنة بالمسنين من الرجال تعد المسنات من الإناث اقل حظاً وبالحديث عن المسن والاسرة فإننا نجد ان الاسرة والاقرباء تمثل عنصر تأثير كبير على المسنين فقد تكون الاسرة داعمة للمسن ومعينة له وعندها تيسر له كثيراً من المصاعب والمشكلات اوقد تكون غير متفهمة وواعية لمتطلبات المسن فتصبح مصدراً لمشكلات اضافة الى مايعانيه من صعوبات, وتذكر الدراسات ان تبدل القيم الاسرية نحو المسنين فبعد ان كانت الاسرة تنظر الى المسن بأنه مصدر للوقار والمعرفة والاحترام والطاعة والكرامة دخلت المدنية الحديثة لتحدث تبدلاً في ذلك كله, كما تشير إلى تقلص الدور الإيجابي والمؤثر للجد والجدة نتيجة تباعد أماكن سكنهما وسكن أبنائهما إضافة إلى ان المسنين ليسوا معدين للتعامل مع مشكلات الحياة المعقدة لذلك اصبح دور هؤلاء هامشياً في حياة الآخرين ولذلك فإن للاتصال اهميته بين افراد الاسرة والمسنين في ضوء التباعد الذي شكلته طبيعة الحياة العصرية حيث يؤدي هذا التباعد لوحدة المسنين المؤلمة.
وفي ضوء العجلة والوقع السريع للحياة فإنه يجب استرجاع وتبادل الذكريات بين افراد الاسرة نظراً لانعكاساتها الصحية على العلاقات بين افراد الاسرة وخصوصاً المسنين.
ويمثل بناء تاريخ من العلاقات بين الآباء والابناء عنصراً مهماً ينعكس إيجابياً على الطرفين عندما يتقدم العمر بالآباء, ووجدت دراسة ان هناك نسبة من الرضا من المسنين لمايحصلون عليه من مساعدة من ابنائهم اما اولئك الذين اتصفوا بعدم الرضا لتلك العلاقة فكان مرجعها الى احساس الآباء بأنهم يثقلون على ابنائهم ومصدر عبء عليهم, وقد اعتبرت المجموعة الاخيرة ان الاعتماد على الذات يشكل عنصراً هاماً في الحياة بل ان تاريخ حياتهم قام على هذا المبدأ.
ومن اهم عوامل رضا المرأة المسنة وجود علاقة مع افراد اسرتها وقد اعتبر هذا العامل من افضل انواع الاستثمار الذي تقوم به المرأة طوال حياتها.
وأخيراً فإن مايعانيه المسن من خلال مواجهته مع ذاته لايقاس مع مايواجهه المجتمع به حيث ان درجة القلق والنكران في هذه المرحلة ترتبط بعلاقة عكسية مع نظرة المجتمع الى هذه المرحلة, فحدة القلق تقل إذا كان المجتمع متفهماً ومحترماً ومقدراً لمرحلة الشيخوخة, ومن هنا يتضح اثر بناء الاتجاهات الإيجابية نحو فئة المسنين لأن ذلك يولد لديهم الإحساس بالطمأنينة النسبية, وعلى العكس فإن حدة القلق سوف تزداد إذا كان المجتمع بأفراده ومؤسساته لاهياً عن فئة المسنين من منطلق أنها فئة أعطت وأدت دورها ويجب أن تفسح المجال للفئات الأصغر, عندها سيشعر المسن بالدونية وجحود المجتمع الذي وهبه في الماضي كل عطائه ومجهوده وخصوصاً إذا لم يوفر المجتمع التسهيلات والمؤسسات التي تهتم وترعى شؤونه.
ندوة الرعاية الشاملة للمسنين الواقع والمأمول ناقشت العديد من البحوث وأوراق العمل في مجال المسنين ورعايتهم, وهي ندوة هامة يحتاج اليها مجتمعنا السعودي وأي مجتمع آخر ونحن نشكر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على تنظيمها لهذه الندوة ونشكر مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيريه على التعاون والمشاركة في التنظيم ونتمنى ان تتكرر مثل هذه الندوات الطيبة, وإني هنا اقترح أن تقام ندوة سنوية للمسنين تنظمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الجامعات والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المختلفة لنوفي المسنين حقهم ونرعاهم ونضع لهم قواعد تنظم امورهم واحوالهم ونتدارس قضاياهم ونضع طروحات ونظريات علمية وتطبيقية تكون لصالحهم لكي يحيوا حياة هانئة وكريمة, ولكي نطور من دراسات وعلوم المسنين والشيخوخة,وعلى الله الاتكال.
* كلية التربية جامعة الملك سعود