هناك فئة من الشعوب العربية تصرف ما في الجيب,, وتترك القادم للغيب,, وهذه النظرية اطلقها بعض العابثين,, والمستهترين ثم أصبحت وبالاً على القادمين والمقلدين, وقد حكى لي احدهم عن فلان من الناس بنى له بيتا راقيا,, صرف عليه كل ما ملكه من التثمين لكنه لم يختر الموقع المناسب,, فلا الذين بنى في حارتهم يستطيعون شراءه ولا الذين يستطيعون شراءه, يتنزلون للسكن في مثل هذه الحارة,, وللذكرى فقط فقد كان الاولون,, لا يفكرون أين يسكنون,, ومع هذا فقد عاشوا حياتهم بهناء وسعادة وتعاون وسلامة ضمير وسلموا من الديون الباهظة التي تجرها هذه الأيام الشكلية البغيضة والتصنع الكاذب,, ومضى على البيت فترة طويلة يراقبه صاحبه كمن يراقب جنازة,, لم تقبل في موقع الدفن,, وأخيرا كسره ,, ولم يؤمن بالبيوت.
وحتى ينتقم من هذه الحارة التي أكسبته الخسارة,, ذهب واشترى ما يسمى بالشبح,, واني لأتعجب كيف يشتري الناس الاشباح واستأجر فيلا جميلة في حي راق وأخذ كل يوم يستعرض بالشبح ويدخل ويخرج من هذه الفيلا ولان الايجار كما يقولون دم فاسد فقد أثقل كاهله, وأصبح يستدين لارضاء هذا المريض في داخله,, ولأن ابناء الحي الراقي تضايقوا من استعراضاته الدائمة فقد شوهوا اجزاء من الشبح وأدرك ان الحارات وان كانت راقية ففيها ما يسيء لان النعمة كما قال حميدان الشويعر خمر جياشة وأبناء النعمة يفعلون ما لا يفعله صياد الجراد,, والدبا,, وأخيرا هرب, وباع الشبح ليفتك من الديون, ثم تواسى بعد حين على الحديدة كما يقولون, وكان في الجلسة,, أحدهم وقد بدأ متحفزا كأنما لديه شيء اعظم واغرب يريد قوله, ثم قال,, لا,, ما سمعت ما يفعله بعضهم,, قال,, ماذا؟ قال هناك فئة من الشباب اللميعة الذين لا تستريح منهم الأسواق,, ولا ترمش عيونهم عند النظر,, اشتروا سيارة شبح بالقطة واتفقوا كل يوم وليلة لواحد منهم فعلوا ذلك للظهور فقط,, وللاستعراض, ولتلبية رغبة المريض اللعين,, قلت,, هذا أهون من لو سرقوه,, لكن تظل الحالة التي يعيشها كثير من شبابنا تؤرق آباءهم وأمهاتهم, وهي حالة النظرة الفوقية وهي النظرة الكاذبة والتي كثيرا ما أودت بصاحبها الى الافلاس وربما السجن, وسوء السمعة.
لقد غرق كثيرون في الديون بسبب الشكلية البغيضة, والتصنع الكاذب وهؤلاء لا يعرفون من الحياة الا هذا الجانب التلميعي اما رؤوسهم فخواء مما يفيدهم او يفيد وطنهم انها افرازات العصر الانفلاتي والذي نمت بذرته في مجتمعنا بعد تماهلنا كثيرا في ردم الأبواب ذات الهواء النتن.
|