Sunday 27th February,2000 G No.10013الطبعة الاولى الأحد 21 ,ذو القعدة 1420 العدد 10013



موقف
الحرية الشخصية
متعب السيف

الحرية الشخصية عبارة رنانة، الكل يحتفي بها والكل يحرص عليها، والكل يعتبرها من سمات الانسان التي يجب ألا تنفصم عنه.
لكن,, كيف يا ترى نمارس هذه الحرية الشخصية؟، وهل هنالك حدود لتلك الممارسة، أم أن كلا منا يمكنه أن يمارس حريته كيفما اتفق دون ضوابط أو قيود؟! ثم أليس للآخرين نفس حقوقنا في ممارسة الحرية الشخصية؟ فكيف إذن نمكنهم من ممارسة حرياتهم بنفس الدرجة التي نريدها لأنفسنا؟
الحقيقة ان الحرية هدف غال ومطمح انساني الكل يطالب به ويسعى لتحقيقه، والحرية المقصودة هنا هي تلك التي لا تتعدى على حقوق الآخرين وحرياتهم، وهي الحرية التي كفلتها الشرائع السماوية ومن ثم الأنظمة الدولية.
وللأسف فإن هناك من يتصور أن الحرية هي أن تمارس ما تود ممارسته من أفعال وتقول ما ترغب في قوله من كلام وتكتب ما تود كتابته من عبارات بصرف النظر عن حقوق الآخرين ومشاعرهم، وهذه رؤية ساذجة لمعنى الحرية الشخصية، وتفسير أعرج لمعنى الحرية في شكله الشامل.
وترتبط ممارسة الحرية المسؤولة في شكلها الذي يحفظ حقوق الآخرين بالنشأة الصالحة والتربية القويمة والتعليم المفيد المتوازن، فإذا نشأ الطفل في منزله وقد حدد له ما هو مطلوب منه، وكفلت حريته ضمن الحفاظ على حرية الآخرين، وعلم كيف يعبر عن رأيه دون خوف أو وجل، ثم اذا تكامل هذا الجهد مع جهد المدرسة في مساعدة التلميذ على اكتساب التربية السلوكية والعلمية السليمة، وتوسيع مداركه وتشجيعه على التعبير عن رأيه دون توجس أو رعب,, إذا تم ذلك كله فإننا سوف نسهم في نشأة طفل قوي الرأي والحجة والمنطق، يكبر مع الزمن وهو يعرف حقوقه وحريته الشخصية وحدودها، ويحترم حريات الآخرين دون تجاوز أو افراط أو تفريط.
إذن المطلوب من الأباء محاورة الأبناء ومناقشتهم دون فرض رأي أو ممارسة ضغط نفسي عليهم، فالطفل الذي يعيش في بيئة أسرية متسلطة على الصغار ينشأ هشا ضعيفا منكسرا لا يستطيع التعبير عن مكنوناته، فإذا قصرت المدرسة أيضا بدورها تجاه ذلك الطفل، كنا أمام حالة لانسان صغير يعيش بين فكي كماشة لا يستطيع الهرب من فتكها، فإذا بلغ سن الرشد واكمل دراسته فإن تلك التربية التي عاشها سوف تحكمه في سلوكياته، فيغيب عنه الاتزان المطلوب، وينعكس كل ذلك على فاعليته وانتاجيته وقدرته على العمل مع الغير من أجل تقدم الوطن ونمائه.
ان الحرية الشخصية الواعية والمسؤولة سلوك حضاري، حري بنا أن نشجعه وان نمارسه وان نتيح للآخرين التعامل به، سواء في البيت أو المدرسة، أو العمل أو الشارع أو أي مكان عام أو خاص، فالزوج يحب أن يكون له وجوده واحترامه وتقدير رأيه، والزوجة يجب أن تعامل مع زوجها ككائن قادر على التفكير والأخذ والعطاء، والمعلم يجب أن يتفاهم مع تلميذه كإنسان له قدرات ومكنونات ومشاعر وقدرات، والتلميذ يجب أن ينظر للأستاذ كقدوة في التعامل والتحاور والنقاش، والمسؤول يجب أن يحفظ قدر مرؤوسيه ويتيح لهم فرصة التعبير عن رؤاهم والمرؤوس يجب أن يحترم توجيهات رئيسه ويثريها من أجل بلوغ المصلحة العامة,, وهكذا.
ان الحرية باختصار أن نكون قادرين على الأخذ والعطاء بوعي ومسؤولية وحكمة، فهلا تعاطينا معها وفق هذه المفاهيم ,,,؟

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved