دراسة علمية تؤكد انحراف أبناء الأسر المتشاجرة الشعور بالنقص يدفع بعض الأزواج لضرب نسائهم |
* تحقيق : عذراء الحسيني
رغم انتشار الثقافة وتطور العلم والتكنولوجيا، إلا ان البعض مازال يستخدم اسلوباً همجياً وحشياً لا انسانياً في تعامله مع اقرب الناس اليه، الزوجة، فيلجأ الى الضرب، والمشكلة لا تقف عند هذا بل تمتد لتشمل الاطفال الذين يتأذون بما يرونه أمامهم من عنف، فما الذي يمكن ان يؤدي اليه ضرب الزوجة امام الاطفال؟ وما انعكاسات ذلك وتأثيراته عليهم؟! وفيما يلي آراء وافكار مفيدة في هذا الاتجاه,.
التفاهم العقلاني أسلوب متحضر
تؤكد نوف الدايل معلمة ان ضرب الزوجة أمام اطفالها يترك آثاراً نفسية عليهم، فمن السهل ان يعتدي طفل شخصيته ضعيفة على والده من أجل ان ينقذ والدته والدفاع عنها، كما انه قد يقلد أباه ويقتدي به في حياته، ويذهب الى المدرسة، فلا يحترم من فيها من مدرسين، وغيرهم، لذلك ارى ان الاعتداء والضرب الذي يحدث من قبل الزوج تجاه زوجته ليس له أي اثار ايجابية فكل مشكلة او خلاف في الرأي يمكن حله بالتفاهم والحوار والنقاش الموضوعي العقلاني وعدم التشدد بالرأي بل بشيء من التسامح والتنازلات المعقولة الهادفة الى درء الشر وتحقيق مصلحة الاسرة.
الطفل يكتسب مايراه
أما هند عبدالرحمن المانع ربة منزل فتقول: الطفل يكتسب مايراه ويتطبع بما يحدث، وتتشكل سلوكياته على هذا الأساس، ومن السهل ان يمارس هذه السلوكيات مع الآخرين، حيث يعتبر ذلك شيئاً طبيعياً، كما ان الطفل قد يكون ضعيف الشخصية نتيجة اجواء الخوف والرعونة التي يشاهدها منذ صغره، وهذه امور تؤثر تأثيراً مباشراً على حياته ومستقبله، لذلك اجد ان ضرب الزوجة او حتى تبادل الألفاظ السيئة ليس في صالح احد، فالعلاقة الزوجية بنيت على أسس وقواعد من شأنها ان تجعل هناك احتراماً متبادلاً بين الازواج ولا يجب أبداً أن تكون هناك حتى مناقشة حادة في أي امر أمام الاطفال، حتى لاينعكس ذلك على حياتهم وشخصيتهم، وحتى يظل احترامهم للوالدين قويماً، وان يتم دائماً حل الخلافات التي تنشأ بين الازواج عن طريق الحوار والنقاش والمصارحة، وألا تخرج الأمور عن هذا الاطار حتى تظل العلاقة حميمة.
نوعان كلاهما مرفوض
ولتحليل دوافع هذا السلوك وانعكاساته على الطفل التقينا بالدكتورة شاهيناز مرسي اخصائية نفسية حيث قالت: ضرب الزوجات غالباً مايكون نوعين، الاول للتهذيب والاصلاح والآخر هو الذي يسبب الأذى والتجريح والتحقير، ويعتبر بمثابة عدوان وتخريب واطاحة بكل القيم التي بنيت على أساسها العلاقة الزوجية، وهو نادراً مايحدث بين الازواج، حيث غالباً مايحمل في طياته الانتقام والتفريغ للغضب الذي يحدث نتيجة موقف ما، واستخدام الضرب والاعتداء على الزوجة في تينك الحالتين غير مرغوب نظراً لانعكاساته السلبية.
واوضحت الدكتورة شاهيناز ان الاعتداء على الزوجة امام الاطفال من قبل زوجها، يترك تأثيراً نفسياً كبيراً على شخصيته، فهو يشعر بالخوف وعدم الطمأنينة والتهديد دائماً في علاقته مع الوالدين، حيث ان هناك دراسات اكدت ان الأسرة التي يكثر فيها الشجار يكثر فيها انحراف الأبناء، كما أنه غالباً ما تتشكل شخصية الطفل ونفسيته مما يشاهده، فإما ان يكون ضعيف الشخصية جباناً، او ان يقتدي بوالده ويصبح عدوانياً ويمارس الشجار هو الآخر.
أزواج غير ناضجين
أما الدكتورة فاطمة الحيدر استشارية الطب النفسي للاطفال والمراهقين بمركز الدكتور سليمان الحبيب فتقول اننا حينما نتحدث عن ضرب الأمهات أمام اطفالهن ومايمكن ان يتركه من آثار سلبية على اولئك الأطفال، فإننا لا نتحدث عن مشكلة منفردة بل عن معاناة أوسع مجالاً، فالضرب المتكرر إنما يعكس حياة أسرية غير مستقرة، وقد اظهرت الابحاث ان هؤلاء الرجال الذين يميلون إلى ضرب زوجاتهم هم في الواقع رجال غير ناضجين ولديهم شعور بالنقص، كما انهم اتكاليون وغير واثقين وقد يعانون في بعض الأحيان من عدوانية مرؤوسيهم في العمل وفي أحيان أكثر من عنف آبائهم أثناء طفولتهم.
وأضافت الدكتورة فاطمة بأنه يكثر في هذه الأسر تعاطي الخمور والمواد المخدرة وقد تميل شخصية أحد الزوجين أو كليهما إلى عدم الاستقرار، لذا فإننا نتحدث حقيقة عن الآثار السلبية لعدم استقرار الحياة الزوجية ومايسببه من عوامل وماتؤثر فيه من ظروف ويمكن لنا ملاحظة آثار حاضرة عند الصغار ومنها الاضطرابات العاطفية مثل القلق والاكتئاب والكوابيس الليلية والسلوك العدواني لدى الاطفال والتدهور الدراسي أما على المدى البعيد حينما يكبر هؤلاء الاطفال، فإن الآثار السلبية تكون دائمة وشديدة، إذ ان عدم الاستقرار في فترة الطفولة يترك بصمات واضحة على شخصية الإنسان حال الكبر فتميل شخصياتهم الى عدم الاستقرار في المزاج والعلاقات والتوجهات، كما ان الاستعداد للاضطرابات الوجدانية يكون عندهم أكثر من غيرهم والوقوع في ادمان المخدرات كذلك أكثر من غيرهم كما يميلون الى سوء التكيف مع الأقران وعدم القدرة على تكوين علاقة زوجية سوية مع عدم القدرة على تربية الأطفال وربما كرر نفس عمل والده وهو ضرب زوجته أمام أبنائه وهكذا تتكرر عملية عدم الاستقرار.
|
|
|