جاء في المعجم الوسيط:
* شاكله: شابهه وماثله وأشكل فلان: اجتمع بأشكاله وأمثاله, وتشاكلا: تشابها وتماثلا.
* وشكّل الشيء: صوره، ومنه الفنون التشكيلية (سواء كان التصوير لمحسوس، أو متوهم).
* تشكّل: مطاوع شكل (اي شكلته فتشكّل)، اي تصوّر وتمثّل.
* الشَّكل: هيئة الشيء وصورته (قالوا: والشِّكل بكسر الشين دَلُّ المرأة، ويطلق على الشَّكل بالفتح ايضا).
* وفي الهندسة: هيئة للجسم أو السطح محدودة بحد واحد، كالكرة، أو بحدود مختلفة كالمثلث والمربع.
* وجمعه: اشكال وشُكول، قال في اللسان: وأنشد ابو عبيد:
فلا تطلبا لي أيّماً، إن طلبتُما فإن الأيامى لسن لي بشُكولٍ |
* وعند المناطقة: صورة من الدليل تختلف تبعا لنسبة الحد الاوسط الى الحدين الآخرين: الأصغر والأكبر.
* والمُشكِل: الملتبس، وعند الاصوليين: مالا يفهم حتى يدل عليه دليل من غيره.
* والاستشكال: الالتباس: يقال: استشكل الامر، أي التبس.
* والخنثى المشكِل: (هوما له آلة أنوثة وآلة ذكورة، او ثقب لا يشبه احدهما)، هكذا عرفه علماء المواريث.
وجاء في اللسان:
* في فلان شبَهٌ من ابيه، وشكلٌ ، وأَشكَلة، وشُكلَة، وشاكِل، ومشاكلة، قال تعالى (وآخر من شكله ازواج) أي وعذاب آخر من شكل الأول، أي مثله.
* وشاكِلة الإنسان: شكله، وناحيته، وطريقته, قال تعالى: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته).
* والأشكل في سائر الأشياء : بياض وحمرة قد اختلطا، قال ذو الرمة:
ينفخن أَشكَلَ مخلوطاً تقمصه مناخرُ العَجرَفيّاتِ الملاجيج |
(العجرفيات: جمع عجرفية، وهي الناقة او الفرس, الملاجيج: جمع ملجاج وهو صيغة مبالغة من اللَّجّ كلجوج: من رفع الصوت، أو التمادي في الخصومة).
وقال غيره:
فمازالت القتلى تمور دماؤها بدجلة، حتى ماءُ دجلة أَشكَلُ |
وقد قيل في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: انه كان أشكل العين، اي ان في بياض عينه شيئا من حمرة وهو من الأوصاف المحمودة المحبوبة في العيون.
* وشكَلَ الدابة يشكُلها شكلاً وشكّلها: شد قوائمها بالشِّكال، وهو الوثاق بين اليد والرجل.
والشكال في الخيل أيضا: ان تكون ثلاث قوائم منه محجلة، والواحدة مطلقة وقيل: أن تكون الثلاث مطلقة، والواحدة محجّلة.
وروى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: (خير الخيل الادهم، الاقرح، المحجل الثلاث، طلق اليمنى، أو كُميت مثله).
وورد في الحديث ايضا: (تفقدوا في الطهور الشاكلة، والمَغفَلة، ،المنشَلة).
الشاكلة: ما بين الصُّدغ والاذن المغفلة: العنفقة.
المنشلة: ما تحت حلقة الخاتم من الاصبع.
وجاء في (كشاف اصطلاحات الفنون) مما يضيف لنا فائدة:
والشكل عند أهل العروض: هو اجتماع الخبن والكف كحذف الالف والنون من (فاعلاتن) فيبقى (فعلات) وتسمى التفعيلة حينئذ: مشكولة.
ثم شرح التهانوني الشكل عند اهل المنطق، وعلماء الهندسة، ولدى الحكماء، واهل الرمل، وعند علماء البلاغة، وعلماء أصول الفقه، ونقطف منه على سبيل التملح:
1 الشكل الحماري: عند المهندسين هو: ان كل ضلعي مثلث هما معا اطول من ثالثهما، سمي بهذا الاسم لظهوره ووضوحه حتى عند الحمار.
2 شكل العروس: عندهم هو: ان كل مثلث قائم الزاوية فان مربع وتر زاويته القائمة يساوي مربعي ضلعيهما وانما سمي به لحسنه وجماله.
3 الشكل المغني: هو كل مثلث من قسمي دوائر عظام تكون فيه زاوية قائمة واخرى اصغر من قائمة، فإن نسبة جيب وتر القائمة الى جيب وتر الزاوية الاصغر كنسبة الجيب الأعظم الى جيب الزاوية الأول.
البلاغيون والمشاكلة:
هي في علم البديع عندهم: ان يذكر الشيء بلفظ غيره، لوقوعه في صحبته، ومثلوا بقول الشاعر:
قالوا:اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا |
حيث عبر بالطبخ عن الخياطة لورودها معه وهذا يحقق شيئا من التماثل والتشابه الذي يريح النفس، ويدفىء الروح باشباع حاجتها، بالغاء الفارق بين الاقتراح وتصحيح الاقتراح.
وجعلوا منه قوله تعالى: (ومكروا ومكر الله، والله خير الماكرين)، آل عمران/ 54 حيث عبرت الاية هنا عن فعل الله تعالى بالمكر في مقابل مكر بني اسرائيل بعيسى عليه الصلاة والسلام، لوروده معه، قال في (التفسير الميسر مجمع الملك فهد/ ص 57): وفي هذا إثبات صفة المكر لله تعالى، على وجه يليق بجلاله وكماله لانه مكر بحق وفي مقابله مكر الماكرين.
كما جعلوا منه قوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم، ان المنافقين هم الفاسقون)، التوبة/ 67 حيث عبرت الآية عن امساك المنافقين ايديهم عن النفقة في سبيل الله بالنسيان وقابلته بامساك الله رحمته عنهم، وسمته ايضا نسيانا، لوروده مع نسيان المنافقين ومشاكلة له في التعبير، وفيه ايضا اثبات صفة النسيان لله تعالى، على وجه لائق بجلاله، وكذلك قوله: (فيسخرون منهم سخر الله منهم) التوبة/ 79.
* وفي اعتقادي ان المشاكلة لا ينبغي ان تقتصر على هذا الموضوع بل انها في حقيقة الأمر تشمل موضوعات اخرى تؤول جميعها فيما نحسب اليها، منها:
1 صرف الاسم الممنوع من الصرف ان هو اتى مع اسماء مصروفة متتالية وذلك كقوله تعالى: (إنا أعتدنا للكافرين سلاسلاً واغلالاً وسعيراً) على قراءة تنوين (سلاسلاً) الانسان/4.
2 التوكيد بلفظ لا معنى مستقلا له غير إفادة التوكيد، مثل قولهم: حسن بسن عفريت نفريت حَيص بَيص.
3 كسر آخر الخبر لمشاكلة ما اضيف اليه المبتدأ ويمثلون له بقولهم: جحرُ ضبٍّ خرِبٍ.
يقولون: إن الخبر، وهو (خرب) كسر للمجاورة.
4 الازدواج: وهو ان يكون المتكلم بعد رعايته للاسجاع يجمع في اثناء القرائن بين لفظين متشابهي الوزن والروي، وذلك كقوله تعالى: (وجئتك من سبإ بنبإ يقين) النمل/ 22.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون هينون لينون) التعريفات للجرجاني ص 92, وقول الخنساء:
حمال ألوية هباط أودية شهاد أندية للجيش جرّار |
فاتفاق الكلمات في الوزن الصرفى ازدواج مضاف الى ما في البيت من ترصيع وهو بلاشك يحقق في الكلام شيئا من التشاكل والتشابه والتماثل يمنح الكلام لونا من ألوان الموسيقى التي ترقى به عن مستوى التعبير العادي.
5 المزاوجة: هي ان تزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء، أي أن ترتب على كل منهما معنى رتبته على الآخر وذلك كقول البحتري:
اذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى اصاخت الى الواشي فلج بها الهجر |
فقد رتب اللجاج على كل من الشرط (نهى) والجزاء (اصاخت) ومثله ايضا قول البحتري:
اذا احتربت يوما ففاضت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها |
فقد رتب الفيضان على كل من الشرط (احتربت) والجزاء (تذكرت).
6 حذف المفعول الذي يراد من حذفه مراعاة الفواصل كقوله تعالى: (ألم يجدك يتيماً فآوى، ووجدك ضالاً فهدى)،
والاصل: فآواك، وهداك.
7 تجريد الفعل المزيد، ليشاكل الفعل المجرد الوارد معه, وكسر قاعدة الجمع ليأتي مشاكلا لقرينه: قال ابن منظور في اللسان (مادة نوأ):
يقال: ناء بحمله نوءا وتنواءً: نهض بجهد ومشقة وقيل: أُثقل فسقط فهو من الاضداد.
وناء به الحمل وأناءه: أثقله واماله كما يقال: ذهب به وأذهب به.
* فاذا ادخلت الباء قلت تنوء بهم، فاذا حذفت الباء زدت على الفعل في أوله (أي تقول: أناءتهم)
قال ابن منظور: قال الازهري: وأنشدني بعض العرب:
حتى إذا ما التأمت مواصله وناء في شق الشمال كاهله |
يعني ان الرامي لما اخذ القوس ونزع: مال عليها، قال: ونرى ان قول العرب: (ما ساءك وناءك) من ذلك الا انه القى الالف، لانه مُتبع لساءك، كما قالت العرب: (أكلت طعامك فهنأني ومرأني).
معناه اذا افرد: أمرأني، فحذف منه الألف لما أُتبع ما ليس فيه الألف, ومعناه: ما ساءك وأناءك.
* يضاف الى ذلك تعدية الفعل اللازم لوروده مع فعل متعد ليحقق المعبر من خلال ذلك المشاكلة المنشودة، باعتبارها مطلبا فنيا ايضا فقد قالت العرب: لفلان عندي ما ساءه وناءه، أي أثقله، وما يسوؤه وينوؤه, قال بعضهم: اراد ساءه وأناءه، وإنما قال: (ناءه) وهو لا يتعدى، لأجل (ساءه) المتعدي، فهم اذا افردوا قالوا: أناءه، لانهم انما قالوا: (ناءه) وهو لا يتعدى، لمكان (ساءه) ليزدوج الكلام.
* أما مثال كسرهم قاعدة الجمع لمشاكلة قرينه الوارد معه فقولهم: (إني لآتية بالغدايا والعشايا) حيث جمع الغداة على الغدايا مشاكلة لعشية وعشايا، مع أن الغداة اذا انفردت لا تجمع كذلك.
هذا وقد يتسع بنا الكلام ويطول لو اطلقنا العنان للقلم في باب المشاكلة والمماثلة ليشمل كثيرا من الموضوعات النحوية والصرفية والبلاغية التي قد لا يوافقنا عليها بعض المتخصصين المتحمسين حتى لو علموا انها الصواب, ان الذي ينبغي ان نستحضره في أذهاننا وبآنية سريعة أن هدف المعبر دائما هو الوصول الى المتلقي عن طريق الإمتاع والمؤانسة وغير هذا انما هو وسائل وآليات للبلوغ والتبليغ.