Saturday 26th February,2000 G No.10012الطبعة الاولى السبت 20 ,ذو القعدة 1420 العدد 10012



شعاع
العرب,, والعلوم التجريبية
د, طاهر تونسي

يخطىء الكثير من قراء التراث العربي عندما يعتقدون ان التراث العربي هو تراث أدبي فلسفي,, ويرون فيه شعرا ونثرا رائعا فيدرسونها منتهين الى نتيجة هي أن العرب أمة أدباء، وليس امة علماء تجريبيين, وقد ساهم مع الأسف محققو التراث في هذا الرأي بكثرة اهتمامهم بتحقيق كتب التراث الأدبي وإهمال تحقيق كتب التراث العلمي التجريبي.
وقد سعد كل عربي بكل تأكيد بالخبر الطيب ألا وهو حصول عالم تجريبي عربي هو الأستاذ الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل في علم تجريبي محققا أمل الأمة في التقدم العلمي التكنولوجي, ان ما حصل لهذا العالم القدير من تكريم مستحق يجعلنا نلمح الى ان الدكتور زويل ما هو إلا حلقة في سلسلة علمية عربية في الكيمياء والفيزياء والطب وغيرها.
ويطيب لنا اسهاما منا في هذه المناسبة أن نلمح الى رائد عربي قديم كرمه الغرب قبل سنوات، ألا وهو الطبيب العربي القديم ابن الجزار رائد طب الأطفال في العالم.
وقد بدأ علم العرب بالطب وفنونه قبل بدء الدعوة الاسلامية، فقد درس نفر من الجاهليين من أهل الحضر ومن البدو أيضا شيئا من الطب في فارس وبلاد الروم وأضافوا ذلك الى خبرتهم بعقاقير بلادهم وكانت لهم براعة في الجراحة وأمراض العين، وأمراض الأسنان وفن التجميل، ومما عرف الجاهليون من الأمراض: الحمى وحمى الغب واليرقان والكباد والقلاب والنملة، كما عرفوا عدداً من أمراض الحيوان كالعضد والجرب, وقد عرف أطباء الجاهلية ان عددا من الأمراض ينتقل بالعدوى بين البشر وبين الحيوان.
وكان أكثر التطبيب في الجاهلية تطبيب وقاية قائم على الحمية وعلى النصائح كنحو قولهم: القديد مهلك لآكله، وقولهم لا تتداو ما احتمل بدنك الداء فإن الدواء لا يصلح شيئا إلا أفسد مثله.
ومن أطباء الجاهلية العرب زهير بن جناب وابن خديم وزينب طبيبة بني أود وقد برعت في مداواة أمراض العين والحارث بن كلدة وابنه النضر وكان تلقى تعليما طبيا في أماكن مختلفة كما ذكر عمر فروخ في كتابه,, تاريخ العلوم عند العرب,, ثم رفيدة إحدى بني اسلم، وأم عطية من أهل المدينة, واتجهت براعة الجاهليين في الطب نحو الجانب التجميلي فقد أصيب أنف عرفجة يوم الكلاب فاتخذ أنفا من فضة وكذلك عالج الجاهليون الأسنان وشدوها بالذهب أحيانا.
وبزغ فجر الدعوة الاسلامية ولم يختلف الطب في صدر الاسلام عما كان عليه في الجاهلية، وقد عاش الحارث بن كلدة ت نحو 13ه وابنه النضر قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 2 ه 624م ورفيدة وأم عطية الانصارية الى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم, وكان الخليفة عثمان بن عفان ممن شدوا أسنانهم بالذهب ثم تطور الطب سريعا حتى بلغ ذروته في العصر العباسي فاشتهر كثير من الأطباء منهم جبرائيل بن بختيشوع ويوحنا بن ماسويه واسحاق بن حنين، ثم تبعهم من زادوا على السابقين من الناقلين بفكرهم وإبداعاتهم من أمثال أبي بكر الرازي وله كتاب الحاوي وهو كتاب ضخم، ومن الأطباء البارعين علي بن العباس المجوسي والزهراوي وابن سينا.
ومن أطباء الإسلام طبيبنا ابن الجزار صاحب كتاب زاد المسافر وقوت الحاضر وغيره من الكتب الطبية العظيمة الفائدة، وابن الجزار واسمه الكامل أبوجعفر أحمد بن ابراهيم بن الجزار, ولد سنة 293ه وتوفي سنة 373ه, وابن الجزار كما ذكر الدكتور سامي حمارنة من أسرة اشتهرت بالطب، فأبوه كان كحالا طبيبا وكذلك كان عمه أبوبكر محمد بن أحمد, وكان ابوجعفر بن الجزار رحمه الله كثير الدرس والحفظ على الهمة جميل الخلق رئيفا محسنا للفقراء وكان من أهل الحفظ والتطلع حسن الفهم للعلوم، وقد أخذ لنفسه مأخذا عجيبا لم يحفظ عنه زلة ولا أخلد الى لذة.
وكان يقضي الصيف في المنستير على شاطىء البحر الأبيض المتوسط وبقية أشهر السنة في مدينة القيروان وكان على باب دار سقيفة أقعد فيها غلاما له أعد بين يديه جميع المعجونات والأشربة والأدوية التي يصنعها لمرضاه بعد معاينتهم ورؤية القوارير الحاوية على بول المرضى وفحصها وبعدئذ كان يرسلهم الى غلامه مع الوصفة ليصرف لهم الدواء الذي يصفه ويأخذ ثمنه منزها الطبيب ان يأخذ من أحد شيئا.
وقد ذكر ابن أبي أصيبعة كثيراً من مؤلفاته ومن ذلك:
1 زاد المسافر وقوت الحاضر, 2 طبيب الفقراء والمساكين.
3 البغية في الأدوية المركبة, 4 سياسة الصبيان وتدبيرهم.
5 كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها.
6 الاعتماد في ذكر الأدوية المفردة.
ومن أهم كتبه زاد المسافر وقوت الحاضر وتوجد مخطوطاته موزعة بين مكتبات الشرق والغرب فيوجد في كل من:
1 المكتبة الوطنية بباريس, 2 مكتبة دردسن بألمانيا.
3 مكتبة كوبنهاجن, 4 مكتبة الخزانة العامة بالرباط.
5 مكتبة الجزائر,
6 مكتبة اكسفورد.
ويقسم ابن الجزار كتابه الى مقالات سبع حسب الأداء التي تعرض في أعضاء الجسم عضوا عضوا من أعلى الرأس الى القدمين.
المقالة الأولى: في العلل التي تعرض في الرأس.
المقالة الثانية: في الأدواء التي تعرض في الوجه.
المقالة الثالثة: في الأدواء التي تعرض في آلات التنفس.
المقالة الرابعة: في الأدواء التي تعرض في المعدة والأمعاء.
المقالة الخامسة: في الأدواء التي تعرض في الكبد والكلى.
المقالة السادسة: الأدواء التي تعرض في آلات التناسل.
المقالة السابعة: الأدواء التي تعرض في داخل الجلد.
يقول الدكتور عبدالكريم شحادة: إن زاد المسافر موسوعة طبية مختصرة شاملة كتبت بأسلوب سهل شيق، واحتوت على كل ما يحتاج اليه الطبيب وطالب الطب فضلا عمن ليس بطبيب مسافرا كان أو مقيما، وهؤلاء كلهم يجدون في هذا الكتاب الجامع بيسر وسهولة وبلغة مبسطة معلومات مختصرة ولكنها كافية لتذكيرهم سريعا بأعراض الأمراض التي يودون الاطلاع عليها، وعلى أسبابها وعلاماتها وتشخيصها وتفريقها عما ينشأ من الأمراض كما تطلعهم على طرائق معالجتها والأدوية النافعة فيها، فهي والحالة هذه تشبه الكتب الطبية الحديثة المختصرة التي يطلق عليها مسعفات الذاكرة .
نسرد هذه المعلومات عن علم من أعلام الطب العربي ومن يدري لعل القرن الحادي والعشرين يكون القرن الذهبي للثقافة التكنولوجية العربية؟


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved