عزيزتي الجزيرة
لقد تطور كل شيء في المملكة وأصبحت بلادنا ولله الحمد تنافس معظم بلاد العالم في التقدم والرقي وذلك بفضل الله ثم بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجتها حكومتنا الرشيدة التي وفرت للمواطنين فرصاً استثمارية كثيرة ومنحت القروض والأراضي لإقامة المنشآت المختلفة عليها فضلاً عن انتشار التعليم العام والجامعي والمهني أفقياً ورأسياً والذي شمل عموم مناطق ومحافظات المملكة باعتباره العمود الفقري الذي ترتكز التنمية على مخرجاته,, وقد تجاوزت هذه النهضة الحضارية المباركة كل التوقعات والتي روعي في خططها الطموحة الاستفادة من التكنولوجيا بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية واكتفت معظم مجالات العمل في القطاع الحكومي من الخريجين إن لم يكن كلها في زمن قياسي,, واتجهت نسبة كبيرة من هؤلاء الخريجين للبحث عن العمل في القطاع الأهلي مما دفع الجهات المختصة الى دراسة حاجة سوق العمل لغرض تأهيل ابن الوطن وذلك بالتعاون مع الغرف التجارية ومراكز التدريب التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لتلبية حاجة القطاع الخاص من القوى العاملة الوطنية المدربة بهدف ايجاد فرص عمل للشباب السعودي لإحلالهم محل الأيدي العاملة الوافدة لكي يحتل المواطن السعودي مكانه الصحيح في الشركات والمؤسسات الأهلية,, اذ إن تحقيق ذلك يدعم الاقتصاد الوطني,, فضلاً عن الحد من الحوالات بالعملات الصعبة لبلدان تلك العمالة الوافدة,, بعد هذه المقدمة أعود للموضوع الذي أنا بصدد الكلام عنه وأقول أما آن الأوان لاستثمار خريجات مراكز التفصيل والخياطة النسائية التي أنشأتها الرئاسة العامة لتعليم البنات عام 93/1394ه واهتمت بها وأوجدت لها ادارة تشرف عليها ارتقت بها إلى وكالة مساعدة للاعداد والتطوير المهني بعد تعدد هذه المراكز والتي بلغ عدد خريجاتها حسب احصائية عام 18/1419ه 10586 عشرة آلاف وخمسمائة وست وثمانين متدربة في مجال التفصيل والخياطة بالاضافة لخريجات المعاهد الثانوية المهنية وكليات الاقتصاد المنزلي ,, والتساؤل الذي يتبادر إلى الذهن ويطرح نفسه هل تم استثمار هؤلاء الخريجات؟ وهل الجهات ذات العلاقة بالقوى العاملة قامت فعلاً بدراسة مجالات عمل لهن أسوة بأشقائهن الشباب؟,, لقد آن الأوان لبحث مجالات عمل لهن والذي لا يقتصر تحقيقه على ايجاد العمل المناسب لهن فحسب بل تحقيقه سوف يساعد على الاستغناء عن استقدام خياطي النساء الذين تنتشر محلاتهم في كل مكان,, وفضلاً عن ذلك فان من اللافت للنظر في الآونة الأخيرة انتشار المشاغل النسائية التي تملكها مواطنات ويعمل بها خياطات أجنبيات!! هذا الاتجاه لا يعدو أن يكون وجهاً آخر لعملة واحدة مما يتطلب وبصورة ملحة قيام الجهات المختصة مع القطاع الخاص لبحث انشاء مصانع نسائية للتفصيل والخياطة وملابس الأطفال والنسيج وتمنح لها القروض والمميزات من صناديق الاقتراض الصناعية أسوة بالمشروعات الصناعية الأخرى لكي تلبي هذه المصانع الاحتياجات الفردية ومتطلبات السوق وتوفر فرص العمل لهؤلاء المواطنات بها وذلك بتعيينهن على وظائف تصنف حسب نوع العمل وتتولى ادارة هذه المصانع عناصر نسائية من خريجات كليات الاقتصاد المنزلي والمعاهد الثانوية المهنية التي تخرج متخصصات في هذا المجال والتنسيق مع الرئاسة العامة لتعليم البنات بتطوير مقررات ومناهج المراكز والمعاهد المهنية بما يوفر لهذه المصانع الكوادر التي تحتاجها كلما تطلب الأمر ذلك كما تتم الاستعانة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ممثلة في الجمعيات النسائية بالاضافة للرئاسة للاستفادة من خبرة هذه الجهات في مجال الادارة النسائية بما يتفق من حيث الشكل والمضمون مع واقع المرأة المسلمة ويحفظ لها حشمتها وكرامتها في اطار العقيدة الإسلامية وعادات وقيم مجتمعنا المسلم المحافظ على أن يقتصر من تدعو الحاجة له من الرجال في الأمور التي تتعلق بالاتصال بالجهات التي ستتعامل معها هذه المصانع وفق تنظيم وضوابط دقيقة تضمن عدم الاختلاط,, واذا ما توفر ذلك فإن الاقبال على العمل بها من قبل المذكورات سيكون شديداً وسيتحقق من ذلك ان شاء الله استثمار هذه الطاقات النسائية المدربة المهدرة عدا نسبة قليلة منهن تعمل في بعض الجمعيات النسائية أو في مشاغل خاصة فيما يعود عليهن وعلى أسرهن وعلى المجتمع واقتصاد البلد بالفائدة الكبيرة من ناحية ومن ناحية أخرى توجد مصانع منتجة بأيد وطنية ذات جدوى اقتصادية,, كما أن ذلك سيحد من استقدام العمالة الأجنبية في هذا المجال,, ولاشك أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تشجع وتدعم كل عمل وطني يعود بالمصلحة العامة على الوطن والمواطن,, لقد كنت متردداً في الكتابة عن هذا الموضوع لأنني سبق ان كتبت عنه قبل عدة سنوات طرحت فيها بعض الآراء والمقترحات ولكن الوضع اليوم تغير بعد مرحلة الطفرة فما كان بعض الناس يعزفون عنه بالأمس في هذا المجال أصبح اليوم مطلباً مقبولاً ان لم يكن ملحاً لا سيما الأعمال المهنية التي صار غالبية الناس يدركون قيمتها ويقبلون عليها ويدركون معنى المثل القائل صنعة في اليد أمان من الفقر .
آمل أن تقوم الجهات المختصة بدراسة هذا الموضوع مع القطاع الخاص وان نراه قد نفذ على أرض الواقع في القريب العاجل, وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح في خدمة هذا الوطن الغالي والله من وراء القصد.
سعد بن محمد المعمري