حادث الحريق المحدود الذي حصل في كلية التربية للبنات بمدينة الرياض الأسبوع الماضي أثار في نفسي كثيرا من الخواطر والمشاهدات كما انه تسبب في ابراز مظاهر سلوكية ودلل على مستوى الامكانيات التي نملكها في عقولنا الباطنة, في البداية أود أن أشير الى ذلك التصرف الذكي والسريع من قبل عميدة الكلية حيث بادرت الى فصل التيار الكهربائي عن سائر أرجاء الكلية ولا أنسى الدور الرائد لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودور رجال الدفاع المدني.
وتقدير جهود الناس أمر جميل وخلاق لأننا مطالبون شرعا ان نقول للمحسن أحسنت وبمكافأة الحريص على اتقان عمله، ولكننا أيضا نحتاج ان نتعلم من هذا الحادث أشياء كثيرة حتى تتخذ الاجراءات المطلوبة في أوقات الكوارث عافانا الله وإياكم منها حماية لأرواح بناتنا وكذلك صيانة للممتلكات, وهذا الكلام ليس خاصا بالرئاسة العامة لتعليم البنات بل هو موجه أيضا لوزارة المعارف ولكل الجهات الحكومية والأهلية.
حالما وقع الحريق أصاب الذعر بعض الطالبات وأطلقن الصيحات العالية مما تسبب بدوره في اشاعة جو من الرعب داخل الكلية، كما تدافعن على الأبواب وخرجن بصورة هستيرية، وتسبب الحريق أيضا في تلفيات سوف تحتاج الى صرف أموال لاصلاحها وغير ذلك، وأورد فيما يلي بعض الاقتراحات عسى الله ان ينفع بها.
أولا: تحتاج بناتنا وكذلك أبناؤنا الى جرعات تربوية إيمانية تقوي قلوبهم، وتعلمهم الشجاعة عند المواقف الصعبة، كما يحتاجون الى التربية على التضحية والتأني, كما يحتاجون الى ضبط معيار الخوف لديهم حتى لا يتعدى وضعه الطبيعي، ان التربية التي تتلقاها البنت في الغالب وكذلك الولد لا تصنع منهما رموز عزة، ولا تعلمهما الا الميوعة والترف وتميت الغيرة في قلبيهما عبر ما يشاهدانه ويقرآنه ويسمعانه, واذا كان هناك من يتساءل ولماذا يحصل هذا ونحن نتوفر على مناهج تعليم فيها قدر طيب من التوجيهات الايمانية والتربوية؟
فأقول ان مناهج التعليم ليست إلا ركنا واحدا، ومهما كان قويا فانه لا يستطيع تحمل العبء ما لم تكن كل الأركان من مربين واعلام ومجتمع وأسرة ومشهد ثقافي على الدرجة ذاتها من القوة، فالسيف في اليد الضعيفة لا قيمة له, وهنا أطرح مجددا ضرورة ان يكون هناك تنسيق بين المربين والاعلاميين للخروج بتوصيات تساهم في النهضة بالوعي العام.
ثانيا: أبانت هذه الحادثة الحاجة الماسة الى التدريب على مواجهة الأحداث والاسعافات الأولية, فما المانع ان تنسق دورات في الاسعافات الأولية تقوم بها ممرضات لمدارس البنات وممرضون لمدارس البنين وتكون على مدار السنة وفق جدول زمني محدد ويكون الحضور إلزاميا ولا تمنح شهادة التخرج الا بتقديم ما يثبت حضور الطالب او الطالبة لهذه الدورات، وكذلك توضح دورات المواجهة هذه الأحداث وتعطي تعليمات مكتوبة يطلع عليها الطالب والطالبة من حين لآخر، وهذا من شأنه ترسيخ المعلومة وكم وكم اتمنى ان تدخل هذه الدورات ضمن خطة الأنشطة في جميع المرافق التعليمية, ان هذا من الأسباب التي أمرنا بها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم انما الصبر عند الصدمة الأولى فالصابر استوعب فضيلة الصبر فكريا واستقرت في وجدانه حتى اذا حصل المقدور وجدته قد تذكر على الفور فضيلة الصبر وعاقبته الحميدة, ان التربية الايمانية هي ما نحتاجه كمجتمع وليس مجرد أقوال نرددها في غفلة عن التأثير العملي لها على أرض الواقع, وأكمل المؤمنين إيمانا هو أقواهم قلبا وأكثرهم شجاعة, كان الرسول صلى الله عليه وسلم دائما في المقدمة أثناء المعارك وعند الرجوع يكون موقعه آخر الجيش في تعليم فعلي لامه.
ثالثا: لابد من جهة واحدة تكون مصدرا للمعلومات بدلا من الوقوع ضحية للاشاعات التي تضخم الأمر الهين أو تسهل الأمر الخطير، أو تنقل أخبارا غير صحيحة.
رابعا: لابد من مراجعة شاملة لاجراءات السلامة في مدارس البنين والبنات الحكومية والأهلية والتأكد من وجود الأسباب التي تؤدي بإذن الله الى التعامل المناسب في حالات الطوارىء.
هذه بعض الخواطر السريعة حول هذا الموضوع وليس عيبا ان نلدغ من الجحر مرة بل المصيبة ان نلدغ مرات ومرات.
د, رقية بنت محمد المحارب