عزيزتي الجزيرة,.
تحية وبعد,.
فقد قال قيس بن الملوّح مجنون ليلى ,.
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا |
فقد قرأت في عدد سابق من جريدتنا الكبرى الجزيرة قصيدة بعنوان النقد والابداع انت امامه للاستاذ الشاعر سليمان بن عبدالعزيز الشريف، وهو بالمناسبة زميل لي عملت وإياه مدرّسين في مدرسة حزم الشميسي الابتدائية في التاريخ الغابر قبل اربعين عاما واظن المدرسة تسمى اليوم المأمون ، وقصيدته هذه تحية للدكتور الناقد الغذامي، والى الصديقين الشاعرين عبدالرحمن السماعيل والاستاذ احمد بن صالح الصالح السابقين الى المكارم دائما -كما قال-
وعلى ذلك فهي القصيدة اهداء بالجملة.
قلت: وان تعجب فعجب ان يمدح الناس ناقدا، ولعله لو تناول شعرهم بنقده لكان لهم رأي آخر.
وهذه تعليقات خفيفة على القصيدة.
العنوان: النقد والابداع انت امامه امام ايهما النقد ام الابداع؟
والأصح: انت امامهما والقصيدة لها نموذج مشهور لأبي الطيب مطلعه:
باد هواك صبرت ام لم تصبرا وبكاك ان لم يجر دمعك او جرى اسرج حصانك وانطلق نحو الذرا يا فارسا للمكرمات مشمّرا |
واسراج الحصان للانطلاق ليس نحو الذرا والمرتفعات، فالحصان ليس صالحا وانما يصلح الحصان للسهول المنبسطة أما المرتفعات فلها غير الحصان.
يا فارسا للمكرمات هذا يسمونه منادى شبيه بالمضاف وهو منصوب.
* انت المجلي في مجالك مفردا من رام شأوك في الطريق تعثرا |
وهل هذه النتيجة محصلة احصائية دقيقة؟ وهل من رام شأو الدكتور الغذامي يتعثر فقط وينهض ليصل ام يطيح ولا تقوم له قائمة؟
النقد والابداع أنت امامه كم من معجب ذكر الإله وكبرا |
وفي ذهني بيت شوقي:
,,, انت امامهم
لولا دعاوى القوم والغلواء
ومعجب هذا ذكر الاله خشية الحسد، وكبر اعجابا او خشية الحسد على طريقة اخواننا المصريين
كم من معارك خضتها فكسبتها وخرجت بالنصر المبين مؤزرا |
اظن كسبتها تغني عن الشطر الثاني كله.
واعدت للنقد الاصيل كيانه واقمته لما كبا وتقهقرا |
نود منك شرحا لهذا الكيان العائد ثم هل كبا على وجهه ام تقهقر؟ وبالمناسبة هناك جملة مشهورة تقرأ من الاول للآخر ومن الآخر للاول وهي سر فلا كبا بك الفرس .
واذا الجوائز حان وقت قطافها فلأنت قاطفها وكنت الاجدرا |
وهناك نموذجان اذكرهما لدى قراءة هذا البيت: الاول البيت المعروف :
واذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن امان |
والثاني خطبة الحجاج: اني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها,.
ثم حكمتك القافية في قولك : وكنت الاجدرا بدل انت الاجدر .
شرّفت اقدار الجوائز عندما رفضت الى من رامها ان تنظرا |
معنى قديم وكنت انا مدحت شخصا لحاجة لي عنده قضى نصفها اليسير ومنع نصفها العسير.
ومنها بيتان بهذا المعنى:
وقد يغرُّ اناسا
مناصب وكراسي
لكن,,,, (اسم الممدوح مع جملة من مفردات المدح)
به تباهى الكراسي وليس بالانعكاس
وأتتك في خفر يضوع اريجها وتميس كالغصن الرطيب تكسرا |
رحم الله ابا العتاهية حيث قال:
اتته الخلافة منقادة اليه تجرر اذيالها |
ورحم الله ابن الرومي:
قد يشيب الفتى وليس عجيبا ان يرى النور في القضيب الرطيب وقفت امامك في دلال آسر فأسرتها ولقد ابت ان تؤسرا |
اولا في البيت ثلاثة أواسر: آسر، أسرتها، ان تؤسرا وهذا تكرار لا داعي له ولغتنا الجميلة مملوءة بالمترادفات.
ثانيا: كيف ابت ان تؤسر وهي جوائز سنوية تؤسر كل سنة.
أتراك بالغزل الرقيق ملكتها ام انها غرمتك شيئا اكبرا |
اقول لعله ملكها بكرمه
اذا انت اكرمت الكريم ملكته وان انت اكرمت اللئيم تمردا |
ثانيا: شيئا اكبرا: اكبر ممّ؟ غموض,,.
عرفتك طودا شامخا في فنه جم التواضع لم تكن متكبرا |
والطود الشامخ لا يناسب التواضع جم التواضع لم تكن متكبرا زيت وماء = ماء وزيتا
ثالثا: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر.
دنيا الثقافة قد وردت نميرها نهلا وعلا صافيا ما كدّرا |
صافيا ما كدرا كسابقه متواضع لم يتكبر
وأذكر عمرو بن كلثوم:
ونشرب ان وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا |
*
فأفضت مماقد جنيت فوائدا بقيت لمن عشق الثقافة مصدرا |
على فكرة الثقافة تشمل كل علم وادب وليس الآداب فقط، فالمثقف يعرف عن كل ما يسأل عنه على قدره .
وأظن ما أفاض الدكتور الغذامي مصدر للنقد الادبي فقط.
وحفظت للذوق الرفيع مكانه وحميته من ان يهان ويحقرا |
هذا يحتاج الى شرح مفصل، ومن الذي يريد ان يحقر ويهين الذوق الرفيع؟ واظن يُحَقَّر اصح من يُحقَر.
وسلكت بالابداع دربا قاصدا لا أمت فيه ولا التواء ولا مرا |
لا أمت ولا التواء = لاعوج، ولا مرا = لامراء لاشك,.
هل اتفق الجميع معك على هذا الرأي؟
ثم ان النقد تابع للابداع يعيش عليه وليس العكس,.
فإليك مني ألف ألف تحية واليوم حق لنا بكم أن نفخرا |
ألف ألف= مليون، ولو أردت ان تكتبها ولنفرض في كل سطر عشر تحيات ففي الصفحة 20 سطراً = 200 تحية وعلى ذلك 1000000 على 200 يساوي مجلدا فيه 500 صفحة، واذا اردت ان تسجلها في الكمبيوتر فتحتاج الى (Hard disk).
لو كل تحية بهللة لكلفتك 10000 ريال ما رأيك بالمبالغة عندما تحولها الى واقع.
اخيرا اليوم حق لك ان تفخر، ولو لم يأخذ الجائزة ألا يحق له ان يُفخر به.
وتحية لاخي ابي شادي الذي قد زفّ تهنئة اليك مبكرا |
ونحن نهدي تحية مثلها لأخيك ابي شادي، ولكن من الأفضل ان تخاطبه بالشعر الذي يعبر الآفاق عبر الجزيرة باسمه، اما الدلال والمجاملات والتكنية فبينك وبينه.
وهو زف التهنئة مبكرا وانت زففتها متأخرا لعلك مشغول:
وقال كل خليل كنت اعرفه لا الهينك اني عنك مشغول والحمد لله ان تداركت نفسك. * بقصيدة عصماء يقصر دونها قولي وان حاكيتها متأثرا |
الاعتراف بالحق فضيلة، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
وهمسة في اذنك :
هل حاكيتها متأثرا أم قلدتها حذو القذة بالقذة؟
وتلاه في هذا المقام مسافر فأجاد فيما قاله واستأثرا |
وهذا نقدنا القديم: اجاد وأحسن، ثم بم استأثر؟
وقرأت ابداعيهما مترنما فوجدت كل الصيد في جوف الفرا |
لعلك لحنت القصيدتين فلا ترنم بلا لحن,, واذا كان كل الصيد في جوف الفراء فماذا بقي لك، ولمَ قلت ما قلت؟
واتيت بعدهما فقصّر منطقي وكذا يقصّر من أتى متأخرا |
والافضل الا تتأخر حتى لا يعاقبك المدير, ثم اذكرك بالحديث الشريف: لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله وهذا في التأخر عن الصلاة.
ولقد خشيت بأن ترد قصيدتي ويقال لي اخرتها لن تنشرا |
ولكن الله سلّم، فقد نشروها ثم ما رأيك بالشاهد النحوي لعنترة:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تقم للحرب قائمة على ابني ضمضم الشاتمي عرضي ولم اشتمهما والناذرين اذا لقيتهما دمي |
شاهد على عمل اسم الفاعل .
لكنما أهل الجزيرة اخوتي سمحوا وقالوا اصح ان تتكررا |
وعهدنا بأهل الجزيرة الصحيفة السماح والصفح والكرم وسعة الصدر، وعندما قالوا: اصح ان تتكررا لعلك أجبتهم على طريقة تلاميذك آخر مرة يا أستاذ
وأريد بعد بأن ايمم وجهتي لأخي ابي شادي أقول مذكرا |
ماذا ستقول؟
فلقد قرأت له كلاما هزني وأزال عن عيني لذات الكرى |
اذا هزك فهو يستحق ان يقال له شعر:
اذا الشعر لم يهززك حين سماعه فليس حريا ان يقال له شعر |
واذا هزك فلمَ منع عنك الكرى؟
وانا أعرف ثلاثة لا ينامون البردان والجائع والخائف .
فاثبت فسيف الحق يعلو دائما لا يمنعنك كيدهم ان تصبرا |
قال شوقي:
بسيفك يعلو الحق والحق اغلب وينصر دين الله ايان تضرب |
ثم عليه ان يقابل كيدهم بكيد أشد، لا ان يصبر عليه,.
ان الثبات على المبادىء قوة ما دام دربك للحقيقة نيرا |
حكمة معروفة ,.
كم من دعيّ قد تقاصر خطوه وعن الأصائل في السباق تأخرا |
والخيل الأصايل تجود في الآخر، وتترك لغيرها السبق أولا ثم تجعلها خلفها,.
فتلاحقت من عجزه انفاسه وتنكب الدرب الطويل وأدبرا |
انصحه ان يحمل معه بخّاخ الربو لا رده الله .
والغث مهما حاولوا إسعافه لابد يوما ان يموت ويقبرا |
أولا في هذا البيت اثر البيئة على الشاعر، فقرب مدرسته القديمة من مستشفى الشميسي ذكره بالاسعاف.
ثانيا: الكل سيموت ويقبر، الغث والسمين.
انا لم أكن وحدي لهجرك رافضا فمسافر قبلي كذلك انكرا |
وأنا معكما أدعوه للعودة, وعلى فكرة فالشعر لا يهجر فهو مثل القضاء المستعجل يقيمك من نومك او يوقفك عن سيرك وحتى عن طعامك.
فسترى وتسمع من يؤيد قولنا ولقد يكون ملامه لك اكثرا |
قال جرير:
اقلي اللوم عاذل والعتابن وقولي ان اصبت لقد اصابن |
أما قد قبل المضارع فقد تأتي كما هي قبل الماضي للتحقيق قال الله تعالى: قد يعلم الله المعوقين,, الآية .
عن تركه قول القصائد بعدما ساءت بمخبرها وساءت مظهرا |
عرفت لماذا ذهب عنك الكرى خوفا على ضياع شعر ابي شادي.
يا أخي هو حر يقول أو يترك.
عفوا أبا شادي فما قررته من هجركم للشعر لن يتقررا |
*
هذا أوان ثباتكم في ساحة كي تمنع التزييف ان يتجذرا |
والزائف لا يتجذر قال تعالى: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
وتذود عن حوض الأصيل مدافعا ومنافحا ومكافحا ومحررا |
مترادفات وانا معك موافق .
فلأنت هذا اليوم من أبطاله حاشا وفاءك ان تكون مقصرا |
لا سمح الله .
فاذا تقاعس مثلكم عن نصره جمع الدخيل شتاته واستنسرا |
أولا: لا يسمعك الدخيل فيغضب .
ثانيا: الذي يستنسر هو البغاث وليس الدخيل الا تعرف المثل المشهور: ان البغاث بأرضنا يستنسر .
متربصا فاذا أتيحت فرصة وخلت له الأجواء باض وأصفرا |
والصحيح وَصَفَر والشاهد: خلا لك الجو فبيضي واصفري .
قال الشاعر:
وضعيفة فإذا أصابت فرصة قتلت كذلك فرصة الضعفاء |
*
واذا الديار بها تهاون أهلها عبث الدخيل بها وعاث ودمرا |
كنت حذرتك ان يسمعك الدخيل .
*
فلترجعن ان الرجوع فضيلة وعليك مما قلت ان تستغفرا |
فاذا رجع فبها ونعمت وان لم يرجع فعليك كفارة : اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فان لم تجد فصيام ثلاثة أيام وذلك لأنك أقسمت عليه ليرجعن وهذه نون التوكيد الخفيفة.
وأما هو فان كان أقسم فعليه مثل ما عليك ولا يكفي الاستغفار.
*
وعسى العواقب ان تكون حميدة ولدى الصباح سيحمد القوم والسرى |
يكون خير ان شاء الله .
وشكر لجريدة الجزيرة الرحبة وصفحة عزيزتي الجزيرة العذبة ، والشاعر الزميل والقراء الكرام والسلام ختام,.
نزار رفيق بشير - الرياض