أشادوا بدور رابطة العالم الإسلامي وبأهمية ندوة حقوق الإنسان في الإسلام في روما عدد من رؤساء المنظمات والمجالس والمراكز الإسلامية لـ الجزيرة الإسلام سباق لإقرار حقوق الإنسان وجعلها من الواجبات الشرعية |
* كتب سلمان العمري
يعاني الاسلام في هذا العصر من هجمات شرسة ضد مبادئه وتعاليمه ويقود هذه الهجمات منظمات ومؤسسات عديدة سياسية واجتماعية ودينية مستخدمين في ذلك كافة الوسائل والادوات المتوافرة لديهم خصوصاً (الآلة الاعلامية الضخمة) بكافة وسائطها المتنوعة واستغلال كافة القضايا ومنها قضية (حقوق الانسان) التي اصبحت شماعة تعلق عليه كل المساوىء، وقضية ترفع امام كل دولة وجماعة واخيرا استخدمت للهجوم على الاسلام.
وتلك القضية المهمة (حقوق الانسان في الاسلام) من القضايا المهمة التي تثار في الغرب ما بين فترة واخرى مستغلين اية حادثة عرضية او مشكلة جزئية لصياغتها وفق اساليبهم وطرقهم الماكرة وقد احسنت رابطة العالم الاسلامي صنعا بتنظيم ندوة حول (حقوق الانسان في الاسلام) تبدأ هذا اليوم وتستمر عدة ايام في المركز الثقافي الاسلامي في روما.
ولأهمية تلك الندوة التقت (الجزيرة) مع عدد من العلماء والمختصين العاملين في المراكز الاسلامية ليتحدثوا عن هذا الموضوع والدور الذي ينبغي ان تقوم به المراكز الاسلامية ومراكز البحث الاسلامية في دول الغرب والبلدان الاسلامية تجاه هذه القضية والدفاع عن الاسلام وما يثار حوله من شبهات.
دحض الأباطيل وخصوم الإنسانية!
يقول معالي الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة: ان من العلامات الدالة على نمو الوعي الاسلامي وتزايد الاهتمام على الصعيد الاسلامي بالقضايا الانسانية التي ذات الطبيعة الدولية العناية التي توليها بعض الجهات الاسلامية في العالم الاسلامي لبيان مواقف الاسلام وشرح احكامه ومبادئه من العديد من القضايا المهمة ومنها قضية حقوق الانسان ولقد أحسنت رابطة العالم الاسلامي صنعا وكالعهد بها دائما حين اختارت ان يكون موضوع الندوة الدولية التي ستنظمها في المركز الثقافي الاسلامي في روما هو حقوق الانسان في الاسلام ذلك لأن هذا الموضوع هو من الاهمية بمكان بحكم انه من الموضوعات المرتبطة اساسا بحاضر العالم الاسلامي وبمستقبله وبسمعة البلدان الاسلامية خصوصا وان موضوع حقوق الانسان تتخذ منه بعض الجهات مطية لبلوغ اغراض ليست بريئة وبعيدة عن الحق والانصاف والموضوعية بقدر ما تستخدم اطراف اخرى هذا الموضوع وسيلة لتشويه صورة الاسلام وللتعريض ببعض المجتمعات الاسلامية وللإساءة الى الانسان المسلم بصورة عامة.
واستطرد د, التويجري بقوله: ان تبيان احكام الاسلام في القضايا والمسائل ذات العلاقة المباشرة بالمجتمعات الانسانية في حياتها العامة هو من صميم العمل الاسلامي في حقوله المهتمة بالدعوة والتوجيه والنصح وبالرد على الشبهات التي تروج حول الاسلام عقيدة وشريعة وثقافة وحضارة ولذلك فإنني اقدر لرابطة العالم الاسلامي اهتمامها بهذا الموضوع خصوصا وان هذه الندوة ستعقد في روما وهي احدى العواصم العالمية الكبرى التي يهمنا بصفتنا مسلمين ان نبين للعالم كله انطلاقا منها حقائق الاسلام وندحض اباطيل خصومه الذين هم في حقيقة الامر خصوم الانسانية والحقيقة الموضوعية المجردة.
وقال ان المراكز الثقافية والمجالس الاسلامية ومراكز البحث التي تعمل في الغرب والتي تعنى بالاسلام مدعوة اليوم واكثر من اي وقت مضى الى ايلاء هذه القضايا الاهتمام الذي تستحقه بحكم ان هذه المراكز والمجالس هي واجهات للثقافة الاسلامية ومنابر للدعوة الى الاسلام بالحكمة وبالموعظة الحسنة، لأن الاسلام في هذا العصر كما هو في كل عصر في حاجة الى منابر عالمية رفيعة المستوى للتعريف به ولتبصير العالم برسالته الانسانية الخالدة.
فمن خلال هذه الندوات المنظمة بصورة جيدة نستطيع ان نقدم صورة الاسلام الحق الى المجتمع الدولي وان نؤكد للعالم كله ان الاسلام كفل جميع الحقوق لكل انسان يعيش على وجه هذه البسيطة وان الاسلام كان سباقا بحكم انه رسالة سماوية من رب العالمين الى اقرار حقوق الانسان وكفالتها وتأمينها وجعلها من الواجبات الشريعة ومن الضرورات الحياتية.
أهمية المكان والزمان
وتناول الدكتور صالح بن محمد السنيدي رئيس المركز الثقافي الاسلامي في مدريد اهمية الندوة من حيث الزمان والمكان قائلا: تكمن اهمية هذه الندوة في توقيتها اولا وفي مكان انعقادها ثانيا فعلى صعيد التوقيت اعلنت الامم المتحدة ان العام القادم هو عام الاحتفال بحقوق الانسان (؟) لذا فإن مشاركة العالم باحتفالاته من قبل رابطة العالم الاسلامي تعتبر مبادرة جيدة لابراز اهتمام الاسلام بالانسان وحفظ حقوقه وكرامته اما المكان فنعرف ان روما هي قلب العالم النصراني ومأوى افئدته واقامة ندوة بهذا الحجم والمستوى تعطيها بعدا انسانيا واستقطابا اعلاميا.
اما الاهمية الاخرى التي تمثلها مثل هذه الندوة في موضوعها الذي هو مدار اهتمام الاعلام الغربي ونعته للاسلام والمسلمين بالتخلف وانتهاكات حقوق الانسان واسقاط التصرفات الفردية الشاذة على المجموع من خلال تصرفات محدودة تجري هنا وهناك يقوم بها افراد يمثلون انفسهم واسقاطاتهم النفسية من خلال المراكز والمسؤولية التي انيطت بهم فالمطلوب من هذه الندوة ان تبرز جانب الحماية التي يتمتع بها الفرد سواء في اعتقاده، او ممتلكاته او حتى افكاره وأطروحاته التي لا تخرج عن نطاق المألوف وما يؤمن به مجتمعه من مسلمات واساسيات فهو حق كفله له الاسلام كما ان جانب المرأة وحقوقها المهضومة مشجب طالما علق عليه الناقدون للاسلام والمسلمين فحبذا لو ان هذا الموضوع اعطي حقه من التغطية بما يتناسب ومن سيوجه اليهم الخطاب فهي لدينا ام واخت وبنت نحرص عليها ونحميها ونقدرها بينما هي في الغرب اصبحت صديقة وحبيبة ومظهراً جمالياً يتسلى بها وهي مكرمة معززة طالما امتلكت مقومات الاعجاب والاغراء مهملة منسية اذا تجاوزت هذه المرحلة.
ومضى د, االسنيدي في حديثه موضحا جانباً له اهميته ومكانته في الاسلام والمجتمعات الاسلامية ما زالت تحافظ عليه وتهتم به وهو ما يتعلق بحماية ورعاية المسنين ونقصد بهم الآباء والامهات ومن في حكمهم حيث يظلون محط اهتمام وعناية ذويهم حتى يتوفاهم الله بينما في الغرب اضحى وقع الحياة، وماديتها تدفع الفرد الى التخلي عن هذه الجوانب الانسانية المهمة لذا انتشرت دور رعاية المسنين وتكاثرت واصبحت تجارة رابحة ومثلها ما يتعلق بما بعد الوفاة من توابيت وقبور ونحوها فاصبح الفرد يحاول جاهدا تأمينها بأقساط يدفعها وهو حي حتى لا يكون مصيره الحرق بعد وفاته خصوصا اذا لم يكن من اصحاب الغنى.
التفكك الاسري وحقوق الاطفال وتشغيل القصّر في اعمال فوق طاقتهم هي الاخرى تحتاج الى وقفات الباحثين والدارسين وذوي الاختصاص وحق المرأة المطلقة التي تعطيها القوانين الغربية حقوقا كثيرة من ضمنها حضانة الاولاد ونصف ثروة الرجل او نصيباً معلوماً يفرض على الرجل فكيف يتعامل الاسلام مع هذا الوضع الذي اصبح يشكل هماً اجتماعياً لدى الرجل الغربي مما خلق فجوة على صعيد الاسرة والانجاب خصوصا وقد توفرت سبل اشباع الغريزة الجنسية وقلت الضوابط الدينية والاخلاقية فلماذا التورط في مشاكل الاسرة ومن يضمن حياة سلسة مع شريكة الحياة المرتقبة؟
وطالب د, السنيدي ان يتم طرح الندوة بلغة الحقائق والوقائع والبراهين بعيدا عن طنين العاطفة والارتجال والسرد الممل وعلينا ان نعرض مالدينا بلغة العصر ومنطقه اذا اردنا لندوتنا هذه قبولا وتفهما لدى الطرف الآخر واعتقد جازما ان الرابطة بما لديها من تجربة ومؤهلات قادرة ان تجعل من هذه الندوة منبرا اعلاميا لمثل الاسلام وقيمه في هذا الجانب وفي نفس الوقت ملتقى للمهتمين بمثل هذا الموضوع والباحثين عن حقيقة ما يدعو اليه الاسلام في هذا المجال وكواحد يعمل في الغرب ويتعامل مع قضايا الانسان المتعددة فإن هذا الموضوع بتشعباته يشكل محورا أساسيا في اهتمامات المثقف الغربي واعلامياته المتعددة المقروءة منها والمرئية والمسموعة وهو الذي سيتوجه اليه الخطاب في هذا الملتقى.
الخطر على الكلاب والسود!!
وأبان الاستاذ صلاح الدين الجعفراوي رئيس المجلس الاسلامي في المانيا دور رابطة العالم الاسلامي والمراكز الاسلامية في الغرب تجاه هذه القضية مستعرضا ما كفله الانسان من حقوق حيث قال: لقد دأبت رابطة العالم الاسلامي خلال المرحلة الاخيرة على انتقاء بعض المواضيع والقضايا المهمة لمناقشتها ومعالجتها خصوصا على ساحة اوروبا,, فمن قضية التربية,, الى مؤتمر التعليم ومراجعة المناهج المدرسية الاوروبية وتنقية ما كتب فيها عن الاسلام والذي عقد في مدينة فينا عاصمة النمسا,, والان تناقش احدى اهم القضايا التي يتشدق بها الغرب وتحاول بعض الجهات غير المنصفة التذرع ببعض التصرفات للنيل من اسلامنا العظيم الذي رعى هذه الحقوق قبل ان يتحدث عنها العالم بمئات السنين,, وأود هنا ان اشكر القائمين على أمر الرابطة وخصوصا معالي الدكتور عبدالله بن صالح العبيد على اختياره ساحة اوروبا لبحث مثل هذه القضايا,, وذلك دليل على الوعي التام بمراكز التأثير في هذا العالم.
واكد الجعفراوي ان الاسلام حفظ حقوق الانسان وسبق جميع العهود والمواثيق وثبت حق الانسان في الحياة والتملك والتعليم والحرية والعمل,, عندما كانت اوروبا تعيش عصور الجهل والتجهيل وكبت الحريات ومحاربة العلم,, تسودها شريعة الغاب وقد ادى الالتزام بهذه الاسس والقوانين الى دخول العديد من الشعوب في دين الاسلام، ومنها شعوب اوروبية كالبوماك والطربس والتاتار والبشناق والالبان,, وغيرهم.
ونادى الاسلام بالمبادىء الاساسية التي كانت وراء نهضة اوروبا في كافة المجالات العلمية والاجتماعية والثقافية لقد نادى الاسلام منذ مئات السنين بالاخوة والعدل والمساواة بين البشر دون النظر الى اللون، او العرق، او الجنس، او الدين,, في الوقت الذي كانت امريكا وإلى وقت قريب تفرق بين الابيض والاسود,, وتحظر دخول بعض الاماكن على الكلاب والسود وفي الوقت التي لاتزال اوروبا والغرب تفرق بين المواطن والاجنبي وبين المسلم وغير المسلم، وان كانت لا تظهر كسياسة رسمية تتبع,, ولكن كروح تسري في جسد العديد من ابناء الشعوب الاوروبية,, والا كيف تفسر: حرق بيوت اللاجئين السياسيين في المانيا والاعتداء على الاطفال وقتل اللاجئة النيجيرية في بلجيكا وقتل بعض الشباب المغاربة في اسبانيا والاعتداء على سائق التاكسي الاسود في امريكا والقاء المواطن الجزائري في النهر بفرنسا.
ولا اريد هنا ان اعدد مثل هذه الجرائم التي تنتهك مبادىء حقوق الانسان,, فالارشيف مليء بمثل هذه الممارسات.
ومضى رئيس المجلس الاسلامي في المانيا في حديثه قائلا: ان عقد مثل هذه الندوة سيكون له اثر كبير وسيعرف الغرب بالمبادىء السامية للاسلام الذي يرعى حقوق الانسان ويحافظ عليها وسيكون نداء للجهات المسؤولة في اوروبا ان تحترم عهودها ومواثيقها فميثاق الامن والتعاون الاوروبي يدعو في احد بنوده على الحفاظ على الهوية الثقافية للاقليات الدينية والعرقية في الوقت الذي لا تعترف فيه معظم دول اوروبا بالدين الاسلامي رغم انه يعتبر الدين الثاني في اوروبا من حيث عدد المنتمين اليه, وقال الجعفراوي ان المجالس والمراكز والمؤسسات الاسلامية في اوروبا تستطيع ان تترجم قرارات وتوصيات هذا المؤتمر الى واقع تعيش فيه وتدعو له,, كما يمكن لها ان تخاطب الجهات المسؤولة في الدولة الاوروبية لتعرفهم بهذه المبادىء السامية وتدعوهم لاتخاذ مواقف قوية مشرفة في علاج القضايا الانسانية التي تمس حقوق الانسان في داخل اوروبا وفي خارجها كما يحدث في الشيشان مثلا من انتهاك صارخ لابسط مبادىء حقوق الانسان التي يدعون اليها.
المحاضرات والندوات والحلقات!
وأوضح الدكتور جمال الدين محمود عضو مجمع البحوث الاسلامية بالازهر الدور المنوط بالمراكز الاسلامية في الخارج اضافة الى مراكز البحث المعنية بالشؤون الاسلامية في نشر حقائق الاسلام في هذه القضية قائلا:
ان المراكز الاسلامية تعد حلقة اتصال بين المجتمعات الاسلامية وغيرها من المجتمعات التي تعيش فيها اقليات او جاليات اسلامية فضلا عن دورها في الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمسلمين وينبغي ان تكون هذه المراكز طرفاً في الحوار بين الحضارة الاسلامية والحضارة السائدة عالميا وهي الحضارة الغربية.
وتستطيع المراكز الاسلامية عن طريق المحاضرات العلمية والندوات وحلقات المناقشة والكتب والنشرات ان توضح الحقيقة في قضية حقوق الانسان في الاسلام وأول ما ينبغي توضيحه ان الاسلام يعترف بكل الحقوق الاساسية التي وردت في المواثيق الدولية ويضع ضمانات لتطبيقها والعقاب على انتهاكها ويجب توضيح ان الخلاف يبدو في المفاهيم المتعلقة بهذه الحقوق مثل حق الحرية الفردية بالذات وحرية الفكر والرأي وحقوق المرأة في الاسرة المسلمة.
واكد ان المراكز الاسلامية تستطيع توضيح المفاهيم الاسلامية لهذه الحقوق الاساسية وبيان سلامتها، ونفعها الفردي والاجتماعي والمقارنة بين ما ادت إليه المفاهيم الغربية لهذه الحقوق من فساد خلقي واجتماعي كما يجب توضيح الابعاد الدينية لتلك المفاهيم والخصوصية الاسلامية التي تفرضها في المجتمع الاسلامي واذا حافظت الاقليات الاسلامية على هويتها الثقافية واعتمدت تلك المفاهيم في حياتها الاجتماعية فسوف يكون في ذلك رسالة حضارية لغير المسلمين فالقدوة في السلوك الاجتماعي والحوار بيننا وبين غير المسلمين الملتزم بالحقيقة وأدب الحوار هما افضل الوسائل لبيان حقائق الاسلام وتميزه في قضية حقوق الانسان.
إيضاح الصورة الحقيقية
ويؤكد الاستاذ عبدالله بن حسين البيشي مدير المركز الاسلامي الثقافي ببلجيكا ان الاسلام في المجتمعات غير المسلمة خصوصا في الغرب يعاني من حين لآخر من هجمات شرسة ضد مبائه وتعاليمه وهذه الهجمات يغلفها حقد وعنصرية بغيضان.
هذه الهجمات الحاقدة أفرزتها امور عدة اهمها:
1 الممارسة الخاطئة نتيجة الفهم الخاطىء لهذا الدين العظيم من قبل ابنائه وبالتالي عدم الانضباط في تطبيقه.
2 الفرقة والتناحر بين ابنائه حيث غياب المراجعية التي يحترم ويؤخذ برأيها.
3 الحكم الجائر على الاسلام ومبادئه وتعاليمه من قبل غير المسلمين والمبني على عدم التثبت او المعرفة الحقيقية برؤية علمية منصفة انما هو التحامل الاعمى الذي تسير اهواء ومصالح لأشخاص او فئات جانبوا المنطق والموضوعية في احكامهم.
كل هذه اسباب جعلت من الضروري الاهتمام واخذت المبادرات من حين لآخر لايضاح الصورة الحقيقية للاسلام وطرح بعض القضايا المهمة للرأي العام لرؤية الأمور على حقيقتها.
ومن اهم هذه الامور (حق الانسان) او ما اشار اليه القرآن الكريم في عبارة سامية المعاني الا وهي الكرامة عندما قال عز من قائل: (ولقد كرمنا بني آدم).
هذا قول الله تبارك وتعالى وهو قول حق ولما كان جل وعلا هو من خلق آدم وبنيه كان ادرى بمصلحتهم ولما كان هو جل في علاه ادرى بمصلحتهم فقد وضع لهم المنهج الذي يكفل هذا التكريم مدار هذا المنهج هو كيف يتعامل الانسان مع ربه وكيف يتعامل الانسان مع اخيه الانسان المسلم مع غير المسلم كيف يتعامل مع مجتمعه.
أهمية هذه الندوة لعله يأتي من هذا المنظور الا وهو اظهار هذه الحقيقة التي تقول انما جاءت هذه الشريعة الاسلامية السمحة لتحقق معنى الكرامة لبني آدم.
ان الضرورة ملحة لتبيان حقيقة حقوق الانسان في الاسلام ومقارنته بين حقوق الانسان في الانظمة الاخرى.
ويوضح البيشي ان حقوق الانسان في الاسلام هي من الثوابت العقدية التي لا تقبل التحوير او التغير ويكافأ من يلتزم بها بما يسمى بالثواب ويردع من يتعدى عليها بما يسمى بالعقاب,فاقامة الحدود على سبيل المثال ما هي في الحقيقة سوى حماية لحق الانسان في حياة كريمة يأمن فيها على نفسه وعلى معتقده وعلى عرضه وعلى ماله اذ ان من يريد ان يعتدي عليك فسوف يفكر الف مرة ومرة في عاقبة جرمه قبل ان يقدم على فعلته، اذا فهي تضمن الامن الفردي الذي هو بالتالي ينتج عنه الامن الجماعي.
اما اذا امن العقوبة الرادعة فإن ارتكاب أية حماقة في أي وقت سهل جداً وانظر إلى حال المجتمعات التي تطبق ما تدعيه من انظمة ودساتير وضعية لحقوق الانسان وما يغفلها من فوضى اخلاقية وامنية.
ولو اخذت مثلا آخر هو حق الانسان كأب او ام لرأيت عظمة هذا التشريع في حماية هذا الحق حيث قرن المشرع تبارك وتعالى لهذا الدين الاسلامي حقه في العبادة بحق الوالدين وما يجب ان يعاملا به من بر واحسان وحسن صحبة قال تعالى:
(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً).
إذا هذا حق من حقوق الانسان كأب وأم يدعو اليه التشريع الاسلامي في توجيه وأدب رفيعين الى صورة من صور الترابط الاسري الذي يقوى ويسمو به المجتمع مما ينتج عنه ازدياد في الالفة تبعث على الارتياح والامن في معاملة الانسان للانسان وقس على ذلك اموراً كثيرة تربط الانسان بعلاقة ما مع الانسان الآخر.
وقال مدير المركز الاسلامي ببلجيكا: ان دور المؤسسات الاسلامية ضروري جدا لتناول هذه القضايا الملحة وطرحها بموضوعية واظهار سمو توجيه التشريع الاسلامي وعنايته بالانسان وهناك بحمد الله جهود تبذل من الكثير من المؤسسات الاسلامية لابراز الكثير من الحقائق حول هذه القضية وغيرها ولكن الذي يظهر في الغالب انها جهود تبذل بصور منفردة ويعوزها التنسيق والوحدة خصوصا عندما تعقد مؤتمرات عالمية تتناول قضايا مماثلة.
فعلى سبيل المثال حضرت مؤتمرا في الخامس من شهر مايو 99 في مدينة لاهاي بهولندا عنوانه (مدينة لاهاي تدعو للسلام) وكان عدد المشاركين بالالاف نوقشت فيه مواضيع عدة كان اهمها وابرزها هو انتهاكات حقوق الانسان في بعض المجتمعات وقد حضر كثير من الممثلين من جمعيات اسلامية ولكن غياب التنسيق بينهم جعل كل جمعية في واد ومعظمهم حضروا بصفة مراقب,, الا من بعض المشاركات المتواضعة وقد اسفت كثيرا لغياب الاتحاد الاسلامي اذ انها كانت فرصة طيبة لتقديم ورقة عمل تبرز حقوق الانسان في الاسلام حيث كان الكثير متعطشين للسلام والحياة الآمنة المطمئنة الخالية من العنف والجريمة والامراض والجهل ولا يوجد تشريع يكفل التعامل معها بما يحقق الحياة الآمنة السعيدة للانسان مثل التشريع الاسلامي بفضل الله.
نحتاج لندوات في كل مكان
ويقول الشيخ احمد بن علي الصيفي رئيس مركز الدعوة الاسلامية بأمريكا اللاتينية ان حقوق الانسان في الاسلام له اهمية كبرى وخصوصا عندما تتعلق بمستقبل الانسان وحياته.
والغرب والاعلام الذي يظهر الاسلام والمسلمين بالارهاب والقتل والاعتداء على الاملاك هذا محض افتراءات فتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم للجيوش: (لا تقتلوا شيخا ولا تحرقوا زرعا ولا تقطعوا شجرة).
وما احوجنا الى ندوات في اوروبا والامريكتين في مجال حقوق الانسان ونشكر رابطة العالم الاسلامي على تنظيمها وقيامها بهذه الندوة في بلاد الغرب.
شكراً للرابطة
وقال: محمد البشاري رئيس الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا لاشك ان تنظيم رابطة العالم الاسلامي لندوة (حقوق الانسان في الاسلام) بالمركز الثقافي الاسلامي في روما لهو جهد تشكر عليه الرابطة فهذا الموضوع جدير بالطرح الثقافي وما احوجنا الى باحثين ودراسين لأوضاع المسلمين بأوروبا لاطراء هذا الموضوع والاحاطة به من كل جانب.
وهناك جهات في اوروبا مهتمة بهذا الموضوع من مراكز ومجالس اسلامية ومنها على سبيل المثال مجلس الأئمة بفرنسا.
|
|
|