في تلك الليلة نازعه الأرق على فراشه فخرج وتركه له ليهنأ به خرج قاصداً البحر.
ياله من صدرٍ رحب تلقي اليه بهمومك فتتسابق اليك امواجه الهادرة تختطفها منك تبعثرها تلقي بها بعيداً فلا تعود.
عندما وصل الى البحر لم يكن هائجاً كما عهده بل على العكس تماماً كان هادئاً مسترخياً في احضان الرمال الناعمة,.
خيل اليه انه سمع كلاماً هامساً يشبه الغزل تسر به امواجه الى تلك الرمال, ملأ صدره بهواء البحر العليل ثم استلقى على رمال الشاطىء البارده غمرته موجة صغيرة إلى منتصف ساقيه ثم ارتدت خجلى.
ربماهي لم تعلم بوجوده,.
سبحان الله كل الاشياء الصاخبة تستحيل خلال ساعات الليل الى الهدوء سرح بخياله بعيداً وهو يتأمل نجوم السماء لا يعرف مالذي جعله يتخيل الليل كأنه شيخ وقور متلفح بعباءته السوداء التي تلف الكون.
راح يناجيه وقد تخيله ماثلاً امامه:
آه كم احبك ايها الليل فأنت صديق من لا صديق له.
ترى لماذا نبثك شكوانا انت وليس غيرك؟
لماذا نرمي برؤوسنا المثقلة بالهم والتعب على صدرك الرحب لنبكي طويلاً؟
ربما لعلمنا انه لايرانا سوى خالقنا نستتر برادئك عن اعين المتطفلين.
الكل يشعر بالراحة عندما تأتي حتى هذا البحر عند الصباح كان صاخباً هادراً انظر اليه الان انه يتمدد على هذه الرمال يفضي اليها ببعض همه, لا يعرف مالذي ذكره بغرفته ذات الجو الرطب في تلك اللحظات فقال: حتى ذلك الصرصار البغيض الذي يقاسمني غرفتي رغماً عني لا يحلو له الغناء الا عند حضورك ليحرمني من نومي او يعكر على خلوتي بك.
ربما ذلك الصرصار يكون للتو عائداً من عمله فيبدأ بالغناء ليروح عن نفسه لكن لماذا اجزم انه يغني؟
فربما يكون يصدر هذا الصوت المزعج وهو يغط في نومه,.
وربما شاركته انا اصدار مثل ذلك الصوت اثناء نومي دون ان اشعر من يدري؟
لكن اتدري ايها الليل احس احياناً انك طيب اكثر مما يجب فها انت تضم جميع البؤساء الى صدرك يفضون اليك بهمومهم وقبيل رحيلك تمسح دموعهم بطرف ردائك بينما يستتر بالطرف الآخر اناس آخرون فارون من العدالة لسبب ما,, كيف تربت على ظهور هؤلاء وتمسح دموعهم وتؤوي اولئك المجرمين؟
حقاً لست ادري.
ثم قال مواصلاً اسئلته ترى لماذا نخلع اقنعتنا عن وجوهنا خلال ساعاتك الاخيرة؟
اترانا نريد ان نلقي نظرة على وجوهنا الحقيقية قبيل الشروق؟
ثم قال معتذراً: عفواً أيها الليل لابد انني اثقلت عليك بثرثرتي ولكن اسئلة كثيرة تملأ رأسي وتحيرني دون ان اجد اجابة شافية لانك تلتزم الصمت ايها الصامت ابداً.
عادت تلك الموجة الشقية لمداعبته مرة اخرى فايقظه من خيالاته وتساؤلاته.
فاطمة الرومي