الحرية شمس يجب ان تشرق على كل نفس، فمن عاش محروما منها عاش في ظلمة حالكة يتصل اولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر هكذا يصوّر لنا الأديب الراحل: مصطفى المنفلوطي الحرية تلك الحسناء التي هفت لها النفوس، والنجم الذي اشرأبَّت له الاعناق، أرخصت من أجلها المهج والارواح، وانطفأت بعد رحيلها مصابيح الافراح، يقول عنها الأديب والمفكر عباس العقاد: ان الحرية وحدها تكفي الانسان وتغنيه عن الطعام وقد صدق فما قيمة الحياة بلا حرية؟

لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

ان المحبَّ اذا أحس بغطرسة حبيبه فانه يطلب حينها الحرية ألم يقل ابراهيم ناجي:

اعطني حريتي أطلق يديَّا انني أعطيت ما استبقيت شيَّا آه من قيدك أدمى معصمي لما ابقيه وما أبقى عليّا؟

واستعمار الشعوب قيد لا يطاق لانه كبت لحرياتهم وقضاء على هوياتهم لذا صاح احمد شوقي باهل دمشق سنة 1925م بأن ينشدوا الحرية من نير الاستعمار الفرنسي فقال:

وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدقُّ

وهاشم الرفاعي يصرخ بأعلى صوته وهو خلف قضبان السجن سنة 1952م.

أهوى الحياة كريمة لا قيد لا اذلال لا اذعان للسجّان فاذا سقطت سقطت احمل عزتي يجري دم الأحرار في شرياني

والشاعر او الكاتب اذا أحس بكبت حريته يتنفس الصعداء ويتمثل بقول ايليا أبو ماضي:

حر ومذهب كل حر مذهبي ما كنت بالغاوي ولا المتعصب

وهذا المفكر والفيلسوف العربي الراحل زكي نجيب محمود يقول في كتابه: عن الحرية أتحدث : وقد تجد منا اليوم من يتوهم بأنه لم يعد في الامكان أحسن مما كان لكننا في الحقيقة ما زال يعوزنا من الحريات شيء كثير ومسك الختام يقول امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا؟
وأخيرا اقول : معلوم ان الحرية تريد نزاهة في القصد وسموا في الهدف وصدقا في القول والعمل والا فما اكثر من يردد الحرية وهو أبعد ما يكون عن مقومات ومقاصد الحرية وصدق القائل.

وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا

***
** الكتابة عن الحرية لا تكفيها مجرد صفحتين بل تحتاج الى مجلدات ضخمة حتى نوفيها حقها,, ولكن الصديق صلاح بن هندي اختصر كل هذه المسافة وقدم لنا معنى الحرية من مختلف الجوانب عبر استعراضه الموجز لآراء المفكرين والشعراء حولها، ولذا جاءت مقالته متماسكة ومعبرة عن المعنى الذي يسعى الى توضيحه بشكل بسيط وواضح.