تقول احدى الطالبات في دفتر تعبيرها:
معلمتي ,, انا لا اذكر من طفولتي الا شعرا منسدلا على كتفي وركبتين ملطختين بالطين وخوفا من عقاب الوالدين .
فالى من علمت تلك الصغيرة لتكتب مثل هذا أهدي بلون الثلج .
***
بلون الثلج بل أحلى
لففت رضيعةً في المهدِ
كانت ليلة البشرى!!
تهادوا قد اتانا بنت
بلون الثلج بل احلى
كروح العطر لا تُهدى
بها من وجه والدها
بها من امها سحرا!
***
كبرتُ حبوتُ سيدتي
عبثت كسرت ما يُسدى
بكيت بحرقةٍ لُعبي
فجاءت امي كالبشرى
ومر الليل تحضنني
فلي في حجرها ذكرى
وقالت في وداعتها:
حصان الليل قد غنّى
نجوم الكون ما احلى
نجوم الكون لو تسلى
وراحت تحكي قصتها
فقد ألهو وقد انسى!
***
وصرتُ الآن سيدتي
اراقص ارضنا ركضا
دخلت الصف تسبقني
وصايا امنا عشرا
فقالت لي تنبهني!
وقالت لي تطمئنني!
وقالت لي تسلّيني!
وقالت لي تذكّرني
ومر الدهر تلو الدهرِ
صرت اليوم اذكرها
وصايا امنا والعمر
وصاياها وما ادرى
عيون الناس عن زهرٍ
يغار العطر لو يُهدى؟!
***
ثم تركتُ مدرستي
تركتُ الطفل في صفّي
تركتُ شقاوتي خلفي
تركت حقيبةً خضراء
دهرا زينت كتفي!!
***
ومر الدهر تلو الدهرِ
مثل اليوم لقياكِ
يراقص من هواها العطر
ايلا حتى اهداك!!
بحور الشعر,, كل الشعرِ
سور الشمس اعطاكِ!!
ونثراً لو يراه النثرُ
عادى الكون الاكِ,.
أحلتِ الليل انواراً
وما اضنتكِ عيناكِ!!
سأنثر من دموع الصيفِ
دفئا فيه سكناكِ!!
نعم في القلب سكناكِ
***
ومرَّ الدهر تلو الدهر
وعدت اليوم ذاك الطفل
اغني قلتها جهرا
فوارى الصبر كل الصبر
نعم احببتك عطرا
فكوني العطر كل العمر!!
كوني انتِ ذاك القصر!!
كوني كوخنا والسحر!!
كوني نهرنا والبحر!!
صيري انت صحرائي!!
صيري النور ومسائي!
فانتِ الشاعرُ المجنون
انتِ العاتبُ المحموم
انتِ الكاتب المحروم
انتِ,, انتِ اهدائي!!
فكوني انتِ اهدائي!!
***
ومر الدهرُ تلو الدهرِ
جاء ربيعنا بالزهرِ
صرتُ اليوم شاعرةً
ولكن ما رسمتُ الشعر!
ظلَّ الحرف في صدري,.
وباتت ريشتي تشكي,.
وذابت في حناياها
حكايا الشعر لو تدري,.
ولما ضاق بي حبري
تجلّى قائلا: صبري
يموتُ اليوم في قبري
وولّى قاصداً غيري
ومرَّ الدهر تلو الدهرِ
جرحي في مخيّلتي,.
وحزني لو يراهُ الطير
ابكي حتى محبرتي,.
نعم قد جن فيَّ العمر
جمري يحرق النيران
ثورات يفجّرها
بقلبي الشاعر البركان
بقلبي الشاعر البركان
***
لقاء الأمس ألهانا
رجاء القلب أنسانا
بأنّ العمر ايام
فلا تأسي لذكرانا!
لأنّ النبض سيدتي
قصيد بات ينعانا
احلتِ الكون احلاما
سأنسى الكل الانا
لنا في القلب مرضيتي
دموع القلب نجوانا!
اما في النثر مهديتي
حروف النثر معنانا؟!
سكبت الليل شطآنا
اما في البدر سكنانا؟!
اما في العين رؤيانا,.
اما في الحفل لقيانا؟!
فلا تأسي لذكرانا
فلا تأسي لذكرانا!!
شروق بنت عبدالرحمن السعيد
***
** ماذا بوسعنا ان نقول عن هذه القصيدة؟!
جميلة؟!
كلماتها معطرة بأريج الوفاء؟!
تداعب مخيلة الطفولة داخل نفوسنا؟!
أم انها تناجي احاسيسنا ومشاعرنا المفقودة من زمن البراءة.
أم انها تثير في قلوبنا الخوف من الماضي الذي رحل ولن يعود عندما تختتم الشاعرة قولها: فلا تأسي لذكرانا في اشارة واضحة لذلك الماضي الجميل؟!
انها بكل بساطة قصيدة تحيطك بجمالها,, وتدخلك بطوعك او عنوة الى عالمها الشجي.
تحية ابداع للصديقة المتميزة الشاعرة شروق السعيد.