وتواصلا مع ما سبق اقول: غير انه مما يطيب الخاطر,, ويعيد الثقة الى النفس,, هو التقدير الكبير الذي حظيت به الرياض العاصمة باختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م الذي جاء تتويجا لما وصلت اليه هذه المدينة الزاهرة,, من تطور وتقدم كبيرين,, في مختلف الميادين,, وعلى جميع المستويات,, حيث جاء والحمد لله,, متوافقا مع معطيات هذه المناسبة السعيدة,, لعلنا نستدرك ما فات، ونسترجع ما مضى,, بالعودة الى دائرة الثقافة واحياء التراث العربي الاسلامي الاصيل لهذه الأمة,, بتحريك الجمود الاعلامي والثقافي الذي كنا نشكو منه، ونتألم لسباته العميق,, وعدم قدرته على مسايرة الحركة العلمية والنهضة التنموية,, التي تسابق الزمن,, بعطاءاتها الواقعية,, المعروفة والمشهودة على الارض,, بفضل العطاءات اللامحدودة، والجهود الكبيرة,, التي قدمتها وتقدمها الدولة للوطن والمواطن, بلا فضل ولا منّة.
ومن هذا المنطلق، وبمناسبة اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م,, يتوجب علينا اعادة النظر، ومحاسبة النفس، وتنظيم العمل، وتنشيط الحركة لهذه المناسبة الاحتفالية الكبرى,, بما يتناسب ومكانة هذا الاختيار الموفق,, لنجعل من الرياض (العاصمة) عاصمة للثقافة بحق وحقيق، ولنجعل منها,, منارات للاشعاعات المعرفية والثقافية والتنموية التي تنعم بها,, وعلى كل الجهات,, لتضيء الاجواء العربية والعالمية,, بنور العلم والايمان، وتنثر عبير الروحانيات الاسلامية في آفاق الارض,, ولن يتحقق ذلك الا بالصحوة الطموحة، والتغطية الجادة، والحيوية والنشاط المتقن،والتنظيم الدقيق,, والمتابعة المستمرة,, لمسيرة العمل والعطاء، الذي يساعد على تحقيق الاهداف المنتظرة من تلك المناسبة العظيمة,, وذلك بالنظر الى الوضعية القائمة حاليا لمسيرة الثقافة والاعلام في وطننا الغالي، ومملكتنا السعيدة، وقد لاحظت وقرأت اخيرا,, بعض الاراء التي شخصت تلك الوضعية وطرحت حولها بعض الافكار البناءة,, التي كانت بجملتها تستهدف التنمية الثقافية في الوطن,, منها ماذهب الى ضرورة توحيد شتات تلك الجهود الآحادية,, والمسئوليات المتعددة,, وربطها مع بعضها في وزارة متخصصة,, ومنها ما حبذ بقاء المناشط على ما هي عليه,, كحالة فرضية في اكثر من جهة,, لتحقيق التنافس المطلوب بين تلك الجهات المعنية,, وهي وزارة الاعلام، ووزارة المعارف، والحرس الوطني، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتعليم البنات، والجامعات، والمكتبات العامة,, الى غير ذلك من الجهات الراغبة في التواصل مع الانشطة الثقافية المختلفة في كثير من مواقع المسئولية,, عن التنمية البشرية والتنموية,, كالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وغيرها من الجهات الاخرى, والفصل في ذلك لاشك انه واقع تحت نظر المسئولين وفي اولويات اهتماماتهم، غير ان الفصل في ذلك يتطلب وقتا اكثر واطول, وما يهمني في هذه المناسبة هو لو تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورجل الثقافة والاعلام، لو تفضل حفظه الله بهذه المناسبة,, مناسبة اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م: بتوحيد تلك الجهود ولمّ شتاتها في هيئة مختارة ,, يتم تشكيلها من كل الجهات المعنية برئاسة سموه,, لرسم السياسة العامة,, وتوزيع الاختصاصات، وتنظيم المسيرة,, بما يتناسب واهمية هذه المناسبة,, ويتفق مع مكانتها,, على غرار تجارب سموه الكريم في مئوية التأسيس تلك التجربة الناجحة,, التي حققت المطلوب منها,, بفضل الرعاية والعناية,, والمتابعة المستمرة من سموه الكريم,, فسمو الامير سلمان - حفظه الله - وكما هو معروف عنه,, رجل المهمات الصعبة,, ورجل الانجازات الكبيرة,, ورجل الثقافة المتمكن، والاعلام الوسع,, بمواهبه الفذة، وقدراته الفائقة، ومكتسباته الثرية,, في العمل والممارسة,, والتواصل الدائم,, مع كل الفئات ، والجماعات والهيئات، ومع كل المنظمات الثقافية، والعلمية المحلية منها والدولية, ولهذا فإنني ارى ان الحاجة ماسة وتدعو الى ذلك,, لكي نتمكن من استدراك ما فات,, ونحقق الطموحات والانجازات,, في زمن المعجزات ووجود هيئة عليا تجمع كل تلك المناشط الثقافية والمعرفية,, في مسيرة موحدة، على ضوء برامج مدروسة,, وخطط منظمة مرسومة,, لاشك ان ذلك سيكون له اكبر الاثر في تفعيل تلك العطاءات وتنمية الحركة الثقافية والاعلامية واشعال روح الحياة فيها من جديد,, للاستفادة من هذه المناسبة الاحتفالية الكبيرة,, فأخشى ان تفوت هذه الفرصة,, دون الاستفادة الكاملة منها كما فاتت الفرص والمناسبات السابقة, ثم ان هناك شيئا ملحوظا ومهما جدا,, ويجب اعادة النظر فيه,, وهو وضع الاندية الادبية وعلاقاتها الفاترة,, ان لم اقل المعدومة,, برجال الفكر والادب والثقافة,, ومع الوسط الثقافي والاعلامي بصورة عامة,, فمما يؤسف له,, ويحزن كثيرا,, ان تجد الغالبية من الادباء والمفكرين والمثقفين,, لا يعرفون اماكن الاندية الادبية، ولا يتواصلون معها,, الا في حدود المناسبات والدعوات الرسمية,, وقد انصرف الكثيرون منهم,, الى الندوات الخاصة,, في المنازل والبيوت,, بأسماء ومسميات كثيرة ولي على هذا التوجه كثير من الملاحظات التي ليس هذا مكانها واعود لاقول: بأن تلك الاندية يجب اعادة النظر في تطويرها,, وتشكيل اداراتها,, لأنها فيما يبدو غير قادرة على مسايرة التطور,, وغير قادرة على تأدية رسالتها كما هو مطلوب منها,, ويجب تفعيل العمل بها,, ودعم مجهوداتها بالكفاءات والامكانيات لتتمكن من الوصل والتواصل,, ولتتمكن من جذب الكتّاب والادباء والمثقفين اليها ,, ولتتمكن بالتالي من اغراء الجماهير العريضة بالحضور والتواجد المكثف,, في الندوات والمحاضرات التي تنظمها,, مع تمكينها من شراء وتقديم الجديد من الاصدارات,, وتوزيعها على الزوار والحضور كوسيلة جزئية من وسائل الجذب الجماهيري ,, ووسيلة اخرى من وسائل التشجيع والدعم للمؤلفات والاصدارات الجديدة,, كما هي الحال بالنسبة للمراكز الاعلامية والمكتبات العامة, اما مشكلة النشر والتوزيع التجاري,, فهذه ان لم تنافس، وبشكل كبير من جهات الاختصاص الرسمية,, بانتهاج سياسة الشراء المباشر من المؤلفين,, وتقديم تلك الاصدارات مجانا للزوار والمراجعين,, وكهدايا للمدعوين من الدول الشقيقة والصديقة,, في مثل هذه المناسبات,, فستبقى المشكلة قائمة بلا حل,, وسيبقى الكتاب رهين الرف,, حتى يذوب وتتآكل أوراقه,, والمؤلف المسكين يعيش على الوهم بانتظار الماء,, حتى يموت من العطش، ويجف مداد قلمه,, وهذا ما لا نريده,, ولا نريد الاستمرارية عليه وهو ما احسست به خلال تعاقب ايام المئوية,, مع ما رافقها من اصدارات كثيرة ومهمة ,, كان يجب ان تكون اليوم فواحة تنثر عبير الفكر والادب والثقافة,, في الوسط الاجتماعي السعودي، وفي العالم العربي والاسلامي بصفة عامة,, وهذا والله ما انشده واقصده والله ولي التوفيق.
|