طلبت الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية أمس من روسيا اجراء تحقيق يتسم بالشفافية في الفظائع التي ارتكبتها ومازالت ترتكبها قواتها في جمهورية الشيشان.
وقد استند المتحدث باسم الخارجية الامريكية في هذا الطلب الى تقريرين مستقلين أحدهما منسوب إلى صحيفة نيويورك تايمز والآخر منسوب إلى جماعة حقوق الانسان ورد فيهما ان الجنود الروس يواصلون انتهاكاتهم لحقوق الانسان الشيشاني داخل وخارج العاصمة غروزني وان هؤلاء الجنود لم يكتفوا بعمليات السلب والنهب والاغتصاب بل وقتلوا (63) مدنياً على الأقل في ضاحية اودى في العاصمة غروزني !!
وازاء هذه المعلومات التي لم تتوان روسيا عن انكارها، نرى ان الطلب الامريكي لقيام روسيا بالتحقيق في صحة او عدم صحة تلك المعلومات وخصوصا بعد انكارها لها، يكون الطلب الأمريكي في غير محله، بل وغير منطقي لانه لا يستقيم عقلا وباي ميزان قانوني او أخلاقي للعدالة، ان نطلب من المتهم ان يكون الخصم والحكم معاً .
ولكي يكون هناك تحقيق موضوعي يتسم القائمون به بالحيدة والنزاهة التي تضعهم فوق اي شبهة من جانبي المعتدي والمعتدى عليه ومن جانب المراقبين أيضاً نرى ان تقوم الامم المتحدة - بصفتها مصدر التشريع الدولي للقوانين وأولها القانون الدولي الانساني الذي يحمي الممتلكات من النهب والمدنيين من التعرض للتعذيب والقتل في زمن الحرب - بتعيين فريق محققين من جهات مثل:
1 منظمة المؤتمر الإسلامي.
2 منظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
3 المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
4 حركة عدم الانحياز - إذا كانت لاتزال موجودة -.
5 ممثلان لمنظمتي الهلال الأحمر والصليب الاحمر الدوليتين.
6 - ممثل لروسيا.
7 - ممثل لجمهورية الشيشان المستقلة.
8 مَن ترى الامانة العامة للامم المتحدة الاستعانة به او بهم اضافة إلى الجهات المذكورة.
والملاحظ اننا في هذا الاقتراح لم ندع الى ضم ممثل لاي منظمة من المنظمات المعنية بمراقبة حقوق الانسان في العالم حتى لا يكون هناك سبب للاحتجاج او للاعتراض من اي جهة مهمة بقضية التحقيق في الشيشان حول التهم الموجهة إلى الجنود الروس.
ونعتقد ان روسيا التي نفت الاتهامات بما يؤكد قناعتها بأنها اتهامات ملفقة، لن تكون روسيا في وضع يسمح لها برفض تحقيق محايد من الجهات التي اقترحناها، بل ستكون في وضع بالغ الحرج إذا ما رفضت اجراء مثل هذا التحقيق المحايد الذي نأمل من الولايات المتحدة صاحبة الطلب الاول من روسيا ان تدعم هذه الاقتراح، خصوصا ان التحقيق يتعلق بقضية حقوق الانسان التي اصبحت محوراً مركزياً للنظام العالمي الجديد، بعد عولمة مختلف جوانب العلاقات بين دول العالم.
واخيراً فإننا نستغرب صمت مجلس الامن الدولي الذي لم يفتح الله عليه بكلمة واحدة حول ما يتعرض له شعب الشيشان، ولا نجد تفسيراً لهذا الصمت الذي يتعارض مسؤوليات المجلس إلا ان شعب الشيشان الذي تعرض للتشريد والتعذيب، والقتل وشتى ألوان الانتهاكات المتعمدة لحقوقه الانسانية والوطنية إلا انه شعب مسلم، يتعرض لما يتعرض له المسلمون في الكثير من المناطق الاقليمية من خارطة العالم!
الجزيرة