Wednesday 23rd February,2000 G No.10009الطبعة الاولى الاربعاء 17 ,ذو القعدة 1420 العدد 10009



بروح رياضية
مع الاعتذار لشيخ الدلالين

كان الوقت ربيعا عندما تقابل فريقان من الفرق الريفية في مباراة ودية وربما ان اللقاء كان على الورق وهي إحدى الطرق الملتوية التي كانت سائدة في بداية طفرة وانتشار الاندية الرياضية بالمملكة وذلك للحصول على تعويض ودعم مادي مقابل هذا اللقاء واللقاءات المشابهة والتي تم القضاء عليها كظاهرة سلبية على مسيرة الحركة الرياضية، وقبل ان يشرع مندوبو الفريقين بفتح الشنط الدبلوماسية لإخراج استمارات المباريات الودية والتوقيع عليها جرى حديث جانبي بينهما كان عبارة عن صفقة جانبية, فلقد اتفق المندوبان بان يتنازل او ينسق وهو العرف الذي كان مطبقاً عندما يتنازل الفريق عن أحد لاعبيه البارزين مقابل مبلغ مالي وخاصة ان الفريق الذي يريده يتواجد في قرية أقرب مسافة للمدينة التي يسكن بها اللاعب,, على كل حال تم الاتفاق على قيمة المبلغ الذي سيدفع للفريق مقابل التنسيق وبالتالي التسجيل بالفريق الثاني, ولأن النادي الذي يريد اللاعب لم يملك المبلغ الكافي نظرا لنفاد ميزانية النادي في ذلك الوقت فتم التعويض عن النقد بسيارة نقل ماء او وايت ماء كما نقوله بالعامية, وبعد تنسيق اللاعب وانتقاله للفريق الآخر اكتشف الفريق الأول ان قيمة الوايت لا تتجاوز نصف المبلغ الذي تم تقديره في الاتفاقية التي تمت بين مندوبي الفريقين,, وتم هذا الاكتشاف بعد عرض الوايت على شيخ الدلالين بالقرية وتقديره للسيارة بل انه تم إرساله للمدينة لعرضه وتقديره من قبل مكتب شيخ المعارض وثلاثة معارض اخرى غير ان النتيجة كانت مقاربة لتقديرات القرية وعندها بدأ الفريق يتأسف على لاعبه,, ولكن أسف الفريق هذا لم يستمر طويلا عندما تم الاكتشاف ان اللاعب لم يلعب الا مباراتين مع الفريق الآخر وبعدها سافر خارج الوطن بعد حصوله على بعثة دراسية.
وبالطبع حدثت تلك الحادثة الطريفة قبل عقدين من الزمن وقبل ان تتطور الرياضة السعودية وفوق ذلك قبل ادخال نظام الاحتراف لدينا,, ولكننا اوردناها في هذا الوقت بالذات نظراً لأننا بدأنا نلاحظ ظهور بعض الأزمات المالية والقانونية لبعض الاندية نتيجة لما حصل مؤخرا من تعديل في نظام الاحتراف وخاصة بموضوع حرية انتقال اللاعب لفريق آخر بعد انتهاء مدة عقده مع فريقه, والحقيقة فإن تلك الازمات هي نتاج طبيعي بل ومتوقع حدوثها,, غير ان ما يجب فعله هو مواجهتها وتلافيها في اطار قانوني منظم وثابت.
فالمساحة التي تم توسيعها في نظام الاحتراف لدينا مؤخرا كانت مطلوبة لأن الدول الرائدة في هذا النظام توصلت اليها بعد تجارب ودراسات متواصلة ولكننا في الوقت الذي تبنيناها لم نصاحبها بقراءة ومراجعة دقيقة للائحة الاساسية من جهة ولم نضع الترتيبات الخاصة بها والملائمة لوضعنا الاجتماعي والاقتصادي من جهة اخرى.
وهنا يجب التذكير انه عندما يقوم احد اللاعبين بالتوقيع لناد آخر بعد انتهاء عقده فإن الناديين السابق والجديد في الغالب لن يتفقا على قيمة الانتقال حتى لو طالت مهلة الاتفاق وذلك لأن السابق سيطلب قيمة عالية بينما سيقوم الجديد بعكس ذلك, وهذا شيء طبيعي ويتكرر حدوثه في الاندية الاوروبية بصورة كبيرة.
اما النقطة الاخرى التي يجب التذكير بها هنا ان اللجوء الى معايير الاتحاد الدولي هي احد الحلول الاخيرة عندما يكون هناك ازمات كبرى ومتأزمة, وفي الغالب لا يتم اللجوء الى معايير الاتحاد الدولي الا اذا كان هناك خلاف دولي كما حدث مع الخلاف الذي نشأ بموضوع اللاعب نهار الظفيري, وعندما نلجأ دائما الى مسطرة الاتحاد الدولي فهذا يعني اننا في ازمات مستمرة!! فمن الناحية القانونية فالاتحاد الدولي لا يفرض على الاتحادات المحلية لوائحها ونظمها الخاصة والمتمشية مع طبيعتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية فالاتحاد الدولي لا يفرض عدد اللاعبين الاجانب المسموح بهم لدى الاتحاد المحلي,, كما ان الاتحاد الدولي لا يفرض نظام الاحتراف وانما يوصي به كما انه لا يحدد الحد الادنى والاعلى لرواتب المحترفين عندما يتم تطبيق نظام الاحتراف.
اما من الناحية التطبيقية فإن مسطرة الاتحاد الدولي لتقييم قيمة اللاعب المستحقة للنادي السابق حولت اللاعبين المحترفين لدينا الى شبه متساوي القيمة فأصبح ليس هناك فرق يذكر ما بين قيمة اللاعب النجم المحترف والمؤثر وغيره,, وهي المساواة التي تذكرنا بالحادثة الطريفة التي صار فيها غالبية المبتعثين السعوديين في سنوات الابتعاث الأولى يشتركون في يوم الميلاد والذي كان 1/7, على كل حال فإن هذا التساوي بالقيمة مرجعه تحديد الحد الأعلى لمرتبات المحترفين إذا ما عرفنا ان الفارق بين الحد الأدنى والأعلى ليس كبيرا, وهذا بالطبع سيؤثر على قيمة اللاعب السعودي دوليا مستقبلا.
وقد يقول قائل ان هذا الكلام على ورق ولكن ما هو البديل لتجاوز تلك الازمات التي حدث قليل منها وسيتكرر الكثير الكثير؟ غير اننا سنقول ان الحلول كثيرة ومتاحة وتحتاج الى قليل من التفكير والتنظيم والتطبيق, ولكن دعونا نتحدث بشكل مختصر عن واقع عملية انتقال اللاعبين بعد انتهاء عقودهم في بعض الدول التي سبقتنا تجريبا وتطبيقا في هذا المجال قبل ان نقدم حلولا مختصرة.
فعندما تكونت اول رابطة للمحترفين في بريطانيا كلجنة فرعية من الاتحاد المحلي لكرة القدم في عام 1888م كان امامها كثير من الصعوبات والمشاكل والتي عاقت في البداية تطورها كجهة مسؤولة عن تنظيم وادارة الاحتراف الرياضي في كرة القدم, وكان من ضمن تلك المصاعب انه لم يكن هناك حد أدنى او اعلى لرواتب المحترفين, ولكن وبعد محاولات كثيرة تم في عام 1901م اعتماد اربعة جنيهات اسبوعيا للاعب المحترف كحد أدنى, وكانت احدى المصاعب الاخرى التي واجهت تلك الرابطة هي موضوع الاستيلاء على اللاعبين من قبل أندية اخرى او )Poaching( فلقد شددت الرابطة على ان النادي يحتفظ في حقه بالمطالبة بقيمة انتقال اللاعب كتعويض يؤخذ من النادي الجديد ولكن ما زال هناك بعض مشاكل التطبيق حيث ان هناك اندية تقع خارج خارطة تنظيم الرابطة ولذلك منعت الرابطة انديتها من اللعب مع اي ناد قام بالاستيلاء على أحد لاعبي اندية الرابطة, ولكن هذا التصرف وجد معارضة شديدة من الاتحاد المحلي وذلك لأن هذا المنع سيؤثر سلبا على منافسات كأس الاتحاد, ولذلك ولكي تخضع الاندية باتباع لائحة انتقالات اللاعبين اضطرت الرابطة الى تكوين دوري آخر Second division في عام 1892م, وفي خلال اربع سنوات فقط اصبح عدد الفرق المنضمة الى الرابطة ثمانية وعشرين بدلا من اثني عشر ناديا, وعلى الرغم من ذلك فإن مشاكل تنقلات اللاعبين أصبحت مشكلة سنوية ولم تخف تداعياتها كثيرا حتى تم إلغاء الحد الأعلى لرواتب المحترفين نهائياً في عام 1961م، غير أن هذا الاجراء الجديد لم يقض على المشكلة نهائياً، ففي عام 1964م وعلى اثر قيام أحد اللاعبين George Eastham برفع قضية ضد نادي نيوكاسل يونايتد وكسب على اثرها القضية وكسب اللاعبون ما يعرف الآن بالعقد الحر والذي يعطي اللاعب حرية الانتقال لأي ناد يختاره بعد انتهاء عقده على أن يتفق الناديان فيما بينهما فيما يخص قيمة الانتقال وإذا لم يحصل اتفاق يتم عرض الموضوع على لجنة خاصة بالرابطة تقوم بدورها بالتقييم.
وهنا يجب التذكير بأن هناك حالات لا يستحق فيها النادي السابق بدل تعويض لقيمة اللاعب ومن تلك الحالات اذا ما أصدر النادي بياناً بان اللاعب لديه حرية الانتقال وليس هناك مطالبة بقيمة لذلك أو عدم قيام النادي بتقديم عرض للاعب خلال فترة الانتقالات المحدودة أو قيام النادي بتقديم عرض تعجيزي كأن يقدم راتباً أدنى من الحد الأدنى مثلاً، وهنا نقطة أخرى وهي أنه عندما يرفض اللاعب عرض ناديه يجب أن يبلغ الرابطة رسمياً لتقوم هي بدورها بوضع اسمه على قائمة الانتقالات التي تصدرها سنوياً.
فالحلول التي من الممكن طرحها لتفادي الأزمات القائمة والمتوقعة مستقبلاً كثيرة ولكننا سنكتفي باستعراض بعض منها والتي وبما أنها لم تفت على أعضاء لجنة الاحتراف الأعزاء بما يتمتعون به من خبرة ودراية واطلاع ولكن ومن باب فتح الحوار الهادف نرفعها للرجل الحريص دائماً وأبداً على مصلحة وتطور الرياضة السعودية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم.
أولاً: ضرورة اعادة قراءة لائحة الاحتراف الحالية واعادة كتابتها لتغطي هذا الجانب المهم بصورة أكثر توسعاً وتفصيلاً.
ثانياً: الغاء الحد الأعلى لرواتب المحترفين في اسرع وقت لما له من علاقة مباشرة بهذه المشكلة القائمة وعندما يتم ذلك لن تتسرع الأندية لتسجيل اللاعب وتنتظر تلك المسطرة التي أصبحت تقريباً معروفة القيمة سلفاً وعوضاً عن ذلك ستحاول الأندية الاتفاق مع النادي الأصلي قبل اتمام عملية التسجيل لدى اللجنة.
ثالثاً: ضرورة أن تتضمن اللائحة ضوابط واضحة لوضع اللاعب على لائحة الاحتراف بما في ذلك تقديم العرض الرسمي من النادي للاعب وفي حالة رفضه للعرض الراتب والبدلات,, الخ يتم الاتفاق بين الطرفين على وضع اللاعب على لائحة الانتقال بشكل رسمي وموثق على أن يتحمل النادي راتب شهر واحد وهو شهر الانتظار أو الأيام التي يمضيها قبل الانتقال لناد آخر أيهما أقل, ويجب التذكير هنا أن هناك أندية كثيرة تريد ان تتخلص من اللاعب وعندما ينتقل إلى ناد آخر تطلب مبلغاً خيالياً.
رابعاً: استحسان تحويل وتوحيد رواتب المحترفين بالتقويم الميلادي وذلك لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال ليسهل التنسيق مع الارتباطات الدولية والمناسبات العالمية والمحلية.
وسبب آخر يتجسد في ضرورة ترتيب عقود المحترفين بحيث تتزامن مع نهاية الموسم كما هو معمول به دولياً كأن يكون نهاية العقد السنوي في نهاية شهر 7 الميلادي ليتحول شهر 8 الى شهر تجديد العقود أو شهر الوضع على قوائم الانتظار.
خامساً: ضرورة ان تغطي اللائحة الجديدة كثيراً من الجوانب المهمة والمتعلقة بهذا الشأن كعقوبة الأندية التي تتساهل في عملية وضع اللاعبين على لائحة الانتقال وكذلك عقوبة اللاعبين الذين يرتبطون بناديين في وقت واحد كقيام أحد اللاعبين بالتوقيع لناديين أو أكثر في وقت واحد.
وأخيراً ضرورة تكوين لجنة خاصة لتقييم وتصنيف اللاعبين المحترفين بشكل دوري وتكون تلك اللجنة من ضمن اللجان التي تتألف منها رابطة المحترفين والتي اقترحنا ان يتولى قيادتها سمو نائب رئيس الاتحاد السعودي كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة, وعلى أية حال يجب ان يكون لدى تلك اللجنة مسطرة سعودية خاصة محلية لا فيفاوية ولنقتدي بمشايخة الدلالين مع اعتذارنا الحار والصادق للجميع.
د, خالد عبدالله الباحوث

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved