أجمل ما في عطاءات المتغيرات الحديثة أنها تخدم الإنسان,,.
وأسوأ ما فيها أنها تتدخل في نواياه!!
فإن ابتكرت مادة بانية، بُحث فيها عن جانب هَدمي,,.
وإن وُضِعت لوسيلة حديثة أهداف، بغرض تيسير الخدمة للإنسان، تسابقت الآراء في تقديم نبوءاتها عن إمكانية تُخرِجُها إلى أهداف تعطِّله من جانب آخر,.
ولا أدل على ذلك من الصراع الأزلي الأبدي الأمدي بين الرجل والمرأة,,, هذا الصراع الذي يأخذ منذ وإلى,,, صوراً عديدة من التفسيرات، والتأويلات، والأشكال، والأساليب، والمضامين، والتوقعات، والأفعال، والمواقف، والسلوكات، والنتائج,,,، و,,, و,,, وكل مايعرفه الإنسان عن صراع هذا الإنسان بين نوعيه,,.
الأدهى في كل ذلك جانب السلب في هذا الصراع,,.
فالمرأة تصارع الرجل، وهو يفعل المثل,,, مع اختلاف النتائج وآليات الخطوة,,.
الرجل هو الأقوى جسدياً,,, وهو المكلَّف,,, وهويعلم ذلك وتساعده على هذه المعرفة طبيعة تركيبته وتكوينه,,, هذه الطبيعة التي تمنحه الثقة في هذا الدور عرَف أو جهل، تعلَّم أو لم يفعل،,,,
والمرأة هي الأقدر وجدانياً على الاحتواء,,, وهي تعلم ذلك,,, وتملك مفاتيح هذه القوة التي قد تسحق في ممارستها لسطوتها قوة الرجل الجسدية,,, لكنها البتة لا تقضي عليها,,, وإنما قد تعطلها عن الأداء المستقر في تلاطم حياة تحتاج منه إلى قوة داخلية تساند فيه القوة الخارجية,,.
والرجل المكلف على تفاوت مراحل الحياة ومعطياتها هو المتسيِّد خارج ظل البيت,,, المواجه للنور في سطوته الحارقة بمثل ما في سطوته المضيئة,,,، فيما هي تتسيَّد داخل هذا الظل بكل حميميته ودفئه في وضوحه وفي سكونه,,.
لكن,,, لم تبق هذه الحدود لأي منهما,,, على اختلاف مراحل الحياة وعبر الأجيال والمتغيرات التي تلحق أوجه المجتمعات في الأزمنة المتتالية، في حركة دورية لمكوك الزمن,,.
والإنسان بنوعيه يخضع للمتغيرات، ويتفاعل معها، ويأخذ في التأثر والتأثير في كل الذي تُفرزه بما في ذلك مايتعلق به ذاته جسداً وعقلاً وأداءً ,,, بما يُبدل ويُغير من مفاهيمه وتوجهاته وبالتالي مواقفه,,.
اختلطت على الرجل أدوراه,,.
ومدّت المرأة عنقها إلى خارج الظل,,.
وكيف لاتفعل والرجل يعمل على أن يكون قادراً على الإنجاب!! ويتزوج من آخر؟!
تلك هي معضلة الإنسان,,, وهو يتمادى في إسباغ وعيه على نوعه!! وهو وعي لا جذور له,,.
الإنسان هذا على مستوى رقعة الأرض في منأى عن الاحتكام إلى تعاليم أو الامتثال إلى قواعد ضابطة لطموحاته في الحياة تلك التي توجه ممارساته، وبين واقعه النوعي والبشري ورسالته التي مناطها لماذا خُلق وإلى أين سيكون ,,,,, !!.
في هذه الدائرة لا يحيا إلا ذوو الدين,,, أولئك الذين يواجهون مآزق الإنسان في العالم، هذا الذي يتسيَّد ويورِّد معطياته، وأفكاره، ومواقفه، ونبوءاته، وممارساته، وأدواره، لبقية البشر في المجتمعات المختلفة فيؤثر فيها كما تؤثر النار وهي تسري في الهشيم,,,!! كما يفعل معهم,,, وهذا الإنسان الذي سخر كلَّ شيء من مبتكرات ومعطيات ومسخرات بكل نوعياتها وأنماطها، وإمكاناتها، مادية أو آلية أو فكرية كي يتبوأ في الحياة مقاعد العلم، والوعي، والتحضر، والعمل، أخذ يتصارع على أمر من يتبوأ منهما الرجل أو المرأة أو كلاهما لأزمَّة الموقف والموقع دون اعتبار للنوع,,.
فالرجل الذي يمكنه أن يربي الطفل ويرضعه، ويتوقع أن يوماً سيأتي كي يُنجبه,,.
والمرأة التي تنابزه,,, وتناكبه,,, كلاهما قد يُسِّرت له الوسائل كي يتعامل مع أمور الحياة من خلال أزرة صغيرة لا تحتاج إلى قوة الرجل الجسدية، ولا إلى قوة المرأة الوجدانية,,.
فإذا ما وضعت القوتان في الميزان,,, فإن أحدهما لن يعود في وسعه أن يبدد ثانية كي يعرف إلى أيهما سوف تميل الكفة وترجح بأيهما ,,,, ؟!,,.
لذلك يتجه الآن الإنسان إلى طرح نبوءاته التي توجه النوايا إلى الوجهات القصدية السالبة,,, فالمرأة حسب آخر ما جاء في نبوءات الأحداث,,, سوف تكون قادرة على العمل في منأى عن النور الحارق أو المضيء,,, بعد صراع طويل كي تخرج من ظلها,,, فقط كي تكون قادرة على التحلل من سطوة قوة الرجل عليها بشتى أنواع الممارسات لقوته عليها,,, رافضة نظرته إليها على أنها كائن ضعيف,,,، وكان دافع هذا التمرد السلوكي منها على مراحل التأريخ هو هذا الرفض لهذه المآزق التعاملية التي يضعها فيها.
والرجل سوف يجد المرأة قادرة على الاستغناء عنه,,.
فأهداف المسخرات الحديثة لم تعد تخدم الأغراض البيضاء منها، وإنما هي تُخرج الكوامن داخل نفوس البشر وعلى وجه الخصوص النوع الثاني منهم,,, هذا الأنثوي بسطوته الوجدانية الساحقة قادر على أن يتسلط على أزرة الآلة الحديثة، كي تكون قائده إلى الظل وإلى النور معاً,,.
ولكن ,,,, ؟!
كيف تكون العواطف الملطِّفة لحرقة النور، وظلام السكون؟!
كيف سيكون هناك جسر بين كلمة حلوة ونفس عطشى لها عند الآخر ,,,, ؟
كيف سيلتقي ذلك الخفي من المشاعر والأحاسيس بينهما إن هما فقدا اللقاء في الظل أو في النور ,,, ؟
تلك هي معضلة الإنسان,,, وهو يوظف النوايا السالبة في مقاصد الصراع بينهما نوعاً,,.
ويظل الناجي من هؤلاء المسلم صاحب الرسالة، ذلك الذي لا يتعامل مع وفي حياته ومسخراتها وعطاءاتها إلا من خلال تعاليم حنيفية تمنحه الضوء نحو مواقع خطواته، وكيفية أدائه، وأسلوب تعامله في حياة ماهي إلا طريق يعبره المرء وما يلبث أن يغادره,,, فإلى أي الموازين سوف يتجه من سواه، ولأي الأحمال سوف يغرفون من هذه الموازين ,,,, ؟!,,.
د, خيرية إبراهيم السقاف