مصر ومستقبل صناعة البرمجيات

حسب التقارير فإن الاقتصاد المصري يشهد نمواً لا بأس به ومن العوامل المهمة التي سيكون لها مفعول في التنمية الاقتصادية والتي أُعطيت اهتماماً كبيراً هي تقنية المعلومات وما استحداث وزارة خاصة بالاتصالات والمعلومات في مصر إلا دليل على ما سيكون لهذا القطاع من أهمية في المستقبل. ففي تقريراً نُشر في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 18/1/2000م تحت عنوان القاهرة مركز لتطوير تقنية المعلومات في الشرق الوسط والخاص بدراسة مصرية توصي بإنشاء بنية تحتية لصناعة البرمجيات في مراكز البحوث وجاء في ذلك التقرير أن معدلات النمو في تقنية المعلومات في مصر ارتفعت لتصل إلى 30 في المائة للعام 1999م. نحن العرب والمسلمين نفرح بأي بارقة أمل حتى لو كانت ضئيلة في الخروج من نفق التبعية للغرب في مجال التقنية المعلوماتية. وإذا كان إيجاد صناعة للأجهزة والعتاد الخاصة بهذه التقنية يعد شيئاً مهماً فإن ما هو أهم من ذلك هو إيجاد الصناعة البرمجية لأن لها علاقة بخصوصيتنا كعرب وكمسلمين وتأتي اللغة لتكون عنصراً فعالاً ومهماً في المعادلة. وكذلك البنية الفكرية والثقافية لنا كأمة لها ثقافتها وخصوصيتها المستقلة فالثوب الذي نفصله ونصنعه بأيدينا مما لا شك فيه سيكون مختلفاً عن الثوب الذي يفصل لنا ويصنع في الغرب. وعلى الرغم من نظرة التفاؤل للمشروع إلا أن الدكتور أكرم السقا الخبير الأمريكي المصري الأصل الذي يعمل منذ عشر سنين كأستاذ للبرمجيات بجامعة ولاية ماستيوستش الأمريكية له نظرة تشاؤمية حيال صناعة البرمجيات في مصر وقد أتي في التقرير السابق الذكر على لسانه: إن الأسس المفترض أن تقوم عليها أدوات تطور هذه الصناعة غائبة عن مصر وبالدرجة الأولى تلك التي يعبر عنها (تقييم الأداء), ويرى الدكتور السقا بأن تقنية تقييم أداء واختبار البرمجيات قد تطور ولم يعد تلك الطرق التقليدية التي كانت تطبق في السابق اذ أصبح هناك برمجيات تعتمد على الدقة في المدخلات وتقوم بإجراء سلسلة من المعادلات الرياضية الدقيقة من أجل الوصول إلى نتائج صحيحة. وكما جاء في التقرير فإن الدكتور السقا يؤكد: أن التدني في صناعة البرمجيات المصرية يرجع في أغلب الحالات إلى النشأة الأولى لهذه الصناعة التي ولدت في السبعينات دون أي خطط أو برامج واعية تحدد طريقها وتصوغ مستقبلها , ومن وجهة نظر شخصية فإنني أرى إن هناك عدة اعتبارات لا بد أن تؤخذ في الحسبان عند التفكير في دخول مجال صناعة البرمجيات وهي ما يلي:
أولاً: لا بد من الاعتراف بوجود المنافسة الشرسة في مجال تقنية المعلومات على وجه العموم وفي مجال البرمجيات على وجه الخصوص. وإن ميزانيات بعض الشركات المنافسة قد يتجاوز ميزانيات مجموعة من دول العالم الثالث.وكذلك فإن تلك الشركات لها باع طويل في هذا المجال لهذا فإن مقارعة تلك الشركات لن يتم إلا بإنتاج منتج يكون مساوياً أو أفضل مما لديهم.
ثانيا: إن قيام القطاع الحكومي بهذا المشروع لن يكون كافياً وقد يكون مصيره الفشل ولدى مصر الخبرة الكافية عن مدى نجاح شركات القطاع العام الصناعية لديها. وكذلك فإن اضطلاع القطاع الخاص بهذا المشروع لن يكون كافياً فالدولة يقع على عاتقها عبء سن القوانين والتشريعات والمشاركة في وضع المعايير وإيجاد البنية التحتية لهذه التقنية ومسؤولية وضع الخطط التعليمية والتدريبية للتحول إلى المجتمع المعلوماتي وتقديم المعونات لهذه المشاريع ولمراكز الأبحاث.
ثالثاً: قد يكون الإنتاج من أجل الربح المادي السريع سبباً في إجهاض هذا المشروع في المهد وذلك لسبب وجود منافسة شديدة وشرسة وغير متكافئة من حيث الخبرات والإمكانات ولا بد من أن يكون الهدف على المدى القصير وربما حتى على المدى المتوسط هو فرض الوجود وإنتاج صناعة منافسة وكس ب ثقة واحترام المستهلك ثم يأتي الهدف الربحي بعد ذلك.
رابعاً: التركيز على ما يميزنا عن غيرنا فاللغة العربية هي أحد أهم المميزات التي تميزنا عن غيرنا في مجال صناعة البرمجيات.و لهذا يجب التركيز على تطوير التطبيقات باللغة العربية كذلك تطوير البرامج التشغيلية المعتمدة على اللغة العربية ولنأخذ عبرة بالصين فقد بدأت تستقل عن إمبراطورية مايكروسوفت وحظرت استخدام برامج النوافذ الشهير من مايكروسوفت في القطاع الحكومي واستبدال ذلك بمنتج وطني, وبهذا الخصوص الرجاء الرجوع إلى مقال الزميل خالد أبا الحسن في هذه الصفحة عدد 9992() كذلك ما يميزنا عن غيرنا الثقافة الإسلامية والعربية اذ يجب أخذ ذلك في الحسبان عند ايجاد صناعة للبرمجيات.
خامساً: التخطيط للمستقبل بما أن هذا المشروع في بدايته فيجب الأخذ في الحسبان التخطيط للمستقبل وإنشاء بنية تحتية تخدم الحاضر والمستقبل حتى لو كانت التكلفة مرتفعة فالعائد سيكون مجزياً.