Wednesday 23rd February,2000 G No.10009الطبعة الاولى الاربعاء 17 ,ذو القعدة 1420 العدد 10009



,, ومن البكاء سرور,,!
حمد بن عبدالله القاضي

** كنت عندما أقرأ بيت الشاعر المتنبي الذي اقتبست منه عنوان هذا المقال، كنت استغرب ذلك كثيرا,,!
وأقول في نفسي: ما أغرب المتنبي ومعانيه,.
ولكني,,!
آمنت أخيراً بصحة ما يمكن ان يسمى فلسفة المتنبي في التعبير عن قمة الفرح التي تسكن مشاعر الانسان وجوانحه.
انك عندما تريد ان تعبر عن مشاعرك تلجأ في كثير من الاحيان الى لسانك ليعبر عنك، لكن أحياناً عندما تعجز عن التعبير عن مشاعرك سواء منها الفرِحة او الحزينة تلجأ الى بحيرة الصمت!!
لكن الخيار الثالث ان تتحدث عيناك بلؤلؤ الدمع,,!
وهذا امر طبيعي في لحظات الانكسار,.
لكن قد يكون من غير الطبيعي ان يتم ذلك في لحظات الحبور والسعادة!!
لكنه يظل مع ذلك أصدق وأجمل وأنصع تعبير,,!
ان العَبرة هو اقوى ما يعبّر عما بداخل الانسان إن شقاءً وإن فرحاً,.
وهذا المعنى للتعبير عن الفرح أو هذه الفلسفة في التعبير عن مشاعر الانسان ليس المتنبي فقط هو مبدعها، ففي التراث العربي كثير من ذلك، فهناك شاعر عندما خانته الكلمات للإفصاح عن امتنانه لمن أسدى اليه معروفاً ولم يجد ما يكافئه نجده يقول:

شكرتُ جميل صنعكمُ بدمعي
ودمع العين مقياس الشعور
وقد صدق كثيراً
فأحياناً كما حبّرت ذات مرة نجد ان اجمل هزيمة ان تنهزم امام انتصار عواطف الآخرين، وانعطاف محبتهم نحوك,.
إنك مهما منحتهم لحظتها من صفاء الكلمات وصدق الامتنان وجميل العرفان إلا انك تحسُّ في بيادر ذاتك أنك العاجز أمام اقتدار محبتهم,.
وأن عجزك عندها أصدق تعبير.
وأن دمعتك أصدق تجسيد.
وأن سعادة الانسان بمشاعر الناس تعادل حصولك على أغلى الأشياء .
أليس كذلك؟
****
,, لكي يبقى
مستشفى الملك فيصل تخصصياً,,!
** مستشفى الملك فيصل التخصصي,.
احد الصروح الطبية التي نفاخر بها والذي يحمل اسم أحد قادة هذه البلاد العظماء لكن هذا المستشفى يوشك الآن أن يفقد تحقيق اهدافه التي أُنشىء من أجلها ألا وهي معالجة الامراض الصعبة والمستعصية وذلك بسبب عجزه عن توفير وسائل العلاج من استشاري وغرفة وأدوية، ليس لنقص، فيه ولكن لأنه أوشك ألا يكون تخصصياً.
لقد أصبح يستقبل ويعالج أبسط الحالات مما جعله غير قادر على ممارسة دوره الطبي التخصصي بسبب كثرة مراجعيه.
ولقد تناول هذا الموضوع المهم الأستاذ الكريم تركي بن عبدالله السديري في إحدى طروحات لقاءاته الوطنية الموفقة.
إن الاستاذ تركي لم يبتعد عن الحقيقة حيث أشار الى ان هذا المستشفى اصبح يستقبل حالات الانفلونزا مثلما يستقبل حالات السرطان أو أي مرض خطير، ولقد روى حادثة مؤثرة لمريض كان أحوج ما يكون لعلاج عاجل ومتابعة مستمرة، ولكن لم يتم ذلك بسبب عدم وجود غرفة بسبب الإشغال لكافة الغرف!
وما يندرج على توفر الغرف يندرج على تأخير المواعيد للحالات المهمة, لقد أصبحت مواعيد المستشفى بالأشهر لأصعب الحالات وأخشى ان يكون بالسنوات، مع ان مثل هذه الحالات لا تقبل التأخير.
إنه مطلوب دراسة عاجلة لموضوع الإحالات والتنويم في هذا المستشفى حيث يفترض ألا يتم علاج حالة فيه الا بعد مراجعة المراكز والمستشفيات الاخرى، وبحيث يثبت فعلاً وبموجب التقارير الطبية أنه لا يمكن العلاج الا بهذا المستشفى التخصصي وأمثاله كالمستشفى العسكري ومستشفى الملك فهد التي هي الأخرى توشك ان تنوء بأثقالها ومراجعيها!
إننا بهذا الاسلوب نجعل المستشفيات التخصصية تحقق أهدافها التي أُنشئت من أجلها لتوفير ارقى الامكانات الطبية لأبناء الوطن الذين هم بحاجة فعلاً إلى هذا المستوى الطبي من العناية الطبية المتخصصة.
مطلوبٌ النظر السريع لهذا الموضوع الذي قرع جرسه الأستاذ تركي، وأنا والكثيرون يتفقون معه فيه!
,, خالد الفيصل والستون,.
** للشاعر الأمير خالد الفيصل,.
حكاية طويلة مع الزمان كطول ليل الشاعر النابغة,,!
إن من يتتبع شعر الأمير خالد الفيصل وخاصة في السنوات الاخيرة التي صارت قصائده فيها تنحو منحى تأملياً وإنسانياً، يجد ان الزمان طاغٍ على كثير من معانيه، ومستبدٌّ بقوافيه.
إنه مرة يلوم الزمان ولكنه يجد خطأ ذلك اللوم.
لمت الزمان ولايم الوقت غلطان .
ومرةً يحاول ان يقتنص لحظات السرور القليلة التي يجود بها الزمان قبل ان يسرقها هذا الزمان:

إلى صفا لك زمانك على ياظامي
اشرب قبل ما يحوس الطين صافيها
وفي محطات عمره نجده يتوقف عند كل عقد من عمره، واذا كان صديقه وصديقنا الشاعر غازي القصيبي يتوقف عند كل عقد عبر الفصيح فصنوه خالد الفيصل يتوقف عند كل عقد ولكن بالنبطي او المحلي، كما يسميه الشاعر خالد الفيصل.
في آخر وقفات شاعرنا عند محطة الستين عبر قصيدته الرائعة مرّت بي الستين التي قرأتها يوم الجمعة الماضي في صحيفة الجزيرة اعتراف جميل ليس بالوصول الى الستين فقط، ولكن بعدم تذوق شهد كل الهواجس والطموحات التي يحسُّ بها في نفسه رغم انه مرّ أو مرّت به السنون، فهو لم يصل الى كل ضفاف طموحاته وهواجسه.

مرّت الستين والشايب طفل
توي أدرس في كتاتيب الحياة
مرت الستين فكري ما اشتعل
كل ما اشتعل جذوته وقتي طفاه
ترى ,.
ماذا يقول غير خالد الفيصل من اولئك الذين مرّوا بالستين واكثر ولم يبقوا شيئاً ولم يمنحوا عطاءً,.
لكنها النفوس الكبيرة التي عناها المتنبي بأنها اذا غامرت في شرف مروم فلا تطمع بما دون النجوم,,!
وفي وسط القصيدة يتبلور احساسه المستمر بالزمن ورحيله وهزيمته له ولطموحاته وشعوره بأن هذا الزمن الذي أسعده بالعذب القليل منها، وقف حائلاً دون وصوله الى كثير منها، لكنه مع بعض لم ينطفىء إحساساً وطموحاً:

ألتفت والوقت يدفعني عجل
ما انتهيت أمس وباكر ذا سناه
كل يوم أقول في باكر أمل
وإن حضر باكر رجيت اللي وراه
إنها رحلة تحدٍّ مع الزمان لا تتوقف، يطأ فيها الشاعر والانسان الجمر مرةً ويقطف الورد أحياناً يذوق فيها الشهد مرة ويتجرع الصياب أحياناً، عاشها بالأمس ويذوقها اليوم وينتظرها في الغد!
لكن الفرق بين الشاعر المتأمل والانسان العادي ان مرور الايام على الأول يجعله يتأمل ويأمل ويطمح وينتظر ويعطي فلا يرحل عن هذه الدنيا إلا وقد اعطى فيها ولها، بينما الانسان الآخر يعيش لحظته الآتية لا يشغله الا متع حياته الذاتية النرجسية.
لهذا ختم الشاعر خالد الفيصل قصيدته بهذه الصورة التي رسم فيها لوحة حياته ما بين هفوة يرفعها ومرجلة يطلبها، وما بين بيت شعر يبدعه وبيت مجد يصنعه:

أكتب الأيام في شعري غزل
كل بيت عاش في عمري زهاه
وبعد,.

أرفع الهقوات لو حظي نزل
وأقنص القاع الذي ما احدٍ وطاه
أكتب الأيام في شعري غزل
كل بيت عاش في عمري حياه
** وبعد:
مرّت بك الستون أيها الشاعر كما مرّت بغيرك وسوف تمر بنا,, لكن الأهم على المستوى الانساني ماذا قدم الانسان في عمره للدنيا والآخرة؟
وماذا بقي له على المستوى الوجداني ؟
ان الأهم والأغلى ألا يشيب القلب أبداً ليظل قلبك أيها الشاعر والانسان ممتلئاً بالحب والعطاء، ولتبقى عيناك تقول لعيون معشوقها بعد ,, ألم يقل الشاعر الفصيح:

عمري الى الستين يركض مسرعاً
والروح واقفةٌ على العشرين
****
** آخر السطور
** لسيدي أبي بكر الصديق:
** اللهمّ إنك أعلم بنفسي مني,.
اللهم اجعلني فوق ما يظنون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون ,.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved