لا وقت للصمت في الأعماق فوزية الجار الله |
أغمض عينيك حتى تراني
ثمة تفاوت كبير في نظرة كل منا للجمال,, وفي تحديد متطلباته وركائزه,, ومتى يكون,, ومتى لا يكون,,؟
سواء كان هذا الجمال في الانسان أم في الأشياء,, أم في المعاني,, فعلى سبيل المثال يرى البعض عارضة الأزياء (كلوديا شيفر) رمزاً للجمال بينما يرى آخرون أنها ليست سوى امرأة عادية!
ويعجب البعض من زواج أحد الشبان ذوي الوسامة الأخاذة بامرأة عادية ويتساءلون كيف استطاع أن يجعل منها زوجة وأماً لأولاده، بينما هو لا يرى الحياة إلا من خلالها,, ولا تحلو نجاحاته إلا بها,, ويراها دائماً هي سيدة الدنيا وشاغلة القلب,,!
يرتبط الجمال بالإحساس المرهف,, وكلما توهج هذا الاحساس أصبح الجمال قضية تشغل الذهن والروح دائماً,, ولست هنا بصدد الحديث عن ذلك الاختلاف بيننا في تحديد رؤيتنا الخاصة للجمال وانما أردت الحديث عن الجمال كقيمة مميزة وهل استطعنا تعريف أطفالنا به؟!
ثمة ظاهرة كانت وما زالت موجودة لدى بعض أولياء الأمور وللأسف وفي النساء غالباً (الأمهات)، حيث يتم التمييز بين الأطفال علناً وبناء على الشكل الخارجي فنراهم يمتدحون واحداً ويشيدون به ويقربونه لأنه الأجمل (شكلاً) ويبعدون آخر ويضعونه في نهاية الطابور لأنه الأقل جمالاً,, ويؤكد علماء النفس أن لذلك ضررا كبيرا على نفسية الطفل، حيث يفقده هذا السلوك الثقة بنفسه نتيجة إحساسه العميق بأنه يعاني قصوراً ونقصاً لا يملك تغييره ولا ذنب له فيه, وهو هيئته الخارجية وملامحه التي قدم إلى هذه الدنيا وهو يحملها ولا سبيل إلى استبدالها بأخرى أفضل مهما أوتي من قدرة ورغبة في التغيير!
يستبد هذا الإحساس بالانسان في حداثة سنه,, ولكن حين يكبر هذا الطفل نتوقع ان يتخلص من هذا الاحساس,, إلا ان البعض لا يستطيع ذلك ويمتد معه ذلك الاحساس الطفولي القاصر,, ويزداد هذا الشعور لدى المرأة التي يحتل مظهرها مكانة هامة جداً أضعاف ما لدى الرجل,, وربما تكون التقاليد والعادات الاجتماعية الموروثة سبباً هاماً في تكريس ذلك,, إذ لو عدنا الى كتب التراث الأدبي (والشعر خاصة) لوجدناها تفيض بالإشادة بشكل المرأة وجمالها الخارجي بينما يتم إغفال امتيازاتها الأخرى بشكل واضح,,!
وبما ان جمال المظهر الجسدي أمر لا يملكه أي منا وحتى ولو وجد لا بد ان يكون هناك نقص ما، إضافة إلى انه أمر مؤقت يرتبط غالباً بسنوات الشباب وتألق الروح,, لذا تبقى الثقة بالنفس هي الجانب الأهم والذي ينبغي تكريسه في الاطفال منذ الصغر,, ثقتك بنفسك التي تشمل تقديرك لذاتك واحترامك لها وإجلالها ورفعها عن كل ما يسيء لها,, كل ذلك يضفي عليك جمالاً أخاذاً مكتسباً يتعمّق ويزداد بالتدريب والمران,.
إننا نخنق الجمال ونقلل من شأنه حين نحجره فقط في زوايا وسراديب ضيّقة تبدأ وتنتهي بالشكليات!
|
|
|