ليس السفن وحدها لا تحتمل أن يقودها قبطانان ، فالدول قبلها لا يمكن أن تدار برأسين,,!!
والسودان ظل ومنذ ثورة الإنقاذ وحتى وقت قريب يدار برئيسين، رئيس شرعي منتخب من الشعب، يعزز شرعيته أنه كان القائد الفعلي لعملية التغيير العسكري وآخر تجاوز دوره كمفكر التقت افكاره مع تطلعات قادة الجيش فصنعا التغيير الذي رافقه كثير من عدم وضوح الرؤية والضبابية بسبب تدخلات فقيه النظام ولأن الدولة لا تدار بالتنظير فقط، ولا الأفكار المثالية والأحادية الجانب التي تمثل فئة من الشعب لا يمكن أن تفرض على باقي الفئات ولأن التوجه الفكري الواحد في بلد متعدد الأعراق والأديان واللغات لا يمكن أن يصلح إلا اذا كان هناك تفهم وفهم ينبع من أخذ مصالح وطموحات كل القوميات والأديان في الاعتبار.
نقول ولأن كل ذلك كان يحدث في السودان فقد تعرض البلد والنظام والشعب الى محاصرة وصلت الى حد المقاطعة حتى من أقرب الجيران، بل إن الجيران تورطوا في عمليات لتغيير الأوضاع.
قبل أن يحزم الرئيس عمر البشير أمره ويعيد الأمر لنصابه، ويجعل للسفينة قبطانا واحدا، وللدولة رئيسا واحدا، وصوتا واحدا يعرف أصدقاء السودان وجيرانه وحتى أعداؤه مع مَن يتكلمون ومع من يتفاهمون,, كان يسأل من يحكم السودان,,, يجيب بدبلوماسية,, بل حتى بخلق ودماثة خجولة، اننا نحن الذين نحكم السودان,, ولكن من هم نحن التي كان يقصدها البشير، فقبل وضع الأمر في نصابه كانت نحن تعني الحزب الحاكم,, والحزب الحاكم، كان وقتها لأمينه العام نصيب مشارك إن لم يكن النصيب الاكبر، ولذلك كان الأمر يختلط على الجميع.
كان الأمر مشوشا وغير واضح للأشقاء والجيران والأصدقاء والأعداء ولذلك تخلّى الأشقاء إلا من يعرف السودان كالمملكة، وهنا لا أقصد الحديث عن بلدي، فقد عُرف عن المملكة عدم التخلّي عن الأشقاء حتى الذين يتوهون في زحمة تضارب الآراء.
نقول تلك الحالة جعلت الأشقاء يتخلون عن السودان إلا ما ندر والأصدقاء يدافعون بخجل، والأعداء ينشطون ويكثفون مؤامراتهم ويزيدون من عزلة السودان، بتضخيم ما كان يقوله الفقيه ,,,!!
الآن عاد السودان يُحكم برأس دولة واحد,, والرؤية أصبحت واضحة,, وشفافية التوجّه ناصعة,, فما بال الأشقاء محجمون والأصدقاء مترددون، في حين لا يزال الأعداء ينشطون لتفريغ كل ما اتخذ من قرارات التصحيح الأخيرة.
قد يحتاج السودان الى وقت ليثبت أن الاستقرار السياسي يترسخ بعد أن حددت معالم الطريق، إلا أن مثلما الاستقرار السياسي جاذب للاستثمار، فان تدفق الاستثمار وبالذات العربي سيعزز الاستقرار السياسي، وهنا يبرز دور الاشقاء والأصدقاء لدعم الإصلاح في السودان.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com