فور وصوله أمس بدأ المنسق الأمريكي لعملية السلام مهمته التي تنحصر في ايجاد السبل لتحريك مفاوضات السلام على المسارين الفلسطيني من جهة والسوري/ اللبناني من جهة أخرى, ولم يجد ايهود باراك في نفسه صبرا ينتظر به نتيجة هذا التحرك الأمريكي الجديد، فبادر الى املاء شروطه التي تتعارض شكلاً وجوهراً مع الاتفاقات المبرمة مع الفلسطينيين بشأن قضايا الحل النهائي, وموقف باراك أمس ربما قصد به عرقلة مهمة دنيس روس، او إفشالها تماماً إذا لم تحقق المهمة شروطه لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين,, وهو موقف يجدد التأكيد لدى المراقبين على أن باراك لا يريد سلاماً حقيقياً مع أي طرف عربي, وعلى المسار السوري/ اللبناني، هدد باراك أمس بأنه سيرد بقوة على أي هجوم على شمال اسرائيل أثناء انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان.
وهذا التصريح لا يقوم الا على الهواجس الأمنية التي تملي عليه سياسته العدوانية الحالية ضد لبنان، وهو بهذا التصريح يتجاهل تأكيدات رئيس جمهورية، ورئيس وزراء لبنان وغيرهما من كبار المسؤولين بأن لبنان - حكومة وجيشاً - قادر على تولي مسؤولية الأمن على حدوده مع اسرائيل عندما تسحب قواتها وتنهي احتلالها للشريط الحدودي.
ولكن باراك لا يريد ان يظهر أدنى قدر من الثقة فيما يقوله أي زعيم عربي بشأن السلام والأمن مع اسرائيل، وإنما يريد فقط ان يصدق هواجسه، ويسمع صوته ويتعامل مع حقائق المنطقة بما تمليه عليه تلك الهواجس الأمنية التي لم يفكر لحظة واحدة ان يضعها موضع اختبار عملي!
ولعلّ مما يزيد في قوة الدلالة على انه لا يريد سلاماً عادلاً مع أي طرف عربي، ويريد فقط ان يملي ارادته بالقوة العسكرية، موقفه الحالي من زيارة الرئيس المصري محمد حسني مبارك للبنان إذ طلب باراك من الولايات المتحدة الامريكية وقف مساعداتها الاقتصادية والعسكرية لمصر 2,2 مليار دولار!
ومع ذلك يدّعي باراك بأنه يريد السلام مع العرب على أساس فهمه وشروطه التي يدعمها بالقوة العسكرية!!
الجزيرة