تأنيث القصيدة والقارىء المختلف نقد
د, عبدالله محمد الغذامي
المركز الثقافي بيروت 1999م.
يستكشف الناقد الدكتور عبدالله الغذامي في كتابه الجديد تأنيث القصيدة والقارىء المختلف يستكشف آفاق السر الكبير المضمر والذي يقبع وراء هالة من المقولات الذكورية التي تفصح عن قوتها وفحولتها الهائجة.
ويقسم المؤلف كتابه الى قسمين هما التأنيث والقارىء المختلف,, كما يتحدث في هذا السياق عن رحلة المعنى التي يصفها بأنها رحلة بين الشاعر والقارىء.
ويشير الدكتور الغذامي في مقدمة كتابه إلى أنه يسعى الى شرح تفاصيل بناء القصيدة التي عرفت على مدى عقود وقرون بأنها ذكورية النزعة والهوى مستهلاً هذه الدراسة بمقولة لأبي النجم العجلي تصور الشعر بأنه شيطان ذكر فيما اورد شواهد أخرى حول ذكورية الشعر في التاريخ العربي ، محاولاً في هذا السياق ان يخلق التوازن في روح هذه الريادة المطلقة ليجد لتأنيث المنجز فرصة جديدة لأن يقول كلمته بشيء من التجرد والتجدد والفتك بالمنجز الذكوري على غرار تداخله المبدئي في استعراض تجربة الشاعرة العراقية نازك الملائكة والتي يرى أنها ورغم الريادة التي حظيت بها لم تأت إلا بنزرٍ يسير من التجديد العروضي الذي كتبت به قصيدة الكوليرا وهي المنشورة أواخر عام 1947م الكتاب ص 15 .
ويركز الناقد الغذامي في مبحثه الثاني من الكتاب على الكيفية المناسبة لقراءة القصيدة الحرة مبيناً في مستهل هذه المقالة الجذور الأولى لحالة الشعر الحر الذي انطلق من العراق رافعة لواءه كما أسلف الشاعرة نازك الملائكة.
ويختتم المؤلف قسم كتابه الأول بمقالة تقارب معاني الكتابة السردية التي يحدد فيها ماهية الحكاية الأنثى مستنداً في هذا السياق على مايكتنزه التاريخ الأدبي من حكايات وأقوال كان للأنثى الدور البارز في وجودها كحكاية ألف ليلة وليلة وما تواتر بعدها من حكايات، وروايات ربما يكون آخرها رواية رجاء عالم الأولى والتي وسمتها بعنوان أربعة /صفر .
ويمهد الدكتور الغذامي للقسم الثاني من هذا الكتاب بإلماحات تبين منهجه في التعرف على رحلة المعنى مبتدئاً باعادة صياغة سؤال الابداع، وسؤال النقد وأسئلة أخرى لها علاقة وطيدة بالمفهوم الذي يعد القارىء بالوصول الى فحوى هذه المطارحات التي تؤكد رحلة المعنى في وقت يؤكد فيه انكسار مركزية المعنى ومركزية الذات الاولى التي تحتكر المعنى ليصبح المعنى أو يصير مبعثراً على وجه النص ينتظر قارئاً ما لكي يقطف ثمار المعنى من شجرة النص ,, حول مدخل البحث الكتاب ص 103 .
بحوث القسم الثاني من الكتاب جاءت على هذا النحو: المعنى في بطن القارىء، رحلة المعنى من بطن الشاعر الى بطن القارىء، القارىء المختلف، الأعمى هو الابصر، طه حسين سيد المعاني، ما بعد الأدونيسية شهوة الأصل ,.
وتعد هذه المقالات اجمالاً اقامة مشروع أحفوة يفتش فيها الناقد الغذامي عن جملة من الانساق الثقافية مستعيناً في هذا الاطار بمطلقات النقد الثقافي الذي يرى انه سيفعّل دور المنجز القرائي لأي ابداع يقف أمام المتلقي ليصبح النقد كما يرد في الغلاف الأخير من الكتاب نسقاً ثقافياً وأدباً جمالياً متجلياً.
يقع الكتاب في نحو 206 صفحات من القطع العادي سبق بمقدمة للمؤلف وذُيّل بثبت فهرسي، ، وآخر لجملة أعمال المؤلف في مجال النقد,, وجاءت لوحة الغلاف من التراث الشرقي فيما جاءت لوحة الغلاف الخلفي للفنانة رحاب عبدالله الغذامي.
***
*أقوال تخرج من السحارة
*حكاية سحارة مقالات
*د, عبدالله بن محمد الغذامي
*المركز الثقافي العربي 1999م
يقف الناقد الدكتور عبدالله الغذامي من النقد موقف الملهم الذي تتساوق اليه الأقوال والافكار على نحو يذهل القارىء، والمستمع,, فهو في حكاية سحارة يقيم علاقة قوية مع النص تؤسسها رغبته القوية في اقتفاء حساسية المعنى الذي يسترده من اعماق القول,, وكأنه في تصويره للسحارة مشغول في استعادة الحوائج المعاني من جوفها.
ولأن الفن يتجلى بانبثاق المعنى من اعطاف القول يدخلنا الناقد الغذامي من أوسع أبواب الأدب الذي يؤاخي بين لحظة الاستعادة واشتعال الذات في تلازمهما الفطري نحو كوامن اللذة أو وهج الالم.
الناقد الغذامي في كتابه الجديد حكاية سحارة يستشرف طرافة المتعلق الحميمي الذي يشكل هذه السحارة فهي لغة أمينة لا تتخلى عن صدقها، وموضوعيتها لحظة ان يقابل الكاتب مشاهد تتوالى على هيئة تقارير يعدها على لسان حداد بن حارث الجزاري والذي يصفه المؤلف بأنه شديد الغيرة على الذوق وعلى تربية الأجيال.
ولا يتخلى الغذامي عن خطابه النقدي الموجه الى الشعر,, فهو يشيع لغة البلاغة والفصاحة واختصار الأقوال لتكون شاهداً قوياً على مراميه النقدية للشعر والشعراء فلا يخلو مشهد واحد من هذه المشاهد السحارية من استنباط او استدراك لجملة من الأمور البلاغية والنقدية التي توضح رحلة المعنى التي عني بها الناقد وأعطاها جل وقته.
وتتوالى مقولات الغذامي في هذا السياق لتسجل النقد المنهجي الواضح ذلك الذي يتكىء على وضوح الفكرة وبيان الهدف.
ويمكن لنا ان نلتقط أشياء كثيرة من فضاء هذه المقالات القصيرة فهي تمثل الجرعة المناسبة للحديث عن الواقع ونقده من منطلق الوقوف على الأشياء وتأملها بما تقتضي حالات الحكاية المتواترة عن عالمها الفضفاض.
حكاية سحارة نقد لاينطلق من قاعدة النظريات او الدلالات انما هو نظرة فطرية تتجسد باصطياد لحظة التنوير اللازمة لكل مشهد,, لكنها لا تلبث ان تعاود الظهور كدلالة أخرى على مشهد الثراء اللازم للغة.
ولايخفي الناقد الدكتور عبدالله الغذامي ميله الشديد نحو نقد الشعر والتداخل معه إلا انه جاء بصورة متوازنة مع التعريض برؤية النقد فلم تغفل أي مقالة دورها في بناء النقد,, لكن المؤلف ورغم إلماحاته هذه استجاب الى مطلب الكتابة عن السحارة وخاض غمار الكتابة السردية التي تجلت في تصويره لمشاهد الحكاية السادسة الكتاب ص 33 .
ولأن الدكتور الغذامي يؤيد ملمح الاستدراك على الاشياء من منطلق نقد الذات نجده لا يكف عن الدخول في تفاصيل حلم الأشياء بوصفه بطلاً راوياً لا يختلف عن رؤيانا له ناقدا يستدعي النظرية، ويوجهها مع سهام نقده الى المنجز الأدبي,, فهو في هذه المقالات لا يتكىء على الرواية من منطلق العلم بأشياء انما هو المكتشف الحقيقي لبكارة المعاني الاتية من تفاعله مع الشارع في الحكاية السادسة، والمدرسة في السابعة، والحقل في الثامنة,يقع هذا الكتاب في نحو 124 صفحة من القطع العادي جاء على هيئة ست وعشرين حكاية، كل حكاية تتألف من عدة مذاهب وجاءت الرسوم للغلافين الأمامي والخلفي للفنانة رحاب عبدالله الغذامي,, فيما سبقت هذه الحكايات بتقديم مقتضب من المؤلف وصفحة أخرى حوت مقولة عن تكاذيب الأعراب قيلت على لسان العباس ونقلت عن المبرد في كتابه الكامل .
عين ,, شين