بوح المبدع المجهول إبراهيم الناصر الحميدان |
لا اعتراض للجندي المجهول وهو تكريم معنوي لذلك المقاتل المجهول وراء الخطوط ومن بين فوهات المدافع والبنادق وداخل الخنادق الذي يتلقى ضربة قاتلة تجعله ضمن قائمة الشرف لدفاعه عن أرض وطنه حتى الافتداء بحياته، فهو تقليد دولي بل قد يكون ذا طابع انساني, انما ثمة جنود مجهولون في مواقع أخرى قلما عرفهم الناس لا سيما في مجالات الابداع، فالناس يمتدحون ذلك الشادي المغني ويتمايلون طرباً عند سماع نغمات صوته، وفي الاحتفالات العامة تصفق له الأكف عالياً وتطلب منه الحناجر الاعادة مرة تلو الأخرى ويتعالى الاعجاب الى درجة الرقص الجسدي بعد الرقص النفسي,
ولكن هل تساءل أحد المستمعين من يقف وراء ذلك الطرب اذ ان الشادي صوت فقط لا علاقة له بمبدع كلمات النغم، فهناك الشاعر الذي تاه في بيداء الحب حتى الشقاء أو بالفقر وربما بألم انتفاض الاصحاب والاقارب وغير ذلك من أمور الدنيا فكانت كلمات القصيدة هي المعبرة عن ذلك الشجن بينما الشادي لا يعرف عن تلك المعاناة إلا القليل، تذكرت هذا الموقف والناس في انحاء الوطن العربي يسترجعون ايام مطربة القلوب السيدة أم كلثوم وهي تشدو باغنيات أحمد رامي ورباعيات الخيام وغيرها في المسلسل الذي كتب عن تاريخ حياتها الفني والاجتماعي وما مر بها من احداث درامية,
ومن جانب آخر في حقل الفن ايضاً الخامس يتحدثون باعجاب عن الممثل الكوميدي عادل امام في أكثر اعماله الساخرة ولكنهم لا يعلمون شيئاً عن كاتب الابداع الذي يأتي على لسان الممثل,
فعادل امام مجرد حافظ للدور يضيف إليه بعض الحركات الكوميدية ولكنه ما كتب سطراً واحداً مما يردده على خشبة المسرح انما الفضل يعود للمبدع المجهول الذي استخلص هذا النص من أفواه الناس الذي يقابلون متاعب الحياة بالسخرية والتنكيت عسى أن يخفف ذلك من معاناتهم ومصاعبهم اليومية,
فيا أيهاالمتلقي ليس عليك سوى ان تعيد الفضل لأهله والفن لمبدعه، فالمطرب أو الممثل ليس سوى واسطة بالصوت والنغم لنقل مشاعر وأحاسيس اولئك الجنود المجهولين الذين ننساهم في غمرة ما نعيشه من حالات نفسية تفرزها تلك المواقف الانسانية لاناس وراء الكواليس يستحقون الاشادة وعدم النسيان,
|
|
|