خبت اليوم شعلة من نور كانت تضيء دربنا وتهدينا إلى الطريق القويم كلنا نعزي فيك ياعفت، فلم تكوني والدة لسارة، ولطيفة، ولولوة، وهيفاء، فحسب، بل كنت والدة لكل سعودية، ارتوت مناهل العلم المنتشرة في بلادنا، وقطفت من ثمار نبتها، الذي غرست بيدك بذوره لتكبر وتنمو تحت رعايتك وعنايتك.
لم تكوني امرأة عادية يا عفت، لم تكن عادية، تلك الشابة ذات الستة عشر ربيعا، عندما طلبت من ملك بلادها عبدالعزيز بن عبدالرحمن، يعينها لتعود اليها, طلبت العودة لبلادك يوم لم تكن مطمحا لاحد، ويوم كنت تعيشين حياة النبلاء في تركيا تعلمت في مدارس بناتهم تثقفت بشتى العلوم واتقنت عدة لغات, زهدت في العيش الرغيد وضربتي مثالا عاليا في الوطنية، حين ادركت ان رسالتك في ارض وطنك اسمى وانبل ولا عجب ان يختارك الفيصل العظيم شريكة حياته تقاسميه همومها ومسئولياتها, فقد رأى تميزك عن سائر النساء، فنلت ثقته حين اوكل لك رسم سياسة تعليم المرأة في بلادك، فقمت بذلك على اكمل وجه، رسمتيها بما يتماشى مع تعاليم دينك وتقاليد مجتمعك، فانتشرت مدارس ومعاهد وجامعات تنير طريق المرأة بالعلم عن ظلمات الجهل, ولم تقفي عند ذلك الحد بل بذرت حب عمل الخير فكات ثمرته جمعيات خيرية نسائية، تزرع الخير وتحصد الصلاح، وكنتي تدعمينها وتوجهينها في الاتجاه الصحيح.
كنت امرأة شجاعة في كل مرحلة من مراحل حياتك الجديدة كنت شجاعة عندما تعلمت لغتك الاصلية كنت شجاعة عندما اقترنت بامير مرموق يتنبأ له بمستقبل عظيم, كنت شجاعة في مواجهة مصاعب حياة ملك وقائد امه، كنت بجانبه الزوجة الحبيبة المخلصة الوفية، واحسنت تربية بناتك وابنائك حملت عنه هموم المرأة في بلاده ، ورعيت شئون نسائها كنت شجاعة يوم تلقيت نبأ مقتله المفجع، فتماسكت مؤمنة محتسبة لتعلمينا درسا في الصبر على المكاره وحتى في صراعك الطويل مع المرض كنت شجاعة قوية متماسكة الى ان غلبك، فاستسلمت واسلمت روحك راضية مرضية.
اننا اذ نودعك اليوم يا عفت، لنؤكد لك ان رسالتك في حب الخير ومكارم الاخلاق والرفعة والعزة بالعلم، ستبقى حية لن تموت فهي ارث غال سنتوارثه جيلا بعد جيل,رحمك الله يا عفت، وغفر لك، وقدس روحك في جنات النعيم، والهمنا جميعا الصبر والسلوان.