لا وقت للصمت ناصر وعبدالله,, والموج فوزية الجار الله |
لا أعتقد بأن الوقت تأخر كثيرا للحديث عن مسلسل طاش ما طاش اذ لا يرتبط هذا المسلسل بمناسبة معينة,, فهو ذلك العمل الفكاهي الخفيف المطلوب طوال العام,, وليس فقط في شهر رمضان، لأنه يطرح همومنا ومشكلاتنا ويجعلنا نمارس دور المتفرج عليها ونضحك من أعماقنا كوسيلة غير مباشرة للتخفيف من مرارة المعاناة!.
والمتتبع جيدا لهذا العمل يلاحظ بأن هناك تطورا ملحوظا وتحسنا أكثر عاما بعد عام، وذلك ولاشك أمر يبهجنا ويجعلنا نتفاءل بأن القادم أجمل بإذن الله,, ولا أدل على نجاحه من ان الكثير منا رغم مشاغلهم يحرصون على متابعته ووضعه ضمن برنامجهم اليومي,, وهذا العام كان هناك أكثر من حلقة مميزة ضمن المسلسل من هذه الحلقات: الثلاجة :
التي تتحدث عن جثة عامل يموت لدى صاحب احدى المزارع وتبقى هذه الجثة في الثلاجة لعدة أشهر بسبب الروتين واجراءاته الثقيلة من قبل وزارة الصحة كإحدى الجهات المعنية,, بينما الموضوع بسيط جدا,, جثة أحد أبناء المسلمين لابد من ارسالها الى ذويها ليتصرفوا بها! والطريف في الأمر ان صاحب المزرعة بشير الغنيم حين ضاقت حيلته لم يجد إلا الشكوى,, وبدأ بتحرير شكواه عن هذا الأمر,, وتستمر الأحداث وصاحب المزرعة يكتب الشكوى! وتمضي الأيام وصاحب المزرعة يكتب الشكوى! وأثناء الأحداث تظهر أطراف أخرى عدا وزارة الصحة كالبلدية وغيرها والسيد المذكور ما زال يكتب الشكوى!.
ونستخلص من هذه الحلقة من المسلسل عدة دلالات:
أولا: نفكر ونتأمل في عنوان الحلقة والذي يبدو في تقديري أنه لم يوضع اعتباطا,, فالثلاجة ليست فقط هي تلك التي تحوى جثة الميت وانما تلك الثلاجة التي يضع البعض فيها أحاسيسه ومشاعره وعمله فيبدو باردا مثلجا لا يحل ولا يربط ولا يحرك ساكنا,, اضافة الى الكثير من أمورنا الهامة التي تبدو مجمدة لم يتم تغييرها أو تطويرها رغم كثرة الشكوى!
ثانيا: لابد من التفريق في العمل بين ما هو عاجل لا يحتمل التأخير وبين ما هو عادي يحتمل التأخير عند الضرورة,, من هذه الأمور التي لا تحتمل تأخيرا: الوفاء بحقوق الآخرين انسانيا ومعنويا وماديا اولاً,, ورفع الظلم عن الناس ثانياً وحماية أرواحهم ومصالحهم ثالثاً.
وما زال يشكو:
استمرار الرجل في كتابة الشكوى ايضا دلالة لها معنى ظاهر وهي ان الشكوى استغرقت زمنا,, ومعنى آخر في بطن الشاعر يدل دلالة أكيدة أنك قد تشكو وتبح صوتك نداءً وصراخاً ولا من يجيب,, إما لعدم قناعتهم بشكواك وإما لأن ثمة أمورا أكبر تشغل المسؤول الأعلى وهذه من مشكلات المركزية التي يتبعها الكثير من الجهات الحكومية ,, إما لأن الموج عال جدا فوق قدرة القبطان,, وإما لأن الشق متسع جدا فأي رقعة سوف تكفيه,,؟!
شكرا لناصر وعبدالله وللأستاذ المخرج عبدالخالق,, ولبقية فريق العمل الذي أبلى بلاء حسنا.
|
|
|