بوح ما بين الفقر والترف إبراهيم الناصر الحميدان |
هي دروس نتعلمها ممن سبقونا بالتطلع والتأمل في مسيرة الحياة الانسانية كما أن الشواهد المعاشة تؤكد لنا في الكثير من الأحيان صواب تلك النظرة المتبصرة.
من ذلك مثلاً تململ الناس من وضعهم الاجتماعي أو المعاشي لا سيما الفتية من الجنسين ورغبتهم في تحقيق الطموحات التي حظي بها اقرانهم من السعة في رزق أهلهم ونيل أكثر مما يحتاجون إليه والتطلع بحد ذاته ليس من الأمور السيئة بل إنه عماد التنافس الاجتماعي، فالفرد يسعى إلى ما هو أفضل طيلة حياته.
كما جاء في قوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (النجم 39)، أي انه حسب اجتهاده سوف يحصل على طموحه مع اننا نعرف كمسلمين القدرة الإلهية على وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات أي أن عدم المساواة من صفات المخلوق حتى تستقيم العلاقات الاجتماعية، فالفقر يوجد التنافس نحو الأفضل والثقة بأن الانسان سوف يحصل على ما كتب له في هذه الدنيا وليس بالضرورة ان تكون الحالة المادية هي المقصودة هنا إنما هي بعض مما كتب في لوحه منذ ولادته، فالنبوغ ليس حالة مادية انما هي صفة فردية قد يحظى بها الفقير المعدم وليس الثري المتخم بل قد يكون الترف من أسباب التراخي وعدم التنافس البناء واتاحة الفرص للجميع، ولهذا نرى أن ميدان التنافس ليس حكراً على فئة دون أخرى, ولعلنا تابعنا ظهور وسقوط النظام الشيوعي الذي صور فيه ماركس بأن من الممكن أن يتساوى الناس في المجتمع خاصة الطبقة العاملة, بيد أن التجربة العلمية أثبتت بطلان هذه النظرية التعسفية التي كان من نتيجتها تفشي الفساد في الطبقة الحاكمة وعلى رأس ذلك الدكتاتورية الغاشمة التي أذاقت الفقراء بالذات الكثير من ويلات التحكم الوحشي، فكان سقوطها من طبيعة تفسيرها للحياة الاجتماعية الخاطئ وانقلاب الطبقة العاملة على حكامها الذين خدعوها بالتلاعب في أقدارهم.
ولست بهذا أدافع عن النظام المقابل الذي لا يقوم ايضاً على العدل والمساواة لأن تفسخه هو الآخر واضح للعيان، ويكفي ما نقرأه أو نشاهده من المآسي في بلاد الغرب, وأمريكا بالذات حتى ندرك أن فشل هذا النظام ليس بعيداً عن الآخر مما يجعلنا نتمسك بديننا وشريعتنا السمحاء التي يثبت الواقع على مر العصور انها وحدها التي تؤاخي بين الجميع وتدع لهم فرص التنافس بعيداً عن التعصب والنظرة المحدودة مهما اختلفوا في الواقع الاجتماعي أو التسلسل الطبقي.
|
|
|