تواصلا مع موضوع المقالة السابقة الجزيرة، 9/11/1420ه ، والتي كانت بعنوان عفوا,, يا إدارة التعليم,, لا نريد مثل هذه التقنيات القديمة في مدارسنا!! فقد اتصل بي الاخوة وذكر لي احدهم شيئا مما حدث في المدرسة التي يعمل بها، وفهمت مما قال بأن بعض مديري المدارس استدرجوا من حيث لا يعلمون فتورطوا بطريقة او بأخرى في المساهمة في تنفيذ هذا المشروع الغريب,.
وقد بلغني بأن مندوب الشركة ,,, المستفيدة من المشروع المذكور يقوم يزيارة المدارس الابتدائية في نطاق مدينة الرياض، ويبدأ حملته بعرض مثير لجهازه محاولا اقناع المدير وبعض المدرسين بجدوى جهازه المذكور وبأهمية اقتناء المدرسة له، ثم يحاول اقناع مدير المدرسة بطريقة قد لا تخلو من احتيال بالتوقيع على عقد اتفاق تمت صياغته بشكل يكبل مدير المدرسة ويرغمه على الاستمرار في خط سير الشركة الى ان تنتهي من جني الاموال التي يحضرها التلاميذ من ذويهم,وسيكون لي وقفة لاحقة مع هذا العقد الذي يتعارض جملة وتفصيلا حسب علمي مع انظمة المدارس واهدافها، كما اشك في انه يتفق مع نص الموافقة التي حصلت عليها الشركة من إدارة التعليم,, واتساءل هل نظام التعليم يجيز لمدير المدرسة ان يوقع ويختم بختم المدرسة على عقد اتفاق يهدف الى استدراج اولياء الامور بأي اسلوب كان لشراء أية اثاثات او تجهيزات الكترونية او غيرها؟,,,هذه الشركة ذات المسؤولية المحدودة، لم تكتف باقناع المسؤولين في إدارة التعليم، والحصول منهم على موافقة بتسويق سلعتها البائرة في مدارسنا وتمويل شرائها من جيوبنا نحن اولياء الأمور,, بل عمدت الى تكبيل مديري المدارس بعقد اتفاق يضمن استمرارهم معها في هذه العملية التجارية حتى بعد ان يكتشفوا انها لا تصلح.
ومن الطريف في هذا الموضوع ما ذكره لي الاخ الذي اتصل بي بأن مندوب الشركة كان يردد باستمرار بأن الملفات الدعائية كلفت شركته ما قيمته 4 ريالات لكل ملف، وانه يريد على الاقل ان يغطي تلك الخسارة بالنسبة لشركته من جيوب اولياء الامور,,!! يا سبحان الله، يريد ان نتحمل نحن اولياء الامور تكاليف حملته الدعائية لمشروعه التجاري، مع انه هو الذي سيجني الارباح لا نحن,,! ومع ان عقد الاتفاق الذي يوقع بين مدير المدرسة ومندوب الشركة، يتضمن مادة صريحة جاء فيها: تقوم شركة ,,, وعلى حسابها الخاص بتجهيز وطباعة جميع نماذج المساهمة لكل طلاب المدرسة ,, ويقصد بنماذج المساهمة الملفات الدعائية التي تسلم لكل طالب!! .
كما ذكر لي الاخ المتصل، بأن مندوب الشركة المتعاقد اعترض، في اليوم التالي من حضوره، على مدير المدرسة لأنه فتح بعض مظاريف المساهمات التي احضرها الطلاب قبل حضوره هو، معللا ان عقد الاتفاق الذي وقع بينهم يتضمن ان تشكل لجنة بين الشركة والمدرسة لفتح المظاريف وتقوم هذه اللجنة بعد النقود التي بداخل المظاريف ثم يتسلمها مندوب الشركة، ويكتب بها وصل استلام لمدير المدرسة، اي انه لا يثق بمدير المدرسة في جميع الأحوال,
وفي اجابته على سؤال لأحد المعلمين ماذا سيحدث لو ان المبلغ الذي جمع لا يكفي لشراء جهاز واحد مثلا، او ان المبلغ المحصل زاد عن ثمن الجهاز الواحد بمبلغ يقل عن ثمن جهاز ثان وهذا هو الذي سيحدث في جميع الحالات ؟، أجاب مندوب الشركة قائلا: ستحتفظ الشركة بالمبلغ الذي يقل عن 6500 ريال، قيمة الجهاز الواحد حتى تكملوه بالاسلوب الذي ترون، او نعطي لكم في المقابل جهازا مستعملا او قديما، ربما يعني اكثر قدما من اجهزته تلك ، او ان تقدم الشركة كوبونات توزع على التلاميذ المساهمين، يشترون بها اية اجهزة من محلات الشركة فقط ,, وان لم يجدوا ما يصلح في تلك المحلات فربما عليهم ان يبلوها ويشربوا ماءها!! .
ومن الملاحظ ان مندوب الشركة كان يصر على ان توزع ملفاته الدعائية على جميع الطلاب بما فيها المراحل الدنيا، على الرغم من ان البرامج التي يتضمنها المشروع ليس فيها برامج لمناهج تلك المراحل، اي انه يريد ان يدفع اولياء امور هؤلاء الطلاب مبالغ لن يستفيد منها ابناؤهم، وهذا تأكيد لما ذكرته بأن الهدف الاول والاخير لهذا المشروع هو الهدف التجاري والكسب المادي لا غير,,! مع العلم بأن هذه الشركة لا يتوفر لديها الا عشرة برامج فقط، وهذا ما لم يذكر في ملفهم الدعائي,, حيث يظن القارئ للملف بأن الشركة ستؤمن اقراصا لجميع مواد المنهج، وهذا غير صحيح، إذ يتضح من العقد المشار اليه بأن كل جهاز سيؤمن معه عشرة برامج تعليمية فقط، وهي ليست مخصصة لمرحلة دراسية واحدة بل موزعة على اكثر من مرحلة دراسية، فهذه الشركة لديها فقط برامج لسبع مواد احداها اللغة الانجليزية التي لا تدرس في المدارس الابتدائية ,,وحددت الشركة قيمة القرص الخاص بالمادة الواحدة بسعر (150 ريال) للفصل الدراسي الواحد، اي انه لابد من دفع مبلغ 300 ريال مقابل كل مادة، ولو انكسر القرص او اصابه تلف فإن الشركة غير مسؤولة! وعلى المتسبب ان يدفع نفس المبلغ للحصول على نسخة بديلة، ألم أذكر في المقالة السابقة انه مشروع احتكار واستغلال؟؟ ، والغريب ان الشركة قالت على لسان مندوبيها بأنها لن تكون مسؤولة لو تغيرت المناهج بل ربما تلك امنية تتمنى الشركة ان تتكرر كل عام ، عندها فقط سيزدهر بيع الاقراص، وربما رفع سعرها بعد ان تكون المدارس قد تورطت بهذه الاجهزة التي لا يمكن الاستفادة منها في تشغيل أية اقراص اخرى، إلا تلك التي تؤمنها الشركة المحتكرة .
والمعروف ان وزارة المعارف تعمل هذه الايام على تطوير المناهج الدراسية وتغيير بعضها، مما سيكلف اولياء الامور مبالغ اخرى لشراء اقراص للمناهج الجديدة, او ان تحفظ تلك الاجهزة في مستودعات المدارس، فلا داعي للقلق، لأن انتاج برامج تتوافق مع المناهج الجديدة سيتطلب بعض السنوات فقط، إلا إذا كان الامر سيتم بعمليات مرتجلة وسطحية وطبعاً المستفيد هي الشركة,, ولا يوجد ما يلزم الشركة بإنتاج برامج للمناهج الجديدة بمعنى ان تقاعس الشركة عن انتاج مثل تلك البرامج سيحيل تلك الاجهزة الى التقاعد المبكر بمجرد تغيير المناهج,, فما ذنب أولياء أمور الطلاب؟.
انا لست ضد مبدأ مساهمة اولياء الامور في تأثيث وشراء بعض الاجهزة لمدارس ابنائهم لكن ارفض البيع على المدارس بهذه الطريقة، والاستغلال والاصطياد في الماء العكر خاصة استغلال جهل الآباء وبعض المسؤولين في التعليم بمثل هذه التقنيات والترويج لها من خلال تفخيم حسناتها وعدم تبيين ما فيها من سلبيات,.
وبخصوص العقد الذي يطلب مندوب الشركة من مديري المدارس التوقيع عليه فيتضمن بعض المواد التي لا تخلو من مبدأ الاستغلال، فاقرؤوا معي بعض ما جاء في العقد المذكور تحت بند التزامات مدرسية كما جاء في العقد حرفيا :استثارة المعلمين والطلبة على استخدام هذه التقنية, لاحظوا كلمة استثارة .
حث الطلبة وأولياء امورهم والمعلمين بالمساهمة بتمويل هذا المشروع.
تزويدنا بأسماء جميع الطلبة حسب توزيعهم على الصفوف الدراسية, لا ادري ماذا سيفعل بهذه الأسماء؟ .
التعهد بأن جميع المبالغ المستوفاة من قِبل اولياء امور الطلبة تكون خاصة بشراء منتجات ,,, التعليمية من اجهزة وبرامج,, حتى لا يغير مدير المدرسة رأيه فيشتري بالمبالغ المحصلة شيئا آخر بدلا من تلك الاجهزة العتيقة ,وليلاحظ القارئ الكريم بأن الجمل التي جاءت بين قوسين هي من اضافتي,,فهل هناك ما يبرر هذا الاستغلال؟,,والله المستعان.
E-mail: awazrah*yahoo.com