أبصرتُهُ مُطرِقاً والبؤسُ يغشاهُ
قد أسندَت رأسَهُ المَهمُوم كَفَّاهُ
وكنت أعهدُه جَلَداً تُزيّنُهُ
بشاشةٌ كان يُبديها مُحيَّاهُ
كأنّما كان مِن إسمٍ لهُ صِفَةٌ
فهو سعيدٌ يُرى على مُسمَّاهُ
فرَاعَني ما بَدالي مِن كآبَتهِ
ودَمعُ حُزنِ تراءَات فيهِ عيناهُ
فقلتُ، في دهشةٍ: سعيدٌ ماذا أرى
ماذا الذي لا يُسرُّ العينَ مرآه؟!
أين الذي فيك من عزمٍ ومن جلَدٍ
وأين ما فيك من بِشرٍ عَهِدناهُ؟!
وخيَّمَ الصمتُ حتى كِدتُ أحسبُهُ
قد ألجمَ الخَطبُ، مِن هولٍ لهُ، فاهُ!
وراح يرفع عن كَفَّيهِ هَامتَهُ
مُثَّاقِلاً، قائلاً: رُحُماكَ رًبَّاهُ
من كان مثلي من الآباءِ مُنتبَذاً
من البنينَ، فقل: للهِ شكواهُ
أمضيتُ، مغترباً، عُمراً أُبَعثِرهُ
لأجمعَ الشَّملَ للأبناءِ,, أوَّاهُ
فما لقيتُ سوى النكرانِ أعرِفهُ
لا كَستَ أسمَعُهُ أو خَطَّ أقراهُ
ولا سؤالَ مع الأصحابِ إذ رجعوا
، يوماً إلينا من الأبناءِ ألقاهُ
فقلتُ، في أسَفٍ، وَيحَ البنينَ فمَن
قد عَقَّ والدَهُ يوماً سَيُجزاهُ
أو بَرَّ منهم بوالديه بُرَّ بِهِ
من البنينَ، غداً، والمصلحُ اللهُ