* سيستمر الحديث طويلا ان تركنا له العنان كي يذكر مشوار الاضعاف المضاعفة من الانجازات، ويسجل قفزات الوطن,, وهو يعبر عقبات التنمية، ويجتاز حواجزها ويواجه مصاعبها، ويتغلب على اختناقاتها ليحقق على ارضه الطيبة,, هذه الانتفاضة التنموية ,, الحضارية,, الرائعة.
* ومع ان مراقبي التنمية,, ومسجلي محاضرها ,, يعشقون عادة لغة الارقام، ومع ان التقويم الكمي للمشوار التنموي,, يبدو أكثر المعايير,, سهولة,, ووضوحا.
الا اننا نخطىء,, اذا تجاهلنا,, المعايير الاخرى التي تتناول,, وتركز على تراكمات الخبرة,, والثقة,, والتجربة,, التي اكتسبها الوطن وهو ينفذ على ترابه,, ومن اجل أبنائه، هذا البرنامج الانمائي,, العملاق.
* لقد بدأنا المشوار الجريء ضد الاحتمالات ,, وعلى الرغم من كل المثبطات ,, والمشككات .
* لم تكن لدينا قاعدة احصائية متكاملة تمكننا من التعرف على متغيرات الاقتصاد ,, وعلاقاتها ببعضها,, واستجاباتها,, المحتملة,, لشحنات الانفاق التنموي الهائلة.
* ولم تكن قد توفرت لدينا,, الاطارات التنظيمية والبشرية,, الضرورية لاستيعاب هذا المجهود الانمائي الجبار.
* وكانت الآراء والنظريات والصياغات البلاغية كثيرة,, ومتناقضة كان هناك الذين يطالبون بامتلاك الكرة البلورية الشفافة,, التي تكشف لهم عن خطوات الطريق,, خطوة,, خطوة,, ومنعطفا,, منعطفا,.
* وكان اولئك يعتقدون ان الانتظار حتى تهبط الكرة السحرية,, هو الخيار الامثل,.
* وكان هناك منظرو التنمية المحترفون من خواجات الجامعات الغربية,, ومنظماتها ودورياتها ,, الذين كانوا يهمزون,, ويلمزون ويتحدثون عن طموحاتنا,.
كما لو كانت تهويمات شاعر بدوي,, ألهبت الامسيات الصحراوية خياله وأحلامه.
* وكان لابد أن يكون القرار قياديا,, وسياسيا كما هي القرارات الكبرى وهكذا,, كان وهكذا حدث.
رغم ما تحدث به المنظرون ,, وأصرَّ عليه هواةُ الكرات السحرية الشفافة.
* تعلمنا ان القرار الوطني,, المصيري,, أكبر من ان تحصره ضمن خياراتها وبدائلها الاحصائيات والرسوم البيانية,, الخرائط التفصيلية,, والتأطيرات التنظيمية.
* استطاعت ادارة التنمية في بلادنا ان تتحرك على كل الجهات,, والمستويات لتفك اختناقا هنا، وتخفف احتقانا هناك.
* وتجاوز التنمويون السعوديون اختناقات الموانىء، والاسكان، والعمالة المدربة، وتجهيزات الاتصال,, والنقل، وتخطوا حواجز الخبرة المحدودة، والسابقة المفقودة.
ليصنعوا بذلك,, سابقة تاريخية جديدة، وخبرة معاصرة طازجة,, في مجال الانجاز التنموي.
* حاولنا خلال مشوار التنمية وربما بجهد ومعاناة كبيرين كيف نتعامل مع الشلال الهادر من العمالة الاجنبية,, بلغاتها ولكناتها المختلفة,, وثقافاتها المتباينة، وخلفياتها التعليمية والمهنية المتنوعة.
ولم يحدث من قبل ان استطاع مجتمع محافظ,, بسيط,, ان يستوعب هذا المزيج البابلي العجيب,, دون ان يهتز من جذوره,, وتضطرب أركانه,.
* أظهرت لنا تجربتنا التنموية,, طاقاتنا وقدراتنا,, الكامنة، واختبرت حدود صبرنا واستيعابنا، وتحدَّت موازنة التغيير والثبات,, في تكويننا.
فجاءت النتائج مؤكدة ان في الاهاب البدوي الفضفاض شحنات هائلة من قدرات الاستجابة,, والتصدي، والتحدي المعاكس.
* وكم كانت جسارتنا,, وجرأتنا عندما اتخذنا قرار الخطوة,, الاولى,.
* مع ذلك فنحن لا ندعي ولا يحق لاحد ان يطالبنا ان نثبت ان مشوارنا,, كان سهلا,, وميسورا,, وخاليا,, من العثرات.
* المشاوير العظيمة,, الكبيرة,, لا تمر بحقول الزهر، والياسمين، ولا تبحر,, في ممرات مُعشَوشِبَة,, حالمة,.
* ولا مفر للمسافرين الكبار,, من ان يواجهوا المصاعب,, والمنغِّصات، ويتغلبوا على المفاجآت غير السارة,, ويجتازوا المنحدرات السريعة.
* نتذكر كل ذلك، او يجب ان نتذكر، لنعلم اننا قادرون، اذا اردنا، وصممنا وتوكلنا على الله.
* ونتذكر، كل ذلك، فنعلم اننا يجب ان نأخذ بزمام الجسارة والمخاطرة، في اقتحام طرق المستقبل، التي لا يسافرها الا الواثق المغامر، ولا يصل نهاياتها الا الجَسُور.