الجزيرة ترصد ملامح وجه السودان الحديث بمناسبة زيارة الرئيس البشير للمملكة قرار 4 رمضان أحدث انفتاحاً واسعاً في علاقات السودان بدول الجوار في الشهور الخمسة الأولى لإنتاج البترول صدَّر السودان 15 مليون برميل للصين واليابان وأستراليا |
إعداد القسم السياسي:
عندما تم اول لقاء بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله والرئيس عمر حسن احمد البشير عام 1989م قال خادم الحرمين الشريفين ضمن ما قاله للبشير: اننا في المملكة سنقتسم اللقمة معكم في السودان ,.
وكان ذلك تعبيرا عن جملة من حقائق الواقع التي نسجت ابعاد واعماق العلاقات السعودية/ السودانية التي لم تنقصها الخصوصية الدينية والاجتماعية والانسانية، والسياسية والاقتصادية والتجارية، ففي كل هذه المجالات بابعادها المتعددة تبرز خصوصية العلاقة التي تجسدها باستمرار مبادرات المملكة ملكا وولي عهد وحكومة وشعبا تجاه السودان حكومة وشعبا، وهي مبادرات جعلت للسودان نصيبا متواصلا من عطاء المملكة في مختلف الظروف الطارئة، كظروف الكوارث الطبيعية، من فيضانات وسيول وجفاف، او مجاعات في الاماكن التي تدور فيها حرب الجنوب المفروضة على الشعب السوداني الذي يتحمل تبعاتها وتكاليفها من قوت يومه على مدى سبع عشرة سنة متواصلة.
ورغم التقلبات السياسية التي تفرضها متغيرات محلية واقليمية ودولية فان العلاقات الثنائية بين الدولتين الشقيقتين لم تنقطع، ولم تعتورها تلك الخصومة التي تسيء الى الروابط الاخوية والوشائج الانسانية بين الشعبين الشقيقين,, وظل حرص القيادتين في الرياض والخرطوم على ان تكون تلك الروابط والوشائج فوق كل خلاف او توتر او برود قد يحدث لان كل الخلافات بين الاشقاء - كما يؤكد ذلك خادم الحرمين الشريفين أيده الله هي خلافات هامشية لا تمس جوهر الروابط الاخوية بين الدول والشعوب العربية والاسلامية الشقيقة.
زيارة البشير دعم للعلاقات
وتجيء زيارة الرئيس البشير اليوم للمملكة كخطوة كبيرة على طريق المسيرة الواحدة لدعم العلاقات الثنائية وتنميتها وتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات في اطار من الوفاق والاتفاق والتفاهم المشترك حول مجمل القضايا الاقليمية والدولية التي تهم القيادتين ان تتعاونا بشأنها لما فيه خير البلدين وشعبيهما ولما فيه خير العرب والمسلمين.
الزيارة تتم في ظروف انفتاح سوداني
والملاحظ ان زيارة الرئيس البشير للمملكة تتم حقيقة وواقعا في ظروف انفتاح سياسي سوداني لافت لانظار المراقبين والمحللين,, ويؤرخ المراقبون والمحللون السياسيون للانفتاح السياسي السوداني على الخارج بقرارات الرابع من رمضان التي اتخذها الرئيس البشير بدافع الحرص على ان يستعيد السودان في ظل قيادته ثقة الجيران اولا والعالم الخارجي ثانيا فيه من جهة، وذلك عن طريق تحقيق هدف سياسي بالغ الاهمية هو توحيد مصدر القرار السياسي حتى يعرف الاشقاء والاصدقاء وحتى الخصوم مع مَن يتعاملون، ومَن هو الذي يملك صنع القرار السوداني.
انفراج علاقات الجيران مع الخرطوم
والملاحظ ايضا ان رد فعل قرارات البشير في الرابع من رمضان 1420ه كان من جانب دول الجوار انفراجا واسعا في العلاقات الثنائية مع كل دولة من تلك الدول.
ففي نيروبي استضاف الرئيس الكيني قمة للبشير والرئيس الاوغندي يوري موسفيني حيث تم توقيع اتفاق ثنائي لاعادة العلاقات السودانية الاوغندية الى مسارها الطبيعي من التعاون والتفاهم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل من الدولتين، وعدم السماح لمعارضي الحكمين في الخرطوم وكمبالا من التحرك العسكري من اراضي الدولتين ضد الاخرى.
وبعد قمة نيروبي توجه الرئيس البشير في طريق عودته للخرطوم، توجه الى اسمرة عاصمة اريتريا، حيث التقى الرئيس الاريتري اسياسي افورقي، وتم في تلك القمة اعادة العلاقات الثنائية بين الدولتين الى ماهو احسن مما كانت عليه قبل فترة الخصومة والتوتر.
واعادت اريتريا مبنى السفارة السودانية الى الحكومة وعاد السفير السوداني الى اسمرة وزار وفد اريتري رفيع الخرطوم واعاد فتح السفارة الاريترية.
ومن ايجابيات الاتفاق فتح الطريق البري بين السودان واريتريا امام حركة النقل والمواصلات, وفي نهاية شهر فبراير الماضي زار الرئيس افورقي الخرطوم وعقد مباحثات هامة مع أخيه الرئيس البشير وصدر بيان اكد ان العلاقات الثنائية ستكون اساسية فيما يتعلق بالشؤون الاقليمية في منطقة القرن الافريقي والقارة الافريقية.
وقبل ذلك كله زار الرئيس البشير اثيوبيا واجرى مباحثات سياسية حيوية للغاية مع رئيس وزراء اثيوبيا مليس زيناوي، وتم بعدها فتح السفارتين واعادة العلاقات الثنائية الى سابق عهدها من المودة والتعاون المثمر لصالح الشعبين الشقيقين.
تحسن العلاقات السودانية المصرية
وقبل زياراته لاثيوبيا وكينيا واريتريا كان الرئيس البشير قد زار مصر التي ترتبط بالسودان بروابط استراتيجية سياسية واقتصادية ومائية واجتماعية وانسانية.
وظلت العلاقات - رغم بعض التحفظات المصرية تتدرج خطوة بعد خطوة نحو التحسن حتى كان يوم صدور قرارات الرئيس البشير في الرابع من رمضان الماضي وكان رد الفعل المصري الايجابي لها فوق ما كان يطمع فيه السودان، وفوق تصور اكثر المراقبين تفاؤلا,, اذ آلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك على نفسه التحرك شخصيا في الساحة العربية ليساهم - مع تحركات الدبلوماسية السودانية - في شرح اهمية واهداف قرارات الرئيس البشير في الرابع من رمضان، وانعكاساتها الايجابية على علاقات السودان ليس بمصر وحدها بل وبجميع دول الجوار العربية والافريقية.
وقد قام الرئيس مبارك بجولة خليجية لهذا السبب وكان لجولته تأثيرها الحميد على الانفراج الذي حدث في علاقات السودان مع دول الخليج العربي التي كانت تشوبها بعض التحفظات رغم انها لم تنقطع وتتدهور إلا مع دولة الكويت بسبب ازمة الغزو العراقي للكويت, ومع الايام زالت الغشاوات التي رانت العلاقات السودانية - الكويتية، حيث زار وزير الخارجية السوداني الكويت اكثر من مرة وسلم امير الكويت اكثر من رسالة من الرئيس البشير,, وتعهد سمو الشيخ صباح الاحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي بالعمل شخصيا على اعادة العلاقات الكويتية السودانية الى طبيعتها حتى تستأنف مسيرتها التعاونية لخير الشعبين الشقيقين.
تتويج العلاقات السودانية الكويتية
وجاءت زيارة الرئيس البشير لدولة الكويت يوم 13/ فبراير الحالي والتي دامت ثلاثة ايام، جاءت تتويجا للجهود التي بذلت بين الخرطوم والكويت لتحسين العلاقات حيث كانت المباحثات الثنائية بين الزعيمين قاعدة التحول نحو الافضل والاحسن للعلاقات الثنائية وتم توقيع اتفاقات سياسية واقتصادية استثمارية عديدة اعادت النشاط الاستثماري الكويتي والمساعدات الكويتية الخيرية الى السودان كسابق العهد بهذا النشاط المثمر.
زيارة البشير لقطر
ومن الكويت توقف الرئيس البشير يوم الاربعاء 16/ فبراير/2000م في مطار الدوحة الدولي حيث كان سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير الدولة في مقدمة مستقبلي فخامته، وجرت بين الزعيمين مباحثات ثنائية لتعزيز العلاقات المتميزة بين الدوحة والخرطوم.
زيارة المملكة تكتسب أهمية كبيرة
وتجيء زيارة الرئيس البشير اليوم للمملكة لتكتسب اهمية كبيرة وقيمة عالية تضاف الى قيم الروابط الاخوية,, روابط الدين والدم واللغة والمصالح الواسعة التي تسهم في ترقية حياة الشعبين الشقيقين وتعزز التفاهم بين القيادتين حول مختلف القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتتم زيارة الرئيس البشير للمملكة اليوم في اجواء مواتية من التقارب والوفاق والثقة والرغبة المتبادلة في تنمية التعاون المشترك سياسيا واقتصاديا وتجاريا وامنيا وثقافيا.
الأهمية الجغرافية السودانية للعرب
وبهذه المناسبة فان الدول العربية تنظر الى السودان انه - كما كان دائما عبر تاريخه الحضاري العريق كجسر اتصال حضاري وثقافي ديني/ وعربي بالقارة السمراء افريقيا التي كانت اول قارة في العالم استقبلت الهجرة العربية والاسلامية الاولى، وأول قارة اعتنقت الاسلام الحنيف خارج شبه الجزيرة العربية.
والسودان بهذا التاريخ وبموقعه الجغرافي الاستراتيجي في قلب القارة الافريقية يمكن ان يلعب دورا حيويا وحاسما في تعزيز التعاون العربي الافريقي وتوثيق وتنمية المصالح العربية/ الافريقية المشتركة خصوصا ان العاصمة السودانية الخرطوم تستضيف منذ العام 1974م المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا وهو اول مؤسسة عربية تمويلية من نوعها تؤدي هذا الدور وقد استفادت 35 دولة افريقية من قروض هذا المصرف الذي قدم حتى ميزانية العام الماضي نحوا من 11 ألف مليون دولار امريكي كقروض ومساعدات للدول الافريقية المستفيدة.
جامعة أفريقيا في الخرطوم
كما توجد في الخرطوم جامعة افريقيا التي بدأت معهدا لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في افريقيا، ثم تطورت الى جامعة متكاملة الامكانات ولعب التمويل العربي عموما والسعودي خصوصا دورا مهما في تطورها، واستمرارها في اداء رسالتها العلمية والتعليمية.
سلة غذاء العالم
ويمتاز السودان بين سائر الدول العربية والاسلامية بأنه ارض المليون ميل مربع، في قلب افريقيا، ويتمتع بنحو 230 مليون فدان من الاراضي الزراعية البور التي يمكن ان يلعب الاستثمار العربي فيها دورا استراتيجيا لزراعتها بالسلع الغذائية الاساسية كسلعة القمح والارز والخضر والفواكه والحبوب كالفول والسمسم وبذرة القطن وزهرة عباد الشمس وكلها مواد خام ينتجها السودان في مناطق عديدة وتجعل منه حقا وصدقا سلة غذاء العالم اذا وجد امثال المستثمرين العرب للزراعة فيه في ظل احدث قانون للاستثمار يوفر كل الضمانات المحلية والدولية المتعارف عليها للمستثمرين عن استرداد رؤوس اموالهم، الى تحويل ارباحهم وعدم مصادرة او تأميم ممتلكاتهم انه قانون متاح لمن يطلبه في سفارة السودان بالرياض او قنصليته في جدة.
دور البترول في التنمية الاقتصادية
وحتى يتحقق التوسع في الاستثمارات العربية خاصة والدولية عامة في السودان فان تصدير البترول السوداني كأحدث مصدر دخل بالعملات الصعبة اعتبارا من شهر اغسطس الماضي وفر سيولة تقوم الدولة الآن بانفاقها على مدخلات الانتاج الزراعي والصناعي والخدمات الاجتماعية العامة.
الجدير بالذكر ان السودان استطاع خلال الشهور الخمسة الاولى من انتاج البترول استطاع تصدير 15 خمسة عشر مليون برميل فقط الى اسواق الصين واليابان واستراليا وسنغافورة وشيلي وما زالت ساحة السوق الدولية للنفط السوداني تتسع والاقبال عليه كبير.
إنجازات تنموية هامة
وبهذه المناسبة، مناسبة زيارة الرئيس البشير للمملكة نشير الى ان حكومة الانقاذ الوطني استطاعت رغم الضغوط الاقتصادية الدولية خلال السنوات العشر الماضية من عمرها استطاعت ان تحقق انجازات تنموية اقتصادية واخرى اجتماعية ذات قيمة عالية لمصلحة الشعب السوداني ومن بين اهم تلك الانجازات:
1 خط نقل النفط بطول 1610 كيلو مترات من حقول الانتاج في الغرب والى ميناء بشائر للتصدير في الشرق.
2 طريق دنقلا ام درمان البري وهو طريق بالغ الحيوية يربط بين عاصمة شمال السودان دنقلا وبين العاصمة المثلثة.
3 طريق الغرب الذي يربط شمال البلاد بغربها.
4 طريق التحدي بين الخرطوم والشمال والشرق.
5 كوبري النيل الابيض وافتتحه البشير في شهر يناير الماضي.
6 مصفاة البترول في الجيلي التي ستصفّي 50 الف برميل وتحل مشكلة البنزين والجازولين في البلاد.
7 محطات المياه العملاقة في الخرطوم بحري.
8 اعادة تأهيل مصلحة السكة الحديد.
9 حفر 176 بئرا جوفية للمياه في جميع مدن وقرى شرق السودان بواسطة المنتدى الاسلامي باسم عيون الحياة .
10 التنقيب عن الذهب بالاتفاق مع شركة فرنسية في منطقة منقريب بالشرق وتصدير 5 اطنان ذهب عام 1999م بنسبة صفاء 90%.
11 في شهر مارس القادم سيتم تشغيل اول مصنع حكومي للدواء شراكة بين شركة شنغهاي الصينية وهي من اكبر شركات صناعة الدواء في العالم، وادارة الامدادات الطبية التابعة لوزارة الصحة الاتحادية في الخرطوم، وسينتج المصنع في مرحلته الاولى 400 مليون كبسولة وحبة دواء، تكفي حاجة السودان ويتم تصدير نسبة 30% من هذه الكمية للاسواق الخارجية في افريقيا على وجه الخصوص.
ثروة حيوانية هائلة
الجدير بالذكر ان السودان يملك ثروة حيوانية هائلة تقدر حاليا بما يربو على 120 مليون رأس من الابل والابقار والاغنام، ويصدر من هذه الثروة اعدادا كبيرة تشكل احد اهم مصادره من العملات الحرة.
هذه نبذة عجلى من المعلومات الاولية عن سودان اليوم الذي اكثر رغدا بالخير لشعبه ولامته العربية والاسلامية.
|
|
|