رؤية اقتصادية الأمن المائي العربي د, محمد بن عبدالعزيز الصالح |
يقوم مركز الدراسات العربي الأوربي خلال الأيام القليلة القادمة 21 23 فبراير 2000م بتنظيم مؤتمر حول الأمن المائي العربي في جمهورية مصر العربية وذلك بالتعاون مع جامعة الدول العربية، حيث يهدف المؤتمر إلى تحديد طبيعة وأبعاد المخاطر المائية التي تهدد العالم العربي، وكذلك إعداد الدراسات العلمية المحددة للإحتياجات المائية والمستقبلية للعالم العربي، إضافة إلى التوصل لآلية واضحة يمكن من خلالها توفير الاحتياجات العربية من المياه ونظراً لما للمياه, من أهمية اقتصادية قصوى لذا فإن محور حديثنا في هذه الزاوية سيتركز حول عدد من الجوانب الاقتصادية المتعلقة بمشكلة المياه والتي تعاني منها دولنا العربية بصفة عامة.
بداية تجدر الإشارة إلى أن الدراسات المختصة تفيد بأن 90% من الأراضي تقع ضمن مناطق جافة وشبه جافة، وأن 75% من سكان الشرق الأوسط سيواجهون أزمة مائية وغذائية حادة خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من أن حجم المياه يغطي ما يعادل 71% من مساحة القشرة الأرضية إلا أن المياه العذبة الصالحة للاستعمال لا تتجاوز ما نسبته 1% من الحجم الكلي للمياه حيث لا تعد تلك الكمية كافية لسد احتياج البشر من المياه وبالتالي فإنه من أجل زيادة كميات المياه الصالحة للاستخدام لذا فإن مشكلة ندرة المياه التي تعاني منها العديد من الدول العربية إنما تمثل أحد أهم المعضلات الاقتصادية التي تواجهها اقتصاداتنا العربية, وبالتمعن في الكيفية التي يتم من خلالها استخدام المياه في الدول العربية يتضح بأن هناك سوءاً في استغلال الموارد المائية التي تتمتع بها منطقتنا العربية وذلك لعدد من الأسباب منها الإسراف الواضح في استخدام المياه وذلك كنتيجة لاتباع الطرق البدائية في الري حيث يؤدي ذلك إلى هدر ما نسبته 40% من الكميات المائية المتاحة في وطننا العربي وكذلك نجد بأن تقادم وسوء صيانة شبكات نقل وتوزيع المياه إلى درجة قد تصل معها نسبة الهدر في المياه إلى 50% .
هذا وإذا كان لاستخدام التقنية دور كبير في تنمية مصادر المياه مما يعمل على زيادة عرض كميات المياه اللازمة للاستخدام وذلك من خلال تخزين وجمع مياه الأمطار إضافة إلى استخدام نظم الري الحديثة اللازمة لتقليل الهدر من مياه الري وكذلك التنقيب عن موارد مائية جديدة، فإن هناك العديد من الدول العربية غير القادرة على استخدام تلك التقنية الحديثة نظراً لضخامة حجم الإنفاق المالي الذي يتطلبه اتباع تلك الوسائل التقنية مما يؤدي إلى عدم الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة في منطقتنا العربية.
كذلك فإن عدم الاستفادة من مياه الأمطار وعدم استغلالها وقت الجفاف إضافة إلى إسراف المزارعين في إهدار مياه الصرف الزراعي وذلك كنتاج لاستخدام الطرق البدائية في الري من قبل المزارعين وعدم استخدام طريقة التنقيط والطرق الحديثة المتبعة في الري، كل ذلك ساهم وبشكل مباشر في التأثير السلبي على اقتصادات دول المنطقة لما للمياه من دور مؤثر في العديد من الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
إضافة إلى عدم الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة في منطقتنا العربية فإننا نجد أن هناك عدداً من العوامل الاقتصادية التي أسهمت بشكل فاعل في تفعيل حجم مشكلة المياه التي تعاني منها دول المنطقة ومن تلك العوامل التوسع الملحوظ في حجم المشاريع الاقتصادية المختلفة والتي تساهم في زيادة معدلات استهلاك المياه هذا بالإضافة إلى الكميات الضخمة من الموارد المائية المشتركة التي تستهلكها العديد من المشاريع الإسرائيلية والتركية مما يؤثر سلباً على حجم الكميات المتاحة من المياه, وأخيراً تظل مشكلة ارتفاع حجم التكلفة المالية التي تحتاجها دولنا العربية لتوفير الكميات اللازمة من المياه الصالحة الطبيعية أحد أهم العوائق التي تواجهها دول المنطقة على الرغم من وفرة المياه الطبيعية فيها.
من خلال ما سبق يتضح أن دولنا العربية تعاني من سوء استغلال الموارد المائية المتاحة إضافة إلى سوء الاستخدام الأمثل أيضاً مما قد يترتب عنه العديد من الانعكاسات السلبية على التنمية الاقتصادية والأمنية لدول المنطقة, من أجل ذلك تأتي قضية المياه كاحدى أهم القضايا الجوهرية التي تشكل خطراً ملحوظاً على شعوبنا العربية مما دفع بالقائمين على مركز الدراسات العربي الأوروبي وعلى رأسهم الدكتور/ صالح بن بكر الطيار رئيس المركز إلى تخصيص فعاليات المؤتمر لدولي الثامن لمناقشة تلك القضية.
|
|
|