الحركة الفكرية في دنيانا البشرية حركة دائبة وراكضة نحو العلم والمعرفة والاكتشافات العلمية بمختلف فروعها الادبية والعلمية والطبية وغير ذلك من اصناف المعرفة الانسانية,, وهذا جهد انساني لا ينتهي واسهامات متتالية لا تعرف الكلل,, فكل فرد يحاول ان يضيف لبنة علمية في صرح المعرفة المتنامي,, وبذا تعتبر المؤلفات والمصادر الفكرية هي السجل الفخم الذي تسجل فيه هذه الابداعات والنتاجات الفكرية,, انها المحصلة النهائية التي تحفظ لنا كل هذا الزخم المعرفي والانساني,, واليها يرجع الناس في اي زمان ومكان ليأخذوا منها معارفهم ويستقوا من معينها الذي لا ينضب,.
فالكل يأخذ من المؤلفات والمصادر وفق تخصصه واتجاهاته الفكرية ادبية كانت ام طبية ام هندسية,, هكذا تعارفت البشرية منذ فجرها الاول ان المؤلفات والمصادر هي ماعون البشرية الحاوي لكل هذه التجارب والاعمال والنتاجات الابداعية,ولكن هل للمؤلفات العصمة فيما تحويه لنا من الكنوز والمعرفة؟
بالطبع هذا سؤال منطقي جداً وعقلاني الى حد بعيد,, لاسيما وان التقدم التكنولوجي السريع الذي طرأ في عالم الطباعة ودور النشر قد افرز لنا المئات من المؤلفات والمصادر التي نطالعها كل يوم,, فما من شيء يسبب لنا صداعاً ممضاً مثلما تصنعه فينا هذه الفنون المعرفية الكثيرة والتي تسمع عنها في وسائل الاعلام او نطالعها بأعيننا حتى احترنا حقاً فيما نقرأه,.
فالطابعات تطبع كل يوم عشرات من المؤلفات الشعرية على سبيل المثال,, فاذا راودتك فكرة الاطلاع واردت ان تشبع علم الفضول الذي يلح عليك,, اصبت بغثيان شديد ودوار رهيب لما تقرأه من شعر غث,, فالقصائد هزيلة وغير متماسكة البنى الداخلية,, مففككة الاوصال,, عديمة الرؤى الجميلة والتخيلات الشعرية,, ولكن ما الحيلة؟ فالطابعات ودور النشر لا اعتراض لها عن طبع كل مؤلف شعري مادام الشاعر صاحب المؤلف شخصية مرموقة او قادراً على تحمل اعباء التكلفة,, وهكذا زكمت انوفنا برائحة قصائد عفنة دوخت رؤوسنا وعقولنا واصابتنا بالدوار,.
وبات علينا ان نراجع انفسنا ونقف معها وقفة الناقد الحكيم ازاء هذه المؤلفات وكثرتها,, فليس كل ما يقدم فيها بأمر ذي بال ولا تغرنك هذه الكتب الجميلة ذات الاخراج الجذاب والغلاف البراق فما فيها لا يشبع نهماً لقارىء او يروي غلة متعطش لشعر ولا يغرنك صورة ذاك المتشاعر التي احتلت مكاناً بارزاً فيه,, فما فيها خواء ينطبق عليها المثل الدارج بين الناس: من بره هلة هلة ومن جوه يعلم الله .
اذن ليست للمؤلفات والمصادر اية عصمة فيما تقدمه للقراء,, الا اذا ثبتت صدقيتها وجدية ما تطرحه ويوافق عليه النقاد والمحللون فليست لاي كتاب عصمة الا كتاب الله القرآن الكريم.
سعد حمد الخنيفر