الراسبون في لقاء القمة!! أحمد الرشيد |
قدم الهلاليون من جديد درساً عملياً لكل من يبحث عن مسالك تصل به إلى عالم البطولات وتصل به إلى حيث الزعامة وهي مسالك غير وعرة ولا تحتاج إلا إلى التفرغ للعطاء الفني القوي خلال دقائق المباراة والبعد كل البعد عن أضغاث الأحلام وكثرة الثرثرة ورفع الصوت بالعويل والصياح بدلاً من البحث عن سبل رفع مستوى الأداء الفني ومواجهة الواقع وتصحيح مناطق الخلل التي تقود إلى الخسائر والابتعاد عن منصات التتويج ومواقع الأبطال!!
كما قدم الهلاليون درساً رائعاً لجميع الفرق في كيفية الانضباط وأهميته عندما استبعد مدرب الفريق لاعبه الأجنبي سيرجيو رغم حاجة الفريق ورغم أهمية المباراة لعدم جاهزيته مانحاً بقية طاقم الفريق كامل الثقة في تمثيله في اللقاء الحاسم وفارضاً احترامه على مجموعة الفريق فيما تابعنا حالات سابقة مماثلة في فرق أخرى شارك معها لاعبون لم يتعرفوا على الفريق إلا قبل ساعتين من بداية المباراة وبعضهم من المطار إلى الملعب!
وكأس المؤسس تأكيد هلالي جديد على أن تسخير الامكانات الفنية لأفراد الفريق لخدمة مجموعته والروح العالية هما عربون الفوز وهما فقط مهر البطولات لأنهما الكفيلان بتصحيح المسار وتطوير المستوى والقفز فوق كل المشاكل والاشكالات الفنية الطارئة!!
فالهلال الذي عاد مقهوراً من مجريات البطولة الخليجية وفوجئ لاعبوه ان في صحافة الوطن من رقص وبفرح غامر على أحزان خسارة الفريق وان هناك من يعمل على الاجهاز على ما تبقى من معنويات أفراده لم يتجه لشكوى الحال ولم يشك معاناته بل عمل على استرداد شيء من عافيته الفنية وتصحيح أوضاعه ليخرج من التصفيات الآسيوية بصورة أكثر اشراقاً وبنتائج ايجابية اعادت الروح لأفراده وجددت الثقة بالفريق برغم معاناته من بعض جوانب القصور الفنية!!
وفريق المناسبات الكبيرة كان في قمة حضوره في ختام كأس المؤسس رغم انه واجه منافساً في كامل جاهزيته الفنية والمعنوية وضعته في صورة الفريق البطل وهو كذلك لولا انه كان امام خصم عنيد اعتاد أن يلعب دور البطولة في كل حدث رياضي فيه أسبقية وله وقع تاريخي وسجل شرفي رفيع.
ومساء أمس الأول أهدى الأزرق بطولة القرن لجماهيره التي زحفت لاستاد الملك فهد معيدة للأذهان صورة هلال الشعبية الجارفة الذي ينعش الملاعب ويعيد الحياة فيها وجاءت جماهير الهلال بدافع الثقة بفريقها وبقدرة وخبرة أفراده في التعامل مع اللقاءات النهائية مما اضفى على الختام طابع الاثارة وحوله الى مهرجان تاريخي متناسباً والحدث الكبير.
وفي اللقاء التاريخي هناك راسبون كثيرون,.
فالفريق الأهلاوي ذاق مرارة الخسارة لأول مرة هذا الموسم بعد أن فشل أفراده في تتويج مشوار الانتصارات ببطولة مميزة ليست ككل البطولات وبعد أن استمرت عقدة السيطرة الهلالية على نتائج مباريات الفريقين الحاسمة!!
ففي الشوط الأول تاه الأهلاويون وسط روعة الأداء الهلالي الذي توج بهدفين صاعقين وبحثت الجماهير عن القهوجي ومسعد والكاتو والمشعل فلم تجد على شاشة الشوط الأول سوى الجابر والتمياط والدوخي والشلهوب وباقي أفراد الهلال !!
والتحول الذي حدث في الشوط الثاني الذي وصفه كثيرون بأنه كان أهلاوياً لم يكن نتيجة تطور في مستوى الأداء الأهلاوي بقدر ما هو انعكاس طبيعي للخلل الذي تعرض له الهلال بعد طرد الدوخي!!
والذين يلومون زاناتا ويحملونه مسؤولية التفريط ببطولة كانت كل الترشيحات تمنحها لفريقه هم في الواقع يجيرون اخفاقات نجوم الفريق لحساب هذا المدرب وهم أيضاً يهملون التركيز على الصحوة الفنية التي شهدها مستوى الفريق الهلالي وعودة نجومه القوية خلال المباراة ودورها في تحويل مجرى الأحداث.
والأهلي الذي قدم كرة قدم راقية هذا الموسم أثبت أفراده أنهم بحاجة إلى أن يكونوا موضع بحث لدراسة نفسية شاملة تناقش أسباب تراجع الأداء عندما تكون المواجهة مع الهلال برغم ان الأزرق ليس هو دائماً أقوى أو أفضل الفرق التي يلاقيها الأهلي!!
والاسم الآخر الذي ورد بقائمة الراسبين في اللقاء المئوي هو الحكم أبو زندة الذي اجتهد في قيادة المباراة لكن خانته الخبرة في بعض المواقف وبالتالي لم يشفع له اجتهاده وصنف من ضمن الراسبين وهي مسؤولية لجنة الحكام التي زجت به في لقاء عاصف وهو الذي كان قبلها يقود مباراة الحزم والخلود في دوري الدرجة الثانية!!
فالحكم أبو زندة ظل يتفرج على تعاقب المشاركات العنيفة لعبدالله سليمان مع الجابر ومطاردات عبدالغني المتكررة لقدم الدوخي ومحاولات الكاتو لإبعاد الدعيع عن الشباك التي ذاد عنها ببسالة!!
وبالمناسبة فقد تعرض الحكم الدولي ناجي الجويني الى بعض قرارات أبو زندة في توضيح بثته احدى الفضائيات أيد فيه قرار الحكم بطرد الدوخي وكذلك انذاره لمحمد دابو الذي مثّل في ضربة الجزاء التي طالب بها الأهلاويون!!
أما الدوخي وعلى غير العادة يدخل قائمة الراسبين ولم تشفع له مثاليته ولا مستواه الفني الراقي بعد أن استجاب لمحاولات عبدالغني الاستفزازية وتصرف بحماقة كاد أن يدفع ثمنها فريقه وخرج مطروداً من لقاء كان يحتاج لمثل الدوخي صاحب لمسات فنية بديعة ليضفي عليه مزيداً من الابداع والإمتاع!!
وطرد الدوخي أحدث تحولاً في مجرى المباراة وكادت أن تتحول هي الأخرى لمصلحة الفريق الأهلاوي ولا أدري متى يستوعب لاعبونا مثل هذه الدروس والى متى تستمر هذه الظاهرة التي تحرج الفريق وتتسبب عادة في التفريط بنتائج مستحقة تذهب أدراج الرياح نتيجة تصرف أرعن!!
أما الفائز بصدارة قائمة الراسبين وبجدارة ودون منافس فهو مخرج المباراة الذي كان بعيداً عن معظم أجوائها وغائباً عن كثير من أحداثها وقتل متعة اللقاء وشوه جمالية الحدث!!
والمؤسف أن قنوات فضائية عديدة نقلت اللقاء الكبير لعدد من دول العالم مما أعطى انطباعاً سيئاً عن مستوى ونوعية الاخراج التلفزيوني لدينا وحجب كثيراً من الصور الابداعية التي حفل بها المهرجان الكبير سواء في جنبات الاستاد أو داخل الملعب!!
يوم أمس الأول كان مخرجنا في واد والمباراة في واد آخر مما فوت على المشاهدين متابعة أحداث أكثر إثارة من تركيز الكاميرا على وجوه وأقدام اللاعبين واضاعة الوقت في البحث عن موقع الكرة الذي عجز المخرج عن تحديده مرات عديدة!!
وكالعادة فقد غيب المخرج التواجد الجماهيري مع انه كان هو ورقته الرابحة فيما لو أحسن استغلاله كلوحة جمالية ونقل للمشاهدين العرب حجم الشعبية التي تحظى بها الكرة السعودية مثلما أنه غيب جوانب امتاع فنية حفلت بها المباراة كانت كفيلة بتدعيم سمعة الكرة السعودية ومدى تطورها!!
وقائمة الراسبين تستوعب أيضاً أصوات ما بعد المباراة والتي لا تظهر إلا عندما يفوز الهلال!
ففوز الهلال يمكن أن يشارك فيه الجميع باستثناء لاعبي الفريق!!
والحكم الذي حرم الأهلي من ضربة جزاء ساهم في فوز الهلال مع أن الحكم نفسه هو الذي ضمن للأهلي استمرارية سليمان والكاتو وعبدالغني في المباراة رغم بحثهم المتواصل عن الكارت الأحمر!!
والمعلق الرمضان تحامل على الأهلي لمجرد اشادته بالفريق الهلالي وساهم في تحقيق بطولة هلالية جديدة!!
لكن الحالة ليست بالجديدة وهي من الأوضاع التي خدمت الفريق الهلالي وجعلته وحيداً في مركز الزعامة ففي الوقت الذي يتدارس فيه الهلاليون أوضاعهم بحثاً عن المزيد من البطولات والانجازات ينشغل الكثيرون بعيداً عن أخطاء فرقهم ويشغلون أنفسهم في البحث عن مبررات للخسارة راجياً ألا يسلك الأهلاويون هذا المسلك لا سيما وأن فريقهم يسير بخطى ثابتة وراسخة وطاقمهم مثالي في عناصره والمستقبل سيشهد حضوراً مثيراً للفريق الكبير ان شاء الله.
|
|
|