حينما يلامس الحرف جرحا ينزف فإن نزيفه إما يزداد انهماره بغزارة مع ألم يصاحبه إحساس معين، وإما فرحا فينسى وخزة الألم لوجود المشاركة الحسية والمعنوية مع سبب هذا الالم, او يتوقف نزيفه بسبب هذه الملامسة التي اعاقت تدفقه، او تحدث هذه الملامسة ألماً حادا قد يعطيها شفاءً كالجرح الذي يفتحه الطبيب,, فما سبب هذه المقدمة؟ الجزيرة هي السبب في مقال رأي الجزيرة يوم الجمعة الموافق 5/11/1420ه.
فالذي يتفق عليه كثير من الناس عبر مساحة الكرة الارضية، أن العالم يعيش ازدواجية رهيبة في العدل مع اتاحة الفرصة الكاملة للقوي لينقض على الضعيف حسبما يريد، ليجعله يتسول دول العالم وأنينه لا يجد صدى الا اذا كان هذا الضعيف من ذوي الزي التجاري؟!
وإليك الدليل: تأمل مسألة الشيشان مع الدب الروسي,, الذي يعيش اليوم مرحلة الترهل الفكري بعدما أفلست نظرياته، يحاول ان يلفت الأنظار الى قوته التي مرغ انفها في تراب الهزيمة ثلاث مرات في افغانستان وفي الشيشان (94 96) وهي ضربات اخلت بتوزانه مما استدعى رئيسه العجوز ان يقدم استقالته ولست بصدد الحديث عن هذا التواطؤ العالمي مع هذه الجريمة البشعة والتي استخدم فيها القوي كل ما حل وحرم من آلة القتل والدمار والتمزيق من قتل وتشريد واغتصاب ونهب وسلب واغراق الارض الشيشانية بالالغام المحرمة دوليا لتتربص بالعجائز والاطفال الذين يخرجون من مخابئهم بحثا عن لقمة تركتها الحيوانات ليسدوا فيها رمقهم,, فيجدوا الجنود الروس وهم كالكلاب الضالة تجوب اطراف المدينة جروزني بلا هدف لتنفث سمها وحقدها الدفين لتذيقه هؤلاء الضعفاء بعدما عجزوا عن الوصول للأبطال الأقوياء,.
إن المسألة الشيشانية مع الدب الروسي العجوز حرية بالتأمل فلماذا هذا الصمت الرهيب المتفق عليه من العالم على هذه الجريمة في عصر العولمة والسلام العالمي الجديد؟!!
فأين هي العولمة؟؟! وأين هي الديمقراطية؟! وأين هو السلام العالمي؟!! واين هي سيادة الدول؟! وأين هي المواثيق الدولية؟!
أم ان هناك دورا خفيا يراد ان يلعبه هذا الدب الطاعن في السن الذي يعيش ايامه الأخيرة بإذن الله على المسرح الدولي؟! وهو يقبض الثمن مقدما؟! فكأن السكوت المطبق عن هذه الجريمة القذرة لتصفي روسيا حساباتها مع هذه الدولة المستقلة المسلمة؟!
والأيام القادمة كفيلة بتكشف الحقائق.
وعموما العالم اليوم يعيش أزمة ضياع الحقوق، فلا مكان للضعفاء البتة حيث لا يجد الضعيف من يبكي عليه ولو ذهب للجحيم وهو بريء، اما القوي فالمسألة تختلف(!) ولعبة الديمقراطية التي صارت مثل اللبان يمضغها العالم متى اراد ان يضهد شعبا يريد ان يشب عن الطوق(!).
أما اذا كانت الديمقراطية تخالف المنهج المرسوم فلا والف لا ويمكن ان يضرب بها عرض جبال (الهملايا)، ومسألة النمسا خير شاهد فالنمسا دولة اوروبية، وعضو بالاتحاد الاوروبي، وذات سيادة، والشعب هو الذي اختار ديمقراطيا, فلماذا هذه الضجة المفتعلة، والتهديد والوعيد من دول الديمقراطية؟!
وفي نفس الوقت يمارس الصمت الرهيب عن تشريد دولة كاملة وتمزيقها؟!
وانا هنا لست بصدد الحديث عن عداوة من كفر بالله لمن آمن بالله.
فالقضية وضوحها كشمس الظهيرة في صحراء نجد.
ولكن وعبر جبين (الجزيرة التي فتحت الجرح) اطرح سؤالا لعله يفتح الباب على مصراعيه وهو كيف الخروج من هذا النفق,, لماذا تظل دول العالم الاسلامي (تحت الصفر) ومضطهدة، ولا يحق لها ان تعبر عن رأيها، ولا تجد من يقف معها عند الحاجة الا بإذن من من يريد ان يتزعم العالم بالقوة ويفرض (أحادية القطب) ليسيّر العالم وفق مصالحه التي من اجلها يلغي ما يدعو اليه ويمارسه هو وهي الشماعة اقصد الديمقراطية، اذا كانت تعارض هذا المبدأ والأدلة لا تخفى فنحن نعيش اشبه ما يكون بقاع البحر الذي لا يرى فيه الا بوسائل خاصة,,, فكم هي الاسماك المسكينة التي تؤكل دون اختيارها مع العلم ان العالم وصل الى قمة التطور وامتلاك مقومات السيطرة على كل شيء، وبنفس الوقت نجد هذا العالم موغلا في التخلف تجاه حقوق المساكين الذين يشكلون البنية الاساسية لهذا العالم، فبثروتهم البشرية والمالية والمادية تقوم حياة الغرب الذي سكت راضيا عن جريمة الدب الروسي في الشيشان,, والذي دعاني الى تفجير المخزون المؤلم ما كتبته (الجزيرة) في عدد يوم الجمعة الموافق 5/11/1420ه ص 3 في زاوية رأي الجزيرة وكان عن هذه المعادلة المقلوبة، وهو موقف يشكرون عليه وهو جدير بالتأمل,, واجمل ما فيه انه يمثل وجهة نظر الجريدة فجزاهم الله خيرا على ما كتبوه، وكم نحن بحاجة الى ضوء صادق يضيء مساحة أكبر في جسد هذه الأمة المنكوبة,, والله من وراء القصد,, وهو حسبنا ونعم الوكيل.
عبدالله العيادة
بريدة