من يعرف الحقوق الشرعية للنساء,,؟ فوزية أبو خالد |
لقد أعطت تجارب العالم العربي والاسلامي امثلة على ان أي تغير تقدمي وتحسين لأوضاع المرأة عبر النظريات النسوية الغربية غير فعال لمخالفته الى حد كبير طبيعة واقع هذه المجتمعات ولعدم وضعه في الاعتبار الخصوصية الحضارية لهذه المجتمعات من خلال انتمائها وارتباطها التاريخي بالعمق الاسلامي.
بل ان التنظير النسوي الغربي برأي مجتمعاتها نفسها يكشف عن أزمات عميقة على المستوى الايدلوجي والممارسة وعلى مستوى التعود الاثني والعرقي في بعض تلك المجتمعات الذي قد يكون له مرجعيات حضارية وثقافية لا تتفق مع الطرح الغربي الخالص، مما جعل كثيرا من النساء لا يرى في ذلك الطرح ما يحقق للمرأة الانصاف الاجتماعي المنشود وما يكفل حقوقها, وتعتبر الباحثة والكاتبة والاكاديمية ليلى أحمد واحدة من الكاتبات القلائل اللواتي بادرن الى تبني مواقف نقدية للتنظير النسوي الغربي وحاولت التصدي بجرأة ادبية وعلمية موضوعية لأزمة التنظير الغربي النسوي.
هذا مع ملاحظة ان مثل هذا الموقف النقدي من التنظير النسوي يأتي في اطار توجه عام على المستوى البحثي والاكاديمي وليس على المستوى السياسي مع الأسف لمراجعة كثير من طروحات التغير الاجتماعي في ضوء الكشف عن العلاقة الملتبسة بين التغير الاجتماعي المنشود الذي يتطلع الى المحافظة على كرامة الافراد والمجتمعات وتمكينهم من أن يصبحوا جزءا فاعلا في بناء مؤسسات مدنية يشاركون من خلالها في القرارات المصيرية والتفصيلية الخاصة بالحاضر والمستقبل الوطني، وبين الغرب في فرضه لنماذجه الجاهزة الأوروبية والامريكية معا نحو بلوغ هذه الغاية فيما يعرف في ادبيات علم الاجتماع والسياسة اليوم بالمركزية الغربية.
وأحد رواد هذا التوجه النقدي العام هو ادوارد سعيد.
والحقيقة ان الأهمية العملية لمثل هذه الطروحات النقدية وفي هذا الوقت بالذات الذي اختلطت فيه الأوراق وتذبذبت فيه البوصلة، هو ما يمكن ان تمدنا به مثل هذه الوقفات النقدية من زاد الرؤية والمراجعة لواقعنا, فاذا كانت الطروحات النسوية الغربية في مثالنا هذا ليست مما يستطيع استيعاب تطلعات النساء في المجتمعات العربية والاسلامية لاغترابها عن طبيعة الواقع فيه، فان البديل المنطقي ان تأتي محاولة إنصاف المرأة عن طريق البحث في هذا الواقع نفسه واستنباط البدائل والحلول عن طريق استفتاء مرجعيته الحضارية، استلهام وتفعيل الأدوار النسوية الفعالة والمشرفة، تنشيط الاجتهاد الفقهي في مجال ما يخص المرأة من فقه المعاملات، تشجيع تعدد الآراء وتفاعلها واشراك النساء انفسهن مشاركة فعالة وليس لمجرد تطعيم المشهد الاعلامي وذلك للتوصل الى صيغ مرضية في تصحيح أوضاع النساء ضمن السياق الحضاري الاسلامي بما يجعله مرحلة تطوير لهذا السياق.
واذ كنت اعتقد صادقة ان واحدا من اهم منجزات مشاريع التنمية في وطننا هو مشروع تعليم النساء والذي حقق في ظرف سنوات معدودة مستويات غير مسبوقة على مدى تاريخ المملكة بل وعلى مدى تاريخ منطقة الجزيرة والخليج كلها، فانني أرى وبالله التوفيق ان مما يتوج هذا المجد هو ان يدخل الى صلب هذا المشروع التعليمي النسوي العظيم من مدارس محو الأمية الى مناهج الجامعات مادة تهدف الى هدف واحد محدد هو تعليم النساء حقوقهن الشرعية كما جاء بها الاسلام من حقوق المواطنة والانتماء الى حقوق المشاركة والبيع والشراء والعمل، ومن حقوق الزوجية الى حقوق الوالدين والأمومة بما فيها حقوق الطلاق والحضانة والنفقة والمهر .
وعلى مستوى آخر من مستويات العمل في هذا الموضوع أرى انه قد آن الاوان لتشتمل جامعاتنا على قسم للدراسات النسوية لتكون دراسة وبحث وتوضيح الحقوق الشرعية للمرأة المسلمة هي احد البدائل العلمية العملية لأزمة الطروحات النسوية في الغرب والشرق معا.
اما الاقتراح الثالث والأخير في هذه اللحظة فهو ان يتفضل مجلس الشورى مشكورا بالمبادرة في البحث في هذا الموضوع.
ففي ظل وجود عدد لا يستهان به والحمد لله من النساء الباحثات والكاتبات والاكاديميات وسواهن من القطاع النسائي المنتج يمكن للمجلس ان يطمئن الى كفاءة الحوار ومسؤوليته اذا اتيحت فرصة مشاركة النساء في بحثه، ويمكن ان تكون مشاركة كتابية او بتوظيف وسائل الاتصال والحوار الحديثة من البريد الالكتروني الى شبكة الانترنت الى شبكة البث التلفزيوني المغلقة بما يتلافى مشاركة المرأة مشاركة غيابية.
وفي ظني انه ليس أحرى من هذا الباب باب استنباط وتوضيح الحقوق الشرعية للمرأة لدخول المرأة الى عالم المشورة فيما يمس مسا مباشرا حياة وفعالية جميع المواطنات من النساء.
وختاما فإن منطلقي في طرح هذه الاقتراحات هو تثمين عميق لدور المملكة الوطني والعربي والاسلامي وفي امكانيتها لتبني مشروع جاد يبحث ويوضح حقوق النساء الشرعية حسب الشرع الاسلامي,, هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.
|
|
|