وقد واصلت وتواصل الجنادرية مسيرتها في دنيا التراث والثقافة طوال الخمسة عشر عاما الماضية في بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية لتغدو واقعا مشرفا وطورا شامخا، ومنارة مضيئة متلألئة تشع علما، وثقافة، وفنا تمثل ما في بلادنا من أصالة، والتأكيد على الهوية العربية الاسلامية ووحدتها الشاملة وانفتاحها على ثقافات ومظاهر الحياة الحديثة،ومد جسور التلاقي مع الآخرين على منابر الحوار بعيدا عن الانغلاق والتعصب الذميم، بهدف توصيل رسالة الإسلام التي تحملها بلادنا بكل عطاءاتها الخيرة.
إن الامر الذي يدعوني وغيري من حملة القلم سواء في بلادنا او من حضر فعاليات النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية عبر سنوات الخمسة عشر عاما من مسيرتها الموفقة، لينوهوا بالاهداف الواضحة التي حققتها خلال برامجها المتنوعة الثقافية التي غطت جملة من الموضوعات التي كانت الشغل الشاغل للمنتديات العلمية لاتصالها بهموم الانسان وقضايا الطفولة من حيث دراسة مشاكلها، والتنويه بأهمية رعايتها تربية وتعليما وتشجيعا للمتخصصين في الابداع الادبي لأدب الطفل، قصصه وحكاياته وقد شارك في حلقات النقاش والمحاضرة قادة الفكر والثقافة في عالمنا العربي، والغربي، والتي أثرت الساحة المعرفية بالطروحات التي قام بها المحاضرون الممتازون ذوو الاختصاص والمداخلات التي افرزت وجهات النظر المختلفة في حوار بناء بعيد عن اي توترات,, فما تم في اعوام ماضية على سبيل المثال من طرح موضوع صدام الحضارات لهنتغون والذي اشار هنا في الرياض انه لم يقصد ان الاسلام هو مصدر الصراع,, الخ,, و الاسلام والغرب لانجهر كارلسون الذي رغم اقراره بالفجوة والهوة التي بين الاسلام والغرب نتيجة ما ساد العلاقة من توترات وعدوانية نتيجة سوء الظن وعدم الوقوف على حقيقة الاسلام فإنه أي كارلسون يصل في طرحه الى إمكان التعايش عبر حوارات بناءة تمتاز بالموضوعية والنظر بعين العدالة في التعامل مع الاسلام كدين اسوة بالديانة اليهودية والمسيحية واعطاء المسلمين كجزء من الشعب الامريكي مثلا حقوقه المختلفة لتقوم وتتوثق بعلاقات المودة وبذا نبعد طروحات الصدام,, تكون الرؤى المستقبلية محققة لسياسة التواصل وازالة الحاجز النفسي للخوف والشك من المسلم وحضارته,, وهو ما هدفت اليه الجنادرية.
وهذا العام ركزت الجنادرية على الاسلام والشرق بتوجيه من صاحب السمو الملكي الامير عبدالله,, لنفس الاهداف الكبرى من طرح الاسلام والغرب في عام سابق.
نقول ان ما يدعو المفكرين من متابعة برامج مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة لأنه مثل نافذة واسعة باضاءاته واضافاته وفعالياته لفرض واقع ثقافي يتكرر كل عام وينتظره الكثيرون ليشبعوا من نهمهم، وليوسعوا من دوائر اهتماماتهم، وليقووا صلاتهم بالآخرين ليتم التلاقي البناء، والتلاقح الفكري والثقافي لتقارب الرؤى، وتزول شوائب الفهم الخاطئ وما اتت الشعوب في حضارتهم إلا من خلال الانغلاق الذميم، واساءة الظن بالآخر، والتعالي البغيض واتاحة الفرص للدس ولبث روح الفرقة التي ولدت وافرزت هذه الموجة من السلوك اللامسؤول الذي وصل بالانسان الى تعكير صفو حياة اخيه الانسان وإشاعة روح البغضاء، مما ألحق اضرارا بالغة بدينه، واعطى الفرصة لأعداء الأمة العربية والاسلامية ليَصِموا الحضارة الاسلامية بالعدوانية، والارهاب والاعتداء على حقوق الإنسان في حياة آمنة مستقرة.
فالجنادرية تحملت وتحمل مسؤولية ضخمة في تصحيح المسارات الفكرية واثراء التوجهات السليمة في الفكر الإسلامي,, وإحياء عطاءات الاسلام في حياة البشرية في كل ميادين الحياة من اقتصادية واجتماعية، ومعرفية وغيرها وبعيدا عن اي خوف او حساسية,, فها هي منذ بدأت تؤثر في الحياة العامة للثقافة,, فهي تدعو رجالات الثقافة والمعرفة من مختلف المدارس الفكرية، والتوجهات الايديلوجية، ليسمعوا ويدلوا بدلوهم في حوارات مفتوحة,, ثم تطبع تلك الطروحات ليتداولها المنتدون والمتلقون حتى من لم تسعفه ظروفه لعدم الحضور فقد ناقشنا افكار من اراد ان يتحدث عن الاسلام والغرب ونهاية العالم في كل مناحي المناشط الإنسانية والشأن المعرفي.
وها نحن في هذا العام الخامس عشر لعمر الجنادرية نسمع ونكثف الطرح في موضوع حيوي هو الاسلام,, والشرق وسوف يسر ويبتهج كل من ستصله تلك الطروحات الرائعة التي قدمها باحثون من الاتحاد السوفيتي والصين وكوريا وبلاد الأرخبيل الاندونيسي، والماليزي والباكستان، والهند، والمغرب العربي علاوة على المفكرين السعوديين واخوتهم من مصر، وسوريا,, وما بدأ قويا متصاعدا سيواصل مسيرته بنفس القوة والاصرار على تبني أفكار وطروحات بناءة حضارية تحترم الآخر وتؤكد على الهوية التي تصل اي لون من ألوان الغزو الذي تأتي به العولمة وثقافة الأقوى وخطوات مثل هذه تدفع الى دائرة الضوء ما يلزم التركيز عليه في استراتيجية البناءالتعليمي والمعرفي، والتنمية الاقتصادية وهو ما طرحه وناقشه بموضوعية واستعراض علمي نخبة ممن اختارتهم قيادة الجنادرية من مفكري ومنظري المؤسسات والأكاديميات التعليمية الرفيعة المستوى في عالمنا المعاصر,, فلقيادة الجنادرية التهنئة الخالصة على الجهد الطيب، والاختيارات الحكيمة للرجال، والموضوعات وعلى مؤسساتنا الاكاديمية والثقافية ان تستغل وجود ضيوف الجنادرية المفكرين الكبار وتدعوهم للقاء والحوار كما فعلت جامعة الملك سعود بدعوتها الاستاذ الدكتور/ نقولا زيادة احد المؤرخين الكبار ليكون ضيفا على قسم التاريخ,.
والله الموفق.