بروح رياضية للوطن ملحمةٌ وأبطال د, خالد بن عبدالله الباحوث |
دخل المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود التاريخ من أوسع أبوابه عندما سجل رحمة الله عليه ملحمة وطنية بحروف من ذهب, فبينما كانت الجزيرة العربية معزولة عن العالم الخارجي وكانت تشهد وتعيش صراعا وحروبا قبلية مستمرة استطاع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أن يوحد قبائلها ويؤسس أول دولة حديثة في الجزيرة العربية.
وعلى الرغم من حداثتها وعصريتها إلا أن هذه الدولة الحديثة اختلفت وتميزت كثيراً عن المفاهيم الغربية السائدة لمراحل تطور الدول في الغرب, وكانت إحدى خصائص التجربة السعودية تكمن في أن مجموعة القوى التي ساعدت على ولادة هذه الدولة الحديثة ومراحل تطورها تميزت بمراحل تاريخية خاصة, فلقد كان أبرز هذه القوى رفع راية الدين الإسلامي والقيادة الحكيمة والمواطنة الصالحة, فالدين الإسلامي لم يكن عاملاً أساسياً في تكوين البنية السياسية للدولة الحديثة في المملكة العربية السعودية فحسب بل كان كذلك عاملاً مؤثرا في حياة كل مواطن سعودي.
والقيادة الحكيمة والراعية كانت أبرز مقومات هذه الملحمة الوطنية, فالملك عبدالعزيز رحمة الله عليه قاد ملحمة بطولية نادرة فهو بحق بطل وطني بكل معايير التقييم البطولي وذلك لما تميز به من حكمة وشجاعة وبطولة وكرم وشهامة, لقد كان رحمه الله رجلاً متدينا لذلك رفع شعار الإسلام, كما كان سياسياً محنكا فعرف كيف يتعامل مع الأحداث, وكان مواطناً صالحاً فعلّم إنسان الجزيرة العربية معنى المواطنة.
وبعد قرن من الكفاح والتوحيد والتشييد والبناء احتفلت المملكة بالمئوية الأولى بعد أن أصبحت المملكة خلال مئويتها نموذجاً فريداً من نماذج الوحدة والتطور والتنمية الحديثة والتي شملت جميع الميادين والمجالات الحيوية, والقطاع الشبابي والرياضي يعتبر من أبرز القطاعات التي شهدت تطوراً مستمراً وقوياً خلال المائة عام الماضية حيث بدأ من العدم ووصل إلى ما وصل إليه, والدولة عندما أولت القطاع الرياضي والشبابي عناية فائقة كان إدراكاً منها بأهمية هذا القطاع ودوره في تطور وتنمية الأمم خاصة وأن الشباب هم عماد الوطن, وفي هذا اليوم المبارك تزغرد الرياضة فرحاً بعظم المناسبة ويحتفل الشباب بكأس المؤسس فنتمنى أن يخرج اللقاء اليوم بمستوى الحدث, وندعو الله جميعاً بالرحمة والغفران لصاحب فكرة هذه الكأس الغالية فقيد الرياضة والشباب وأحد أحفاد المؤسس والذين رسموا اسمهم كذلك بحروف من ذهب خلال تلك المئوية الخيرة.
وبهذه المناسبة نتقدم إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم باقتراح مفاده أن تستمر تلك المناسبة الخيرة بشكل سنوي, وبما أن هناك ضغطاً على برامج الاتحاد السنوية فمن الممكن أن تقام كبطولة شرفية حيث يلتقي بها بطل كأس خادم الحرمين الشريفين مع بطل كأس ولي العهد وفي حالة إذا ما كان البطل هو فريقاً واحداً يتقابل هذا البطل مع وصيفه في الدوري العام.
إن استمرار كأس المؤسس له فوائد كبرى وقد يكون أبرزها ارتباط الشباب بصفة مستمرة بتاريخهم الجميل وقصة الملحمة البطولية التي قادت إلى الدولة الحديثة.
هل سبق أن أضعت ضربة جزاء؟
كان الوقت خريف عام 1975م وكانت المناسبة مباراة لكرة القدم في التصفيات قبل النهائية لكأس المدارس, وبسبب الضغط المتواصل في الشوط الثاني من قبل منتخب مدرستي، مدرسة ولتن العامة في ستافورد والذي كان مهزوماً بهدف للاشيء في الشوط الأول حصلنا على ضربة جزاء, الفرحة كانت كبيرة ولكن المشكلة أنه لا أحد من اللاعبين يريد أن يتقدم لتسديدها.
وبعدما شاهدت كابتن الفريق يدور حول اللاعبين بحثاً عن متطوع للقيام بالتسديد ولكنه فشل في هذه المهمة, وعندها وكمهاجم للفريق اضطررت إلى التقدم لتسديدها أمام هذا الإحجام من بقية أفراد الفريق, وعندما وضعت الكرة مكانها وتراجعت بعض خطوات للتنفيذ بدأت أفكر في نصائح والدي اللاعب السابق عندما كان يدربني على لعب الكرة وتنفيذ ضربات الجزاء منذ الصغر, ولقد كانت أهم نصائح والدي عند تنفيذ ضربات الجزاء أن أجري نحو الكرة وأضربها بتركيز ودون تردد وتوجيه الكرة نحو إحدى الزوايا على أن تكون الضربة أرضية ما أمكن, على كل حال، قررت وضع الكرة على يمين الحارس, وعندما ما استدرت ظهري وجريت نحو الكرة وكان هناك صمتاً رهيبا ضربت الكرة بقوة شديدة وبمستوى أرضي, أتذكر أنه انتابني شعور كبير بالسعادة أثناء ضرب الكرة عندما شاهدت حارس المرمى يسبح بالاتجاه المغاير للكرة الشعور الذي لم يكتمل عندما انتهت الكرة إلى المرور بجانب القائم, أضعت الضربة وخسر فريقي بالنهاية 2 صفر وأثناء اللعب بعد اضاعة الكرة لم أرفع رأسي خجلاً الأمر الذي اضطر المدرب إلى تغييري, وفي غرفة تغيير الملابس بعد المباراة لم يكلمني أحد حتى المدرب مما جعلني أجمع ملابسي وأهرب, ولقد اعتقدت في ذلك الوقت أنهم يكرهونني وأنهم أرجعوا ملامة الهزيمة إلي, ولكنني اكتشفت فيما بعد أنهم جميعاً شعروا بالذنب لأنهم أجبروني على التنفيذ ولذلك لم يعرفوا ماذا يقولون لي.
وبعد عشر سنوات وأثناء تمثيلي لفريق إحدى الشركات القانونية الكبرى والتي أصبحت أعمل بها كمحام سجلت هدف التعادل لفريقي والذي قادنا بعد الأشواط الإضافية إلى ضربات الجزاء.
وبما أنني كنت أكبر اللاعبين سناً وأكثرهم خبرة فلقد اتجهت الأنظار إلي لتنفيذ إحدى الضربات ولكن لم يستطع أحد إقناعي للتقدم للتنفيذ على الرغم من كل سبل الإقناع التي استخدمها المدرب معي وإدارة الفريق واللاعبون, فلقد كان شبح البلنتي الذي أضعته في مباراة المدرسة نصب عيني ودائماً يلازمني, إنني متأكد من أن هناك الكثير من اللاعبين الذين لديهم قصص مشابهة خاصة أن ضربات الجزاء أصبحت اليوم جزءا مهما من تكوينة كرة القدم العالمية.
كما أنني متأكد أن ستورت بيرس لاعب نوتنقهام ونيوكاسل والمنتخب الإنجيليزي لديه قصة مشابهة إلا أنها تختلف باحتوائها على نهاية سعيدة, فعندما شاهدته بكل شجاعة وثقة يتقدم إلى ركلات الجزاء في مباراة إنجلترا مع اسبانيا في البطولة الأوربية 96 شعرت بلحظات رياضية خاصة وعندها أدركت أن الإعداد والتهيئة النفسية للاعبين وصلت إلى مرحلة حديثة ومتقدمة, ولقد دفعتني تلك اللحظات إلى بداية الشروع بهذا الكتاب.
كانت تلك بعض الفقرات التي بدأ بها كلارك ميلر clark; miller كتابه: أنه يضعها دائماً على اليمين : تاريخ ضربة الجزاء He always puts it to the right: a History of the penalty kick والذي أكمل إصداره والده في العام الماضي وذلك بعد وفاة كلارك في عام 1998م.
لم تكن إضاعة البلانتي بواسطة يوسف الثنيان مؤخراً وكذلك التمياط والجابر وغيرهم لوحدها هو ما دفعني إلى التطرق إلى هذا الموضوع وإنما هو قيام كثير من اللاعبين بإضاعة تلك الفرصة الثمينة وليس وحدهم المحليون من يضيع تلك الفرصة بل أصبح كثير من المحترفين العالميين يهابون التقدم لتنفيذ تلك الضربة, وقد شاهدنا كيف تسابق محترفو تونس والفريق الإفريقي الآخر على إضاعة ضربات الجزاء حتى أصبح عدد الضربات الضائعة أكثر من المحتسبة وهي عكس القاعدة التي يفترض أن تسير عليها ضربات الجزاء فالأصل هو دخول الكرة المرمى لأنها فرصة ثمينة أما ضياعها فهو شذوذ ولكل قاعدة شواذ, ولقد تم تطبيق تلك القاعدة إلى حد ما في المباراة النهائية للبطولة الأفريقية يوم الأحد الماضي .
إن أبرز ما يمكن إضافته هنا هو التذكير باستمرار إهمال أنديتنا لأهمية عوامل الإعداد النفسي في هذا المجال وهذا هو جزء مما ينادي به الدكتور صلاح السقا وجزء من مشروعاته ولو كان الدكتور أجنبياً لأصبح الخبير الأجنبي الكبير أو Saga , Mr نتمنى أن يعي مسئولو الأندية أهمية الجانب النفسي وإعداده لجميع اللاعبين حتى الكبار منهم كما نتمنى أن يجد الدكتور صلاح دعماً متواصلاً لمشروعاته القادمة وللتذكير فلدينا أساتذة آخرون لهم اهتمامات وعلاقة بهذا الجانب المهم كالدكتور حبيب الربعان والدكتور عبدالحميد الأمير وغيرهما والذين لديهم مشروعات ذات علاقة لا تقل أهمية.
|
|
|