الحمد لله الكريم المنان، الرحيم الرحمن، الذي علم القرآن ، وجعله معجزة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، مستمرة على تعاقب الزمان، أحمده سبحانه إذ حفظ كتابه من التبديل والزيادة والنقصان، ويسره للذكر حتى استظهره صغار الولدان، واشهد ان لا إله إلا الله وحده لاشريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين والناصح المبين الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وجعله حجة على الخلق أجمعين، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله واصحابه أجمعين.
أما بعد:
فإن كل من يمعن نظره في تاريخ ولاة أمر هذا البلد الكريم، ويخص بالنظر والتأمل الجانب الخيري، والصفحة الإنسانية من هذا التاريخ المزدان بالأعمال الإسلامية والخيرية، والمنجزات الإنسانية، يكتشف حقيقة واضحة وساطعة كالشمس تتحدث بنفسها عن نفسها، ويفصح لسانها عن ذاتها، وهي أن ولاة أمر هذا البلد قد وقفوا أنفسهم، وبذلوا حياتهم في سبيل خدمة المسلمين اينما كانوا بصفة عامة، وفي خدمة المواطنين بصفة خاصة.
ومن المسلم به أيضاً أنهم حفظ الله الأحياء منهم ورحم الأموات حين فعلوا، ويفعلون ذلك فإنهم ينطلقون من هذا البلد وهو موطن بيت الله العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، وقبلة لكل مسلم أينما كان على وجه هذه البسيطة، ولكون المملكة العربية السعودية هي حاضنة الحرمين الشريفين، وراعية الأماكن المقدسة، ومهد الرسالة، ومهبط الوحي، ومحكمة شرع الله في أرض الله.
وهذا العمق في الإحساس بالمسؤولية تجاه المسلمين من أهم الاخلاق، وأعظم السجايا التي نشأ عليها مؤسس هذاالكيان،وموحد أرجاء المملكة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ونشَّأ عليها أنجاله النجباء، الكرام البررة، فكانوا بحق وصدق خير خلف لخير سلف ، ويبرز من أولئك الأجواد الأفذاذ حبيب الرياض، وقرة عين أهل الرياض، امير الرياض صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله .
وفي ميدان العناية والاهتمام بكتاب الله العزيز وبحفظته من البنين والبنات تأتي جائزة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات التي خصصها سموه الكريم على نفقته الخاصة تشجيعاً ودعماً لهؤلاء الفتية والفتيات من حفظة كتاب الله، ليحضهم على بذل المزيد من الجهد، لحفظ القرآن الكريم وتعلم علومه، وتفسيره، والتنافس في هذا المجال الإسلامي المشرف الذي تسمو به الأمة الإسلامية جمعاء.
وتجيء رعاية الامير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود امير منطقة الرياض للمسابقة المحلية، لتجسد حرص سموه الكريم على متابعة مثل هذه المناشط الخيرة، بل كل عمل خير في داخل المملكة وخارجها، كما تأتي استمراراً للنهج الذي تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لهذه المسابقة، وتأكيداً لما توليه هذه الدولة المباركة من عناية واهتمام بالقرآن العظيم.
وتحظى رعاية سمو الامير سلمان للحفل الختامي لهذه المسابقة، وتقديمه جوائزها البالغة مليوناً ونصف المليون ريال لأبنائه وبناته الفائزين كل عام كل التقدير والاعتزاز والفخر من أبناء الوطن جميعاً، الذين يسعدون كل السعادة بهذه اللفتة الأبوية الحانية من سموه رعاه الله ، والخير من معدنه لايستغرب، فسموه الكريم معروف بأعماله الخيرية المباركة في هذا البلد المعطاء.
ويعرف الجميع أن المسابقتين المحلية والدولية لحفظ القرآن الكريم اللتين تنظمهما المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد سنوياً استنهضت همم ناشئة وشباب المسلمين من كل مكان في العالم، ووجهت القلوب والنفوس إلى تدارس كتاب الله العزيز تلاوة وحفظاً وتجويداً وتدبراً لمعانيه وأحكامه، كما أن مدارسة القرآن الكريم لكل المسلمين يعود عليهم بالنفع في دنياهم وآخرتهم، وهي أنفع للشباب والشابات بالذات، إذ يفتح القرآن الكريم أمامهم أبواب العلوم الإسلامية كلها، ويوسع المدارك، ويوجه الفكر السليم في أمور الدنيا والدين.
كذلك فالمملكة العربية السعودية ولله الحمد والمنة بتنظيمها المسابقات القرآنية، أصبحت قدوة في هذا العمل الإسلامي يُقتَدى بها في سائر دول العالم الإسلامي، وإنها بهذا العمل قد سَنَّت سنة حسنة للمسلمين، كما يمكن القول إن هذه المسابقات القرآنية التي يحتضنها سنوياً هذا البلد المعطاء ماهي إلاّ منهج من مناهج الدعوة الإسلامية، وتحقق مع الجهود الأخرى التي تبذلها المملكة في هذا السبيل تكاملاً وشمولاً لتبليغ الدعوة الإسلامية.
وفي هذه العجالة، يجب علينا أن نعطي كل ذي حق حقه، فالعناية الشخصية التي يوليها معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومتابعته لكافة أعمال ومناشط المسابقة خطوة بخطوة، حتى أظهرتها بالوجه اللائق بها، لهي من الجهود الخيرة التي يحرص معاليه دائماً على متابعتها، ولا يستغرب ذلك من معاليه حفظه الله فهو من اسرة جبلت على حب عمل الخير، فلمعاليه الشكر والتقدير على ذلك، حيث وجه معاليه الجهات ذات العلاقة في الوزارة ببدء استعداداتها منذ وقت مبكر لاحتضان هذه المسابقة، وتنظيمها، والإعداد لها.
وأخيراً وليس آخراً، نسأل الله تعالى أن يجعل ثواب هذه الجائزة السخية في موازين حسنات سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأن يتقبل منه صالح الأعمال، وأن يديم على هذا البلد المعطاء أمنه وأمانه، وطمأنينته ورخاءه، وأن يحفظ قادتنا وولاة أمرنا، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وان يوفق شعب المملكة إلى كل خير وصلاح ، وأن يبارك في الجهود، ويحقق المساعي بالنجاح والتوفيق، إنه خير مسؤول.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته اجمعين.
سعود بن سعد بن محمد آل رشود