بيننا كلمة في الميزان الأخير د , ثريا العريّض |
أعود الى الصعوبات التي تقف في وجه مسيرة المرأة السعودية من أجل مزيد من العطاء والتأمل في تطلعاتنا للمستقبل القادم.
معظم الصعوبات التي تعترض مساهمة المرأة بفعالية في العمل الجاد خارج نطاق البيت تتعلق غالبا بخروجها الى العمل، وعدم توفر القدرة على الاعتماد على النفس في إيصال نفسها الى مقر الوظيفة مما يتركها مرتبطة بمن يتكفل بإيصالها, وهناك صعوبات تتعلق بعدم وجود البديل المناسب للقيام بدورها الانثوي في إدارة شؤون الاسرة وتربية الصغار, والاعتماد على العمالة المستوردة من دول تختلف مجتمعيا في قيمها وتقاليدها يحمل معه كثيرا من النتائج السلبية المرافقة غير المرغوب فيها, ومتى وجد البديل المناسب للمواصلات ورعاية الأطفال فإن عمل المرأة وظيفيا يكتسب أهمية إيجابية دون إطار سلبي,, من المعوقات أيضا القناعة السائدة أن المرأة سطحية التفكير والاهتمام وغير قادرة على اتخاذ القرار المنطقي أو المهني السليم, وربما استطاعت المرأة تعجيل اقتناع المجتمع بقدراتها العملية والإدارية والإشرافية إذا تخلصت من المعتاد عليه من التركيز على إثارة الاستجابة لجاذبية أنثوية الجسد وإغراءاته بالتركيز على إيحاء الملابس والماكياج، وكذلك بالتغلب على موروث المعتاد المجتمعي من عدم الثقة بالذات، والتشبث بسلوكيات الضعف متوقع من الأنثى.
أكاد اؤكد انه خلال العقود القليلة القادمة ستحقق الفتاة السعودية خطوات واسعة ومتسارعة للوصول الى المشاركة الفاعلة في كل المجالات الحيوية في المجتمع وربما تسبق في ذلك شقيقاتها من الدول العربية والدول النامية الأخرى، في ذات الوقت الذي ستتفادى فيه الوقوع ضحية للتخبطات والتناقضات التي واجهتها المرأة في الغرب,, واقتناعي بذلك يأتي من متابعتي لمسيرة المرأة عندنا حيث تدعمها عدة عوامل فاعلة ومؤثرة، أولها تلاقح روافد التثقيف العام مع روافد الالتزام الذاتي عند الجيل الناهض بحيث لا يرتبط العلم والعمل بمظاهر التحلل المجتمعي بل يأتي عطاء المرأة جادا ومتجذرا في أصالة إيمانها بذاتها وبشخصيتها المميزة ودورها المصيري, والعامل الثاني هو تجذر الاقتناع الرسمي على مستوى صناعة القرار منذ ابتدأ تأسيس هذه الدولة بمصيرية مشاركة المرأة وضرورة كونها غير عشوائية,, اي هي مشاركة مدروسة ومقننة وتنال ما تستحق من الحماية والدعم ولذلك تجد تقبلا مع المجتمع ككل وتتأصل في كل فئاته، والعامل الثالث هو توفير قدرة الصرف على تطوير برامج المشاركة النسائية والخدمات المساندة لها كمراكز رعاية الأطفال للأمهات العاملات، وعلى برامج التدريب والتأهيل المزدوجة التطبيق، أو شاملة للجانب النسائي أو مستقلة للنساء فقط كما هي في فروع البنوك النسائية والأسواق النسائية.
إلا انه في الميزان الاخير كل هذه أنصاف حلول مؤقتة الصلاحية.
ونحتاج تعاضد كل منابر الوعي المثقف لبناء الايمان وتوضيح طريق التطور الباني والنضج المجتمعي,, ولعل أهمها إلزام الرجل بمسؤولية كبح جماح نظرته للمرأة كجسد خالص سواء في البيت أو في الطريق أو في العمل,, إن القاء تهمة الغواية على المرأة لا يعالج أخطاء الرجل,, ولا يحل مشكلة احتياجات المجتمع للنضج الشامل.
|
|
|