الطب والعناية الصحية مثلها مثل بقية التخصصات تأثرت واستفادت من الثورة المعلوماتية الحاصلة في العالم وقد يكون القطاع الصحي من أكثر القطاعات استفادة من هذه التقنية التي ولا شك ستغير نمط حياتنا ولسنا إلا في بدايتها، وستحدث على العلوم الطبية تغييرات في المستقبل من جراء التحول إلى المجتمع المعلوماتي. وأول هذه التغييرات هو التحول من طريقة الحفظ للمعرفة الطبية التقليدية إلى استخدام قواعد المعلومات الطبية الإلكترونية وإلى الاستفادة من الأنظمة الحاسوبية المعرفية والذكية. وآنية استخلاص المعلومة بصورة فعالة وحديثة ومزودة بالصورة والصوت والنص. ففي السابق كان الأطباء والممرضون والفنيون يعتمدون اعتماداً كلياً على الذاكرة لممارسة الطب وذلك باسترجاع ما حفظوه في الكليات والمدارس الطبية. أما في الطب الحديث فستقوم الأنظمة الحاسوبية بالمساعدة في التوصل إلى التشخيص الدقيق وإلى القرار الأمثل المبني على المعلومات والمعرفة التراكمية المخزنة في الحاسوب عن الحالات المرضية المشابهة و كذلك المساعدة في اختيار العلاج الأمثل لتلك الحالات، وفي نفس الوقت إعطاء التحذيرات إن كان هناك تأثيرات جانبية لتلك الأدوية. ومن هنا يمكن إدراك عدم إمكانية الذاكرة البشرية من تذكر جميع ما يصدر في العالم من أدوية وعن تأثيراتها، وكذلك حفظ جميع الحالات المرضية المحتملة، ومن هنا تأتي فعالية الأنظمة الطبية كأدوات مساعدة ليس إلا. التغيير الثاني الذي سيحدث على الطب في المستقبل هو تطور نظام السجلات الطبية للمرضى. فمن المعروف ان في كثير من الحالات لا يُخبر الطبيب المعالج بالسجل التاريخي الطبي للمريض بما في ذلك حساسية المريض لبعض الأدوية والمعلومات الأخرى المهمة التي قد يكون العلم بها سبباً بعد مشيئة الله في إنقاذ المريض. في ظل وجود سجل طبي متكامل للمريض فستكون هذه المعلومات متوفرة للطبيب. ) سنخصص مقال للسجلات الطبية الإلكترونية فيما بعد إن شاء الله(. التغيير الثالث هو توفير آلية إلكترونية تتيح للطبيب من عيادته البحث عن الحالات المشابهة للحالة المراد علاجها وذلك بإيجاد نظام معلوماتي متكامل معمم على جميع أقسام المنشأة الطبية وقد يكون متصل من خلال الشبكة بالعالم الخارجي للاتصال بالمؤسسات الطبية الأخرى في جميع بقاع الأرض. ففي النظام التقليدي كان الطبيب يرجع إلى الكتب المتوفرة لديه أو يذهب إلى غرفة السجلات الطبية للبحث في آلاف الملفات عن حالات مشابهة من أجل الحصول عن المعلومات، وعليك عزيزي القارئ تخيل ما يستلزم ذلك من وقت ومن مجهود. أما التغيير الأخير فهو إمكانية التواصل الآني إلكترونياً بين مقدمي الخدمة من أطباء أو غيرهم مع بعضهم البعض داخل المنشأة أو خارجها وبوجود شبكة الإنترنت يمكن التواصل على المستوى العالمي وذلك للاستفادة من الخبرات والمعلومات والأبحاث فيما يخص عملهم. ومن الأشياء التي ستحدث في المستقبل في مجال العناية الطبية هو آلية أهلية المريض للعلاج على المستوى العالمي. والتي ستمكن مقدمي الخدمة الطبية خلال ثوانٍ من معرفة التأمين الصحي للمريض ومعرفة سجله العلاجي وذلك بصرف النظر عن البلد المتواجد فيه ملف المريض الطبي مما يمكن الواحد (كضرب مثال) من السفر لقضاء عطلته السنوية في أي بلد وعند الحاجة إلى العناية الطبية فخلال ثوانٍ ستكون المعلومات المطلوبة لعلاجه متواجدة وكأنه يعالج في المستشفي الذي تعود الذهاب إليه في بلده, وفي المستقبل سيكون نظام العناية الصحية المعلوماتي متكاملاً ليشمل عدداً من العناصر مثل نظام السجلات الطبية الإليكتروني ونظام صحة المجتمع المعلوماتي الإليكتروني والطب الاتصالي والنظام المالي والإداري والتخطيط للعناية الصحية وقواعد البيانات والمعرفة الطبية الإليكتروني والبحوث الطبية وكل هذه العناصر متداخلة ويعتمد بعضها على البعض. أما بخصوص العقبات المتوقع أن تعيق هذا التطور فهي كثيرة إلا أن معظمها في طريقة إلى الحل مثل مشكلة بطء شبكة الاتصالات، ولحسن الحظ فهذه المشكلة في طريقها للحل بفضل التطور المستمر في تقنية الاتصالات وكذلك من العقبات عدم الاتفاق حتى الآن على معايير موحدة والمجهودات مستمرة للوصول إلى معايير ومقاييس موحدة. ولتلخيص ما تقدم نقول: إن القطاع الصحي على عتبة التحول إلى مجتمع العولمة المعلوماتية التي ستؤدي إلى عناية صحية أفضل وإلى تحسين التحكم في المصروفات المالية في قطاع الصحة.
mmshahri*scs.org.sa