بالرغم من ذلك ثلاثة في الألف فقط ماذا نحن فاعلون ,,,؟ د, محمد الكثيري |
هل نضيف جديدا حينما نتحدث عن أهمية البحوث ومساهمتها في تطور أي مجال من مجالات الحياة؟ وهل نجافي الواقع عندما نعيد التأكيد على تلك الحقيقة المرة حول ضعفنا وعدم اهتمامنا بالبحوث والدراسات، وأعني هنا النوع التطبيقي وليس ذلك النظري الذي تكون نهايته رفوف المكتبة وركام الغبار، ادرك انه لا جديد هنا، ولكن لعل تغير المعطيات وتطورها تجبرنا على اعادة النظر والتفكير في التعامل مع هذه القضية الجوهرية في حياتنا مما يعني قبول طرح هذا الموضوع مرات ومرات.
واذا أردنا التأكد من عدم اخذنا لموضوع البحوث والدراسات بالجدية اللازمة فان الأمثلة كثيرة ولن يكون آخرها نتيجة الدراسة التي اجرتها منظمة الخليج للاستثمارات الصناعية والتي اوضحت ان المصانع الخليجية تخصص حوالي ثلاثة في الألف من قيمة مبيعاتها للانفاق على البحوث والتطوير واذا تخيلتم مبيعات هذه المصانع فان عليكم حساب تلك الثلاثة في الألف كم تبلغ انه بالطبع مبلغ هزيل لن يكون قادرا على ايجاد البنية البحثية والتطويرية الاساسية لانطلاق تلك المصانع ودخول منتجاتها حقبة العولمة الاقتصادية التي اصبحت واقعا مفروضا شئنا أم أبينا.
واذا كانت الصناعة تمثل احدى الركائز المهمة التي ثبتت ضرورتها لاقتصاديات دول الخليج، فكيف نطمح بصناعة تحقق الاهداف الاستراتيجية لدول المنطقة دون ان يكون هناك بحث وتطوير يستطيع ان يدعم تلك الصناعة ويمكنها من منافسة مثيلاتها في الدول الاخرى، الا اذا كنا مقتنعين بأن صناعتنا ليست سوى تقليد لغيرها من صناعات الدول المتقدمة وعليها ان تبقى كذلك، مما يعني ان تعيش في المؤخرة مستجدية من يتكرم عليها بالقبول.
ولكن ما لا يجب ان يغيب عن الاذهان ونحن نطرح هذه القضية هو ان صناعتنا الخليجية ما زالت صناعة ناشئة مقارنة بغيرها في الدول الاخرى، وهي ايضا تتم من خلال مصانع صغيرة ومشتتة تقوم على جهود أصحابها الذين يحاولون جاهدين البقاء في ظل حمى المنافسة العالمية وشراسة الشركات الكبيرة, وهذا يعني ان طبيعة مصانعنا وحجمها قد لا يساعدان في امكانية القيام بأنشطة بحثية بطريقة منفردة لتطوير تلك المصانع والرفع من مستوى منتجاتها ولكن لا ضير في النظر في امكانية العمل الجماعي المشترك للقيام بمثل تلك الاعمال، مما يعني ضرورة التنسيق والتعاون ما بين تلك المصانع حسب مجالاتها وانواع منتجاتها الا ان الاهم من ذلك هو ان تتبنى الجهات الحكومية المعنية بالصناعة فكرة انشاء مراكز للبحوث والدراسات الصناعية ودعم ذلك ماديا وبشريا بل واشراك المصانع وحثها على المساهمة في ذلك الدعم وربط استفادتها من نتائج الدراسات والبحوث بمدى مساهمتها فيها, بل انه بالامكان ان تتولى تلك المراكز القيام بدراسات خاصة لحساب المصانع حسب طلبها واحتياجاتها وطبيعة منتجاتها، ولا أظن المصانع ستتردد هنا وذلك لانخفاض التكلفة وتوفر الامكانات عنها في حالة قيام المصانع منفردة بمثل ذلك العمل.
خلاصة القول، ان علينا ان نفعل شيئا لتطوير صناعتنا اذا كنا جادين في تحقيق اهدافنا الاستراتيجية الصناعية التي نتكلم عنها في كل مناسبة، وفي ظل صغر حجم منشآتنا الصناعية وضعف امكاناتها المادية فان الأمر يتطلب التفكير بوجود آلية تتولاها وتتسق لها الجهات الرسمية المعنية بالصناعة.
|
|
|