Sunday 13th February, 2000 G No. 9999الطبعة الاولى الأحد 7 ,ذو القعدة 1420 العدد 9999



تعقيباً على عبدالله النعيم
عودة إلى موضوع تطبيق اللامركزية في الشؤون البلدية والقروية
الأمير سلمان غيّر وجه الرياض إلى الأفضل,, والهيئة العليا لتطوير مدين ة الرياض نموذج حي للأسلوب اللامركزي
*بقلم الدكتور : صالح بن عبدالله المالك *

اطلعت عبر الشبكة الالكترونية الانترنت عن بُعد على المقابلة التي تمت مع معالي الأستاذ الفاضل/ عبدالله بن علي النعيم، الأمين السابق لمدينة الرياض في جريدة الجزيرة الغراء في عددها ذي الرقم 9994 والتاريخ 2/11/1420ه ، وما تضمنته تلك المقابلة من تصريح معاليه بشأن التجربة الرائدة لمعاليه في مجال اللامركزية في الشؤون البلدية.
ورغبة في اضافة بعض المعلومات لما أدلى به معاليه من معلومات قيمة، ونظراً لمعاصرتي تلك التجربة أثناء عملي وكيلاً لوزارة الشؤون البلدية والقروية للشؤون البلدية مدة تزيد عن اثني عشر عاماً كان لابد من وضع بعض الاضافات التي يمكن أن تفيد المهتمين بالادارة التنفيذية وبعض القراء، وتسجل السبق والفضل في تبني الاسلوب اللا مركزي لجميع من أسهموا في تطبيق اللا مركزية في مجال الشؤون البلدية والقروية، وعلى رأسهم كل من صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز، ثم معالي الأستاذ النعيم أمين مدينة الرياض سابقا وكبار المسؤولين في الوزارة.
أولاً: عندما تم انشاء وزارة الشؤون البلدية والقروية عام 1395ه انيطت تلك الوزارة بصاحب السمو الملكي الامير ماجد الذي بقي وزيرا اكثر من أربعة أعوام، وكان من ضمن الأولويات التي تعهدها ورعاها وأشرف عليها تطبيق اللامركزية على مستوى الوزارة ومستوى الامانات والبلديات بجميع فئاتها، فكانت اللامركزية هاجسه الكبير لما يتمتع به سموه من رغبة أكيدة في سرعة البتّ وبخاصة تنفيذ المشاريع.
ثانياً: تنفيذاً لهذا التوجه صدر قرار وزاري في عام 1396ه بتكوين لجنة للتوجيه، ولجنة أخرى للتنفيذ، وتم اختيار الاعضاء من كبار المسؤولين بالوزارة، وكلف وكيل الوزارة للشؤون البلدية برئاسة هاتين اللجنتين، اللتين كان من مهامهما قيام الاعضاء بدور النظراء مع شركة مكنزي الامريكية التي تم التعاقد معها، وأنيطت بها مسؤولية اجراء دراسات ميدانية ادارية، تهدف الى تنظيم الوزارة وفروعها وكذلك الامانات والبلديات، مع تقديم مقترحات للهياكل التنظيمية المناسبة لتلك المرحلة التي تميزت بنقلة ادارية تنموية وحضرية سريعة,, وحرصت الوزارة على تنفيذ ما تراه مناسبا من توصيات تلك الدراسة التي جاءت تؤيد اللامركزية اسلوبا ومنهاجا في عمل البلديات، واستطاع الامير ماجد بحكمته وهدوئه ان يحتوي كثيرا من الانتقادات المتكررة، التي وجهت ضد هذا التنظيم من داخل الوزارة ومن خارجها.
ثالثاً: كانت الوزارة تغصُّ بالمراجعين على اختلاف حاجاتهم أو أعمالهم وكانت هناك اختناقات ادارية، نتيجة تكدس الاعمال والمشروعات الكبيرة المتعددة المتعلقة بالمرافق العامة وتخطيط المدن والاراضي ونزع الملكيات ومشاريع التحسين والتجميل، ولم يكن عمليا والحالة هذه ان يحتضن الجهاز المركزي بالوزارة وحده تلك المشروعات في زمن الطفرة العمرانية دون ان تشترك مع الوزارة فروعها المختلفة, لذا أكد سمو الأمير ماجد في كل مواقفه الادارية على تبني الاسلوب اللامركزي في تنفيذ المشروعات خوفا من تعطلها، اذ كانت التوجيهات السامية تصدر للجهات الحكومية بسرعة تنفيذ المشاريع، ولا أدلّ على ذلك من صدور الامر السامي في شعبان عام 1396ه المتضمن تكليف وزارة التخطيط بمتابعة تنفيذ المشاريع المعتمدة في الميزانية وتكليف الجهات الحكومية بإعداد تقرير دوري عن خطوات تنفيذ المشاريع، يتم ارساله لوزارة التخطيط التي تقوم بدورها بضم تلك التقارير الى بعضها ورفعها مجتمعة الى المقام السامي، رغبة في تحقيق أعلى معدل من التنمية ينشدها المواطن وتهدف إليها الحكومة الرشيدة.
هذا الكم الهائل من المشروعات العملاقة المختلفة في منتصف التسعينيات الهجرية فرض واقعا اداريا معينا، وهو اللجوء الى الاسلوب اللامركزي في تنفيذ ما يتعلق بالمخططات الرئيسية والتفصيلية ومشاريع السفلتة والانارة والارصفة وتوزيع الاراضي الحكومية ومشاريع المياه والصرف الصحي.
رابعاً: أذكر ان الامير ماجد بعد مباشرته العمل وزيرا للشؤون البلدية والقروية، راجعه آلاف المواطنين لأمور تتعلق بالاراضي ونزع الملكيات وفتح بلديات واعتماد مخططات تفصيلية، ولقد كان الامير ماجد من قبيل الدعابة التي لا يخلو منها مجلسه الظريف المؤنس يقول: لقد خشيت سقوط الدور الأول في ذلك المبنى القديم الذي كانت الوزارة تحتله آنذاك بحي الفاخرية نتيجة كثرة المراجعين وكان سموه يرى أنه للتخفيف على المواطنين خارج مدينة الرياض، لابد من اعطاء الفروع وأمناء المدن ورؤساء البلديات والمجمعات القروية صلاحيات واسعة تسهّل اجراءات العمل وتسرّع الخطى في تنفيذ كثير من المشروعات الحيوية التي لا تقبل التأجيل .
خامساً: أذكر في هذا الصدد أيضا ان الامير ماجد أثناء زيارته الرسمية الى لندن في شوال عام 1396ه مع وفد من الوزارة، ومروره بمكتب الوزير المختص بالتنمية الحضرية هناك لحظ سموه ان طاولة الوزير كانت خالية تقريبا من الاوراق المكدسة، فسأل الامير الوزير عن المعاملات، فأجابه الوزير الانجليزي ان دوره يقتصر على الاشراف والمتابعة والرقابة ووضع القوانين والمعايير، وانه لا يدخل في التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالتنفيذ، فتلك مسؤولية البلديات والفروع ولقد أعجب الامير بهذا النهج وأيده وكرره في اكثر من مناسبة.
سادساً: بعد ان اكتملت دراسة مكنزي، تم رفعها مع الهياكل التنظيمية المقترحة للمقام السامي الذي أحالها بدوره الى اللجنة العليا للاصلاح الاداري، والتي اوفدت للوزارة أحد أعضائها وهو معالي الاستاذ محمد أبا الخيل وزير المالية والاقتصاد الوطني آنذاك, وتم عقد اجتماع بينه وبين الأمير ماجد باشتراك احد المسؤولين بالوزارة، ونتج عن ذلك الاجتماع ادخال تعديلات على بعض المسميات، ورفع الامر للمقام السامي الذي وافق على ذلك التنظيم.
سابعاً: منذ ذلك الحين، بادرت الوزارة بتوجيهات من الامير ماجد بتنفيذ الهيكل التنظيمي، الذي وافق عليه المقام السامي والمتمثل بإنشاء خمس مديريات للمناطق لمّت شتات الفروع المتناثرة والتي كانت تسمى آنذاك مديرية الشؤون الهندسية، مديرية تخطيط المدن,, وضمت الوزارة الى المديريات العامة الجديدة صلاحيات الاشراف على المياه والصرف الصحي التي كانت الوزارة تقوم بها، اذ لم يكن للوزارة حينذاك فروع للمياه والصرف الصحي كما أعطت الوزارة تلك المديريات صلاحيات تحليل المشاريع والبت في مناقصاتها وتنفيذها، والاشراف على تنفيذ منح الاراضي، واعتماد المخططات التفصيلية ولم تبخل الوزارة على الامانات وبلديات المناطق بتخويلها صلاحيات واسعة تماثل صلاحيات المديريات العامة او تزيد عنها.
لقد رغبت الوزارة بمبادرة من الامير ماجد تبني هذا النهج اللامركزي اعتقادا منها بأنه ليس بوسع جهاز الوزارة بالرياض ان يقوم بتنفيذ تلك المشاريع المعتمدة في جميع انحاء المملكة المتباعدة ومع ذلك احتفظت الوزارة لنفسها بوضع الاسس والمعايير وبالرقابة والاشراف والمتابعة والتخطيط والمخططات الرئيسية والبرامج وبعض المشروعات الكبيرة او البت في مناقصات المشروعات التي تشمل أكثر من مدينة.
ثامناً: على هذا النهج، وفي اطار الترغيب والحث على تطبيق اللامركزية استمر الامير ماجد بإصدار القرارات الوزارية المتضمنة تخويل الفروع صلاحيات فنية وادارية ومالية واجرائية واسعة، ولم يتوقف عن حث المسؤولين بالوزارة على اتباع هذا النهج، ولا سيما عندما يقوم بزيارة رسمية لكثير من الدول المتقدمة التي تطبق الاسلوب اللامركزي في التنمية الحضرية والريفية.
وقد شاهدت سموه يقوم بتوجيه المسؤولين المصاحبين له في زيارته الرسمية للدنمارك عام 1396ه وكذلك عندما زار هونج كونج وتايوان عام 1397ه وحث المسؤولين معه على اخذ الجوانب الايجابية للاسلوب اللامركزي الذي تطبقه تلك الدول الثلاث.
تاسعاً: تم تعيين الاستاذ عبدالله النعيم أمينا لمدينة الرياض سنة 1396ه وأذكر انه حاول الاعتذار في مكتب الأمير ماجد عندما عرض عليه هذا المنصب، وكان يقول للأمير بفكاهته المألوفة: انني لا أصلح لعمل البلديات لأنني صلف وقصد بذلك ما تعنيه هذه الكلمة في العامية فقط أي شديد فأجابه الامير بدعابته المعروفة أكثر بأننا لا نريد لهذا العمل الا صلفا,, ومن المعروف أن تعيين الأستاذ النعيم جاء بالتنسيق بين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وصاحب السمو الملكي الأمير ماجد وزير الشئون البلدية والقروية الأسبق.
وللتاريخ، فإن الحديث عن مدينة الرياض وتطويرها في جميع المجالات يأتي دائماً مقترناً ومتلازماً تلازماً استاتيكياً ثابتاً مع شخصية الأمير سلمان، الذي لم يبخل بجهده ووقته في رعاية هذه المدينة والنهوض بها، وتمثل نشاطه في مجال الشئون البلدية من خلال رئاسته للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مدة تزيد على ربع قرن، تحقق من خلالها كثير من المنجزات التنموية.
ومع ان الهيئة كانت الذراع التخطيطية والقانونية للأمانة من خلال ممارسة الجوانب التخطيطية ووضع اللوائح والمعايير الا ان دورها تجاوز هذا وذاك، فقد مارست ادوارا تنفيذية متعددة غيرت وجه العاصمة الى الافضل، وبرز ذلك في تنفيذ مشاريع عملاقة لايتسع المجال لحصرها، وليس عنا ببعيد تنفيذ الحي الدبلوماسي ومبنى وزارة الخارجية وسكن موظفيها، إضافة الى ماتقوم به الهيئة من تخطيط وتنسيق ومتابعة مع وزارات الخدمات في تنفيذ المشاريع بشكل اعطى عاصمة المملكة ما تستحقه من تنمية عمرانية واجتماعية وادارية واخيراً وليس اخراً يقفز الى الذهن المشروع الحضاري العملاق الذي نبعت فكرته بمبادرة من الأمير سلمان واعني بذلك مركز الملك عبدالعزيز الحضاري الذي اصبح معلماً من معالم عاصمة المملكة والذي جاء تنفيذه ضمن المشاريع المتعددة بمناسبة احتفالاتنا بمرور مائة عام على تأسيس المملكة.
والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وماتقوم به من ادوار مختلفة هي نموذج حي للاسلوب اللامركزي الذي تمارسه كل من الوزارة والامانة، والذي اثبت ضرورته، ولاسيما عندما تكون المشاريع حجما وعددا بمثل ما تحقق في مدينة الرياض وبخاصة عندما تكون الجهة المنفذة بحجم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والمشرف عليها بحجم كفاءة ومتابعة سلمان بن عبد العزيز ونائبه سمو الامير سطام بن عبدالعزيز اللذين كانا ومازالا محركا ديناميكيا للعملية التنموية التي تشهدها مدينة الرياض بشكل لايقبل أنصاف الحلول, ومن الواضح ان تعيين الاستاذ النعيم جاء متزامنا مع تكوين اللجان المسؤولة عن تطبيق اللامركزية، وبعد شهور من التعاقد مع شركة مكنزي التي انيطت بها دراسة تنظيم الوزارة وفروعها المختلفة, وعلى أي حال، فان تعيين الاستاذ النعيم في امانة مدينة الرياض جاء مناسبا جدا لتلك الظروف التي شهدت نموا عمرانيا أفقيا ورأسيا، فهو من الرجال الذين تميز أداؤهم بالجرأة والحماس والايجابيات التي لا حدود لها، دافعه في ذلك الوطنية والاخلاص والنزاهة التي لم تكن يوما من الايام محل مساءلة، لا اقول حتى من خصومه، لأنني لا أعرف له خصوما من خلال عملي واياه في مجال الشؤون البلدية، اذ لم أذكر ان أحدا من المواطنين يوما واحدا جاء يشكو للوزارة من سوء معاملته من قِبل الامين، ولم اسمع عنه الا ما يثلج الصدر في جميع المجالس، وكفى به تواضعا ودماثة في الخلق ان الابتسامة لا تغيب عن محياه حتى في وقت الضيق وحسبك به انسانية انه يبادر الى الاعتذار طوعا واختيارا الى أي مراجع يعتقد انه لم يحقق مطالبه او عندما يشعر بأنه أخطأ في حقه، ومَن المعصوم من الخطأ؟
كان لتعيين النعيم أمينا لمدينة الرياض وبدعم كبير من كل من الأمير سلمان والأمير ماجد والأمير سطام، وبتوجيه مستمر من هؤلاء الثلاثة فضل كبير في القضاء على كثير من المشكلات في امانة مدينة الرياض، ولاسيما موضوع النظافة مع شركة ويست منجمنت الامريكية، التي تم التفاوض معها ومع غيرها من الشركات العالمية المتخصصة من قبل لجنة من كبار المسؤولين بالوزارة عن طريق الممارسة العلنية، نتج من تلك المفاوضات تخفيض قيمة العروض المقدمة أصلا الى النصف، وتم توقيع العقد بالوزارة لمدة خمس سنوات,, وحقيقة الأمر فان النعيم كان عنصرا فاعلا في نجاح تلك الشركة من خلال مبادرته بتجزئة مدينة الرياض الى أحياء متعددة، واناطة كل منطقة بمسؤول بالامانة للاشراف والرقابة ومتابعة عمل الشركة، وهذا العمل ما هو الا نمط من اللامركزية التي مارسها النعيم بعد توليه العمل في الامانة.
أما موضوع اللامركزية على مستوى الوزارة والامانات والبلديات، وعلى مستوى الفروع التي أصبحت فيما بعد مديريات عامة في المناطق فان تنفيذ ذلك جاء من خلال منظومة ادارية نواتها لجنة التوجيه ولجنة التنفيذ في الوزارة تحت اشراف وتوجيه يومي من الأمير ماجد.
وما امانة مدينة الرياض والامانات الاخرى والبلديات والفروع الا جزء من تلك المنظومة، اذ كانت تلكما اللجنتان في الوزارة وبتكليف من الوزير تشرك أمناء المدن ورؤساء الفروع والبلديات من وقت لآخر في اجتماعاتها الدورية التي استمرت على مدى عامين مع مندوبي شركة مكنزي، مع القيام بجولات ميدانية على عينة من المناطق والامانات والبلديات.
ومع انني مع الاستاذ النعيم في انه كان صاحب السبق في انشاء فروع أمانة مدينة الرياض تجنبا وعلاجا للاختناقات التي كانت تشهدها مدينة الرياض عندما تم تعيينه امينا لهذه المدينة الا انني أعتقد ان ما قام به معاليه وهو يشكر عليه كان جزءا من تلك العملية التنظيمية التي انبثقت اصلا من جهاز الوزارة المركزي بمبادرة من الامير ماجد، لكن ذلك لا يقلل من الدور الواضح الذي قام به النعيم على مستوى الامانة، فهو يستحق مع سمو الأمير ماجد وزملائهما الفضل، ولهم جميعا كفريق متكامل دون تخصيص السبق في ممارسة تلك الادوار الايجابية المتعددة لتنفيذ اللامركزية التي تحقق من خلالها بعد الله ثم حرص ولاة الامر وتوجيههم الكثير من المنجزات الحضارية والعمرانية والتنموية على مستوى المملكة بجميع مناطقها ومحافظاتها ومراكزها.
عاشراً: على انه يجب التنويه بأن الحديث عن إنجازات الرعيل الأول بعد انشاء الوزارة في مجال السبق في تطبيق اللامركزية، وما تحقق من إنجازات كبيرة لا يغمط الحق عن الاوائل الذين قاموا بالادوار التأسيسية.
لعمل البلديات، عندما كانت وكالة تابعة لوزارة الداخلية، فقد كانت أعمالهم وانجازاتهم الكبيرة هي الاساس المتين الذي سارت الوزارة عليه بعد انشائها.
كما ان الحديث عن الرعيل الأول للوزارة لا يقلل اطلاقا من الخطوات الايجابية والجهود الجبارة التي قام بها كل من الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة ومن معهم من مسؤولي الوزارة وفروعها المختلفة ممن دأبوا على العمل او ما زالوا يعملون باخلاص لمصلحة المواطنين.
وأخص بالذكر منهم والمجال لا يتسع لذكر محاسن الجميع في مجال اللامركزية أخص منهم من كان وزيرا أثناء عملي في الوزارة، وأعني بذلك صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز الذي أصبح وزيرا بالانابة مدة تزيد على ثلاثة أعوام، ولم أعهد عن سموه انه بات ليلة واحدة قبل ان ينهي ما على مكتبه أو في بيته من معاملات، حرصا من سموه على تنفيذ التوجيهات السامية وتلبية حاجة المواطنين، ناهيك عما يتمتع به سموه من استشارة من حوله من مسؤولي الوزارة من ذوي الحل والعقد، وعدم الاستئثار برأيه في صنع القرارات.
أما معالي الأستاذ ابراهيم العنقري فقد تعلمت منه كثيرا من الدروس، ولاسيما اعداد الخطابات الفريدة التي ترفع للمقام السامي على شكل تحفة فنية أو أدبية Masterpiece وتميز معاليه فيما تميز به بالصرامة والانضباط، وهي صفات تأتي في أولويات من يناط به العمل وزيرا للبلديات، ولم أعرف أنه اهتم بصغائر الأمور، بل كان يترك حلها للموظفين حسب درجاتهم العلمية أو مراتبهم الوظيفية.
وجميع هؤلاء الذين تقدم ذكرهم أو أولئك الوزراء الذين جاءوا من بعدهم لم يقفوا ضد اللامركزية التي تم تطبيقها منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاما، بل ان مسيرة العمل في الوزارة وفروعها خلال هذه المدة الطويلة تشهد لهم بتبني اللامركزية تنظيراً وتطبيقا من خلال ما نشاهده من الصلاحيات المالية والادارية والفنية والاجرائية التي منحوها لفروع الوزارة المختلفة.
ولا يفوتني في هذا المجال والحديث عما تحقق من انجازات حضارية في مجال الشؤون البلدية والقروية من خلال تطبيق اللامركزية ان اشيد كثيرا بالجهود النيّرة والمتابعة المكثفة لأصحاب السمو وأصحاب المعالي أمراء المناطق الذين كانوا او ما برحوا مصدر دعم للامانات والمديريات والبلديات والمجمعات القروية من خلال حرصهم على اعتماد المشاريع البلدية او متابعتهم المستمرة لاعمال البلديات او شعورهم بأن الامارة والبلدية عضوان في جسد واحد، يعمل بكفاءة اكثر عندما يكون هناك تضافر في الجهود وتعاون بين كل الاطراف لتحقيق اهداف ولاة الامر وتطلعات المواطنين.
وكان هؤلاء الأمراء أسرع من تجاوب مع تجربة الوزارة في تطبيق اللامركزية، فبعد انشاء مديريات المناطق الخمس كانت هناك اتصالات من أمراء المناطق بالوزارة لحثها على اعطاء مزيد من الصلاحيات للبلديات الكبرى, وهكذا نتج عن جهودهم ومتابعتهم رفع فئات كثير من البلديات وزيادة صلاحياتها وتوسعة دائرة اشرافها، وخير مثال على ذلك: بلدية الطائف وحائل والاحساء وجازان ونجران والباحة وتبوك وعرعر والجوف التي تم تعديل أسمائها الى بلديات المنطقة، وقد نالت تلك البلديات صلاحيات مديريات المناطق، وهي صلاحيات تساوي أو تزيد عن الصلاحيات المخولة لوكلاء الوزارة المساعدين, ومن المؤكد ان انشاء بلديات المناطق واعطاءها تلك الصلاحيات جاء بمبادرة أو بمباركة من أمراء المناطق.
وأخيراً: فاذا كان القارىء يريد الحصول على معلومات أكثر تفصيلا في هذا المجال فقد يكون من المناسب الاشارة هنا الى انه سبق ان تم تكليفي من قبل الوزارة بالاشتراك في ندوة عن الادارة المحلية نظمها معهد الادارة العامة عام 1401ه وقد ألقيت في تلك الندوة محاضرة بعنوان وزارة الشؤون البلدية والقروية بين المركزية واللامركزية وشرحت بإسهاب جميع الخطوات التي مرت بها الوزارة لتطبيق اللامركزية، وبخاصة تخويل الفروع صلاحيات تنفيذ كثير من المشاريع الحيوية كما صدر قرار وزاري بتكليفي بالاشتراك في مؤتمر الامم المتحدة الذي عقد في الخرطوم عام 1402ه حول الحكم المحلي وألقيت فيه محاضرة عن تجربة الوزارة في تطبيق اللامركزية، لا تختلف هذه المحاضرة كثيرا عن سابقتها الا انها باللغة الانجليزية لغة المؤتمر وعلى من يرغب المزيد من التعرف على تجربة الوزارة في تطبيق اللامركزية زيارة مكتبة معهد الادارة العامة والاطلاع على تلك المحاضرة او الاتصال بالوزارة للوقوف على ما صدر من قرارات وزارية وما صاحبها من تعليمات ومطبوعات تكشف بصورة مفصلة كل الابعاد المتعلقة بالتنظيم اللامركزي بالوزارة وما صاحبه او تبعه من خطوات متعددة.
وباختصار فان ما كتبته هنا في هذه الجريدة لا يتجاوز قدرا معينا مما استدعته الذاكرة، وما شعرت بأن المساحة المخصصة في الجريدة تسمح بنشره.
وأعتذر للقارىء اذا كان هناك غياب في بعض المعلومات، اذ ان البعد الجغرافي لم يسمح لي بالاطلاع على ما سبق ان تطرقت له في تلكما المحاضرتين او غيرهما من الندوات المختلفة، او ما تحفل به الادارات المختصة في الوزارة من مطبوعات كثيرة حول هذا الموضوع.
وخاتمة القول، فان شكري الجزيل لا تستوعبه هذه الجريدة لمعالي الاستاذ عبدالله النعيم الذي أتاح الفرصة لتعريف القراء والمهتمين في مجال الادارة بتجربة وزارة الشؤون البلدية والقروية في مجال اللامركزية، والله ولي التوفيق.
* شيكاغو أمريكا


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved