جوانب خفية وتفاصيل دقيقة أم كلثوم بين صابرين ومحفوظ عبدالرحمن |
* القاهرة مكتب الجزيرة أيمن الشندويلي
مازالت اصداء نجاح مسلسل أم كلثوم في الوطن العربي تلهب ثورة الحنين الى الفن الاصيل الحقيقي الذي اختفى مع الأغنية الشبابية، والموسيقى الغربية الراقصة بدون معنى أو إثارة للشجن فقد اثبت مسلسل أم كلثوم بالإقبال الجماهيري الكبير عليه ان أذواق الناس مازالت كما هي وماحدث مجرد فرقعة في الهواء ونبت بدون جذور سهل اقتلاعه مع اي موجة ريح قادمة.
وفي هذا التحقيق نستعرض الجوانب الخفية في هذا العمل الرائع الذي أعاد إلينا زمن الفن الجميل.
في البداية تحدث إلينا الكاتب محفوظ عبدالرحمن مؤلف المسلسل فقال: أم كلثوم شخصية ثرية ولها في نفوسنا مكانة كبيرة وقد تعجبت أن فرنسا اصدرت كتابا مهما عنها في ذكراها الأخيرة، فضلاً عن وجود عدد كبير من الأفلام الأمريكيةوالأوروبية التسجيلية والوثائقية عنها، بينما لايوجد في مصر مايوازي هذا النشاط, فقررت ان اقدم مسلسلاً عنها يتناول تاريخها بالكامل منذ طفولتها وحتى رحيلها فهي جزء هام من تاريخ مصر والوطن العربي يبدأ في مطلع القرن العشرين وحتى عام 1975م, وقررت ان يكون العمل استعراضا طوليا وعرضا للأحداث التي نشأت ام كلثوم في كنفها واعطتها فرصة الانطلاق وأردت ان اؤكد بانه لا تظهر موهبة فذة بشكل تلقائي وإنما دائما هناك مناخ يهيىء لهذه الموهبة لكي تنطلق وتحقق الدوي الذي تستحقه.
وأم كلثوم شخصية صعب الاقتراب منها لأن جزءاً كبيراً من حياتها وضعت عليه ستائر حديدية فلم يقترب منها أي صحفي او ناقد فني سوى من خلال حياتها العامة المعروفة للجميع, ولذلك فقد كانت من اصعب الشخصيات التي اخذت مني وقتا وجهدا في البحث ومن أهم المراجع التي اعتمدت عليها كتاب الدكتورة نعمات احمد فؤاد (أم كلثوم وعصر الفن) وفي اعتقادي ان نجاح المسلسل الكبير بسبب كشف جوانب جديدة في شخصية كوكب الشرق.
دراما تاريخية
وهل يعتبر المسلسل تاريخيا؟ قال,, أنا أكتب دراما تاريخية وليس تسجيلاً للتاريخ ولذلك تناولت القضايا والأحداث جميعا من زاوية أم كلثوم وليس كل التفاصيل، ولذلك تجد هناك تهميشا لأحداث تاريخية هامة, لأن التركيز كان على الشمولية,, وللعلم فالمؤلف الدرامي للأحداث التاريخية له من الحرية والحق في ان ينتقي من تلك الاحداث والشخصيات مايريده لخدمة عمله الدرامي، ولايشترط ان يحشد كل من تعامل مع بطلة المسلسل وإلا احتجت لأكثر من مائة حلقة للمسلسل، ولهذا لا أجد مايدعو اسرة الموسيقار الراحل محمد الموجي لإثارة هذه الضجة، فعلاقتي بالموجي كانت وطيدة، وهناك كمال الطويل وصلاح جاهين وغيرهم ممن لعبوا دوراً في مسيرة أم كلثوم واختياري للشخصيات جاء من منطلق الاعتماد على منهج علمي وتاريخي يعتمد على مدى اهمية بعض الشخصيات في حياة أم كلثوم, وكان حرصي فقط على اختيار الشخصيات التي ساهمت في بناء أم كلثوم منذ طفولتها مثل اسرتها والشيخ ابو العلا محمد، ومحمد القصبجي واحمد رامي وطلعت حرب وغيرهم من الشخصيات وحتى الملحنين والشعراء الذين تعاملت معهم كان بعضهم فقط في الأحداث وليس جميعهم,
وقد حرصت على المقابلة الشخصية للذين عاصروها وتعاملوا معها عن قرب، مع الاعتماد على المعلومات والكتابات التاريخية، وعموماً انا سعيد بالنجاح وسعيد بمن هاجموا أجزاء من العمل في موقفهم الخاص بعدم ظهور شخصيات، وظهور شخصيات اخرى بجزء منها وليس الكل, ولكن انا لا اكتب عملا عن كل هذه الشخصيات, وأكتب فقط عن أم كلثوم واعتبر نجاح هذا المسلسل جماعيا للجهد الكبير الذي بذل على مدى عامين في التصوير، وعاما كاملا في التحضير مع تكامل جميع عناصره,, والحمد لله.
عشت مع أم كلثوم
وعن تجسيدها لدور كوكب الشرق:
قالت الفنانة صابرين انا عشت مع أم كلثوم عامين كاملين تفرغت خلالهما لهذا العمل شاهدت افلام أم كلثوم اكثرمن مائة مرة واستمعت الى جميع اغنياتها وقرأت كل الكتب التي تناولت مسيرتها سواء لنعمات احمد فؤاد او د, رتيبة الحفني، والذي شجعني على اداء هذه الشخصية هو المؤلف الكبير محفوظ عبد الرحمن الذي جعل بداخلي حالة من الطمأنينة ورغبة في أداء الشخصية رغم حالة الخوف والرعب الشديد منها فهذه الشخصية التي أحبها الجميع من المحيط الى الخليج وبما في ذلك اوروبا وامريكا اي شخص يقترب منها يمكن ان تحرقه وتقضى عليه، وإذا نجح معها يصبح نجماً كبيراً.
ولذلك أول شيء فعلته ذهبت الى قرية طماي الزهايرة للتعرف على منزل أم كلثوم ونشأتها وتربيتها والتقيت بأم عادل التي عملت في منزل أم كلثوم لمدة 14 عاما وبعض اقاربها الذين حدثوني عنها وعن تفاصيل خاصة في شخصيتها, وكانت سعادتي كبيرة بعد ان رحب هؤلاء البسطاء بأن العب شخصية العظيمة دائماً أم كلثوم, فكنت امثل قصة كفاح يجب ان يتعرف عليها كل الناس لتأكيد ان أم كلثوم لم تأت من فراغ فقد احببت قصة كفاحها وارتباطها بالناس.
وكانت فترة تصوير المسلسل مسئولية كبيرة وتاريخا يجب تجسيده لتخليده، ويجب ان اكون امينة على كل كلمة تقال على لسان أم كلثوم، وكانت الصعوبة اننا نقدم عملا يتناول حياة كوكب الشرق وعمرها ثلاث سنوات ثم مرحلة الاثنتي عشرة والمرحلة الاخيرة من حياتها والتي يعرفها الجميع منذ عام 35 وحتى رحيلها عام 75، وزاد من النجاح ان الفترتين الاولى والثانية كانتا مجهولتين عند الناس والجمهور يريد معرفة هذا التاريخ من حياة كوكب الشرق الشخصية التي احبوها كثيراً فهي فلاحة مصرية اصيلة نشأت في اسرة فقيرة تحصل على قوت يومها من عمل الأب في ترتيل القرآن والاناشيد وتصبح بعد ذلك هذه الفلاحة المصرية سيدة الغناء العربي, فقصة حياة سيدة مثلها لابد ان تصبح منهجا دراسيا نقدمه على الشاشة ليكون قدوة للأجيال التي لم تعاصرها ولم تعايش تلك المرحلة التاريخية التي ظهرت فيها.
واضافت صابرين بأن كل مرحلة كان لها طابعها من حيث الملابس والشكل والسن، والمناخ الخاص بها، فمثلاً في الحلقات الاولى كانت أم كلثوم صامتة معظم الوقت تجلس دون ان تتكلم، تستوعب فقط، وتأخذ المعلومات، ثم تأتي بعد ذلك فترة النضج والتي عملت في بدايتها مع ابيها في البطانة وهي مايطلق عليها الآن الكورس والكورال، ثم دخل في حياتها احمد رامي وزكريا احمد وقبلهما القصبجي والشيخ ابوالعلا وبدأت مرحلة فنية ثرية بكل تاريخها، وعموماً بالنسبة لي كانت المرحلة الأخيرة سهلة جداً فارتديت خلالها النظارة الشهيرة التي كانت ترتديها، وصففت شعري شينوه كما كانت تفعل وتحدثت بطريقتها، ولذلك فالمرحلة الاولى كانت من اصعب المراحل.
واكدت صابرين بانها اعتمدت على التقمص من واقع النص والسيناريو المكتوب بشكل مبهر والمشاهد التي تمهد لبعضها، ولذلك تشبعت بأسلوب حياتها، وعموما تغيير الديكور كان يمدني بالاحساس بالنقلة التي حدثت في تطور الشخصية وايضا الملابس, فكانت في البداية ترتدي العقال على اساس انها ولد ثم بدأت تضع الطرحة على شعرها ثم اكتفت بعد ذلك بتوكة الشعر ثم بدأت المرحلة التي مانت تصفف فيها شعرها شينوه أو شعر مجعد.
وقالت صابرين: الحمدلله نجحت الشخصية والمسلسل عند كل المشاهدين بلا استثناء,, وقد استوقفني في هذه الشخصية انها كانت لاتترك شبهة اهانة ولو بعد حين,, كبرياء وعزة نفس شديدان، كرامتها من كرامة المرأة المصرية، والثقة النابعة من الثراء الداخلي، فلم تكن امرأة فارغة كل ما لديها صوتها لكنها كانت صاحبة عقل ولديها فكر ووعي.
واوضحت صابرين تفوق المخرجة انعام محمد علي التي تحملت مسئولية نحو 40 ممثلا وممثلة ومسئولية كل كلمة وقيادتها للعمل بهذا النجاح الكبير.
|
|
|