Sunday 13th February, 2000 G No. 9999الطبعة الاولى الأحد 7 ,ذو القعدة 1420 العدد 9999



خاطرة بين الرياض والدمام

اغمضت عيني وفتحت أذني ورحت استجلو الصدى البعيد، حين استيقظت تلك القرية الصغيرة الوديعة التي تقع في ذلك الفضاء الصحراوي الشاسع من قلب اليمامة، على هاتف ينادي بتلك الجملة الاحترازية المشهورة: (الملك لله ثم لعبدالعزيز) ورحت اردد: أي بركة هذه التي شاء ربنا عز وجل ان ينزلها على حاضرة اليمامة، هل كان يمتلك أحد اي أحد خيالا نافذا حادا يستقرىء به مستقبل الأيام، فيرى بنور هذا الخيال الجامح شيئا ما من الأحداث العظام التي صنعتها هذه القرية الصغيرة التي قدر لها أن تكون حاضرة الصحراء العربية؟ تضافرت أقوى الجيوش وتصارعت في الصحراء عقودا من الزمان فلم تجد عن إرادة الله شيئا حين قال: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا,, (النور 55).
إذن فقد عاد التوحيد النقي من جديد يدق الأبواب ويشارك في تجديد قرون المسلمين: وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا , (الإسراء 81) وشيئا فشيئا تنمو القرية الصغيرة الوادعة لتنطلق منها من جديد دعوة التوحيد، توحيد في الأرض وتوحيد في السماء توحيد البلاد بأعمال العباد لرب العباد، حين تخلص الناس من عبادة قبور البشر الى عبادة رب البشر, وتعض حاضرة اليمامة على ذلك كله بنواجذها، فأعطت الارض كنوزا ادخرتها وذخرتها بغير حدود، لتقوم دولة عمادها الحق وينهض ملك أساسه العدل، فتحول بيت الشَّعّر الى مئات الآلاف من البيوت والقصور والشوارع الجميلة والجسور، ملاذ آمن عظيم في الصحراء العربية لم يكن يحلم به أحد، لقد نمت القرية الصغيرة وترامت منها الأطراف، حتى غدت من قلاع العواصم وأعزها على قلوب العرب والمسلمين، لم يكن حلما، كانت الحقيقة تتجسد حين نادى المنادي من جديد: وأنت أيتها الرياض حاضرة الثقافة على رأس هذا القرن الجديد ، مهرجان الجنادرية أعظم مهرجان للتراث الشعبي في الجزيرة العرية يواكب المناسبة الشرفية الكبيرة، العرب جميعا في الرياض يلتقون تحت مظلة التراث والثقافة الإسلامية العربية، فتداعت وفود وسفارات ومعارض ومهرجانات وضيوف ومؤتمرات في عاصمة كبرى من عواصم الشرق المسلم، تتحدث ان المملكة بمدنها العظيمة المزدهرة وقراها وهجرها المباركة، بل اصبحت بصحاريها المترامية ومدنها الكبيرة العامرة العمق الاستراتيجي للعرب والمسلمين.
ترى هل كان أعظم الناس تصورا وأوسعهم خيالا يتوقع يوما ما أن يكون لهذه القرية ما لها من الازدهار والمجد؟ إن قصة الرياض باختصار هي قصة النجاح في الدمام والجبيل والخبر، قصة الهفوف والقطيف، قصة قرية والسعيرة، قصة حفر الباطن والقيصومة، قصة النجاح في كل مكان: في العاصمتين المقدستين، في الجنوب والشمال في الشرق والغرب والقلب، بل قصة لنجاح كل هجرة صغيرة او مدينة كبيرة من ربوع المملكة، حين شاء الله لهذه البلاد ان يكون لها ما لها فوق أديم الارض وتحت رقعة هذه السماء.
أما الدمام فإذا كنت لم ترها منذ نصف قرن فاسأل مكتبة آرامكو تجبك، فما زالت عامرة بالصور التوثيقية لهذه القرية الصغيرة، تستطيع ان تقلب في الصفحات، وتفتح عينيك لترى هذه العشش الصغيرة المتناثرة على ساحل الخليح، ان هذه الدمام هي اليوم عاصمة النفط وحاضرة المنطقة الشرقية من بلادنا العزيزة، وهي تستيقظ في هذا الصباح المبارك على هذا المؤتمر الكبير، الذي حول الثغر الساحلي الجميل الى عاصمة ثقافية للتعليم، فاصبح كخلية نحل لها أزيز المرجل بدوي العِلِّم لهذا اللفيف من رجالات الإدارة وعلماء التربية، إنهم رعاة التعليم وقادته في المملكة العربية السعودية وفي أيديهم بحوث ودراسات نافعة، ومؤتمرات وورش عمل جادة، يشاركهم بالتواجد الإيجابي رجال الإدارة من سكيكو وآرامكو والهيئة الملكية فيتعدد التعاون وتتنوع المحاور وتتوسع المشاركة في البحوث والورش: التعليم والانترنت، إدارة الجودة الشاملة المفهوم ومتطلبات التطبيق، التعليم التعاوني، التعليم عن بعد، التطوير على أساس الكفاءات,, وغيرها وغيرها كثير، فضلا عن لقاء أجيال من الكفاءات والخبرات, بقيادة معالي وزير المعارف الدكتور محمد بن احمد الرشيد، من أجل البناء,, بناء الإنسان السعودي المؤمن المعاصر، كل هذا موعده اليوم في الدمام وتحت رعاية صاحب أكبر جائزة للتفوق العلمي في البلاد أمير الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز حفظه الله.
سعود بن عبدالرحمن الزامل الدريس
مدير التعليم بمحافظة حفر الباطن

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved