Sunday 13th February, 2000 G No. 9999الطبعة الاولى الأحد 7 ,ذو القعدة 1420 العدد 9999



توجيه التربية

لقد ولدت من سوء التربية والتوجيه مشكلة تمثل خطراً يهدد الكيان الإنساني وكيان الأبناء بالذات وانبثقت من هذه المشكلة عدة ظواهر منها ظاهرة السلوك الانحرافي وجنوح الأحداث والاجرام والسرقة والقتل وحوادث الطرق والاعتداء على المحارم والتمرد على الوالدين ومن بين أخطر هذه الظواهر وأولها تعاطي المخدرات، وكلها ظواهر لسلوكيات شاذة غريبة عن مجتمعنا الاسلامي وكلها متعارض مع المنهج الإسلامي الصحيح، وترتبط هذه السلوكيات بشكل مباشر بمشاكل اقتصادية كثيرة مثل البطالة والاتكالية وهجر المسؤوليات، واجتماعية مثل التمزق والتوتر الأسري والطلاق واهمال الابناء وعدم الانتماء إلى الاسرة، والهروب والتردي وتبديد الثروات البشرية والاقتصادية وغيرها من المشاكل.
ولكي يجدي دور الأسرة في القضاء على هذه الظواهر لابد ان تتعارف وتتوحد المؤثرات التربوية الأخرى والتوجيه لتحقيق الهدف الواحد والوصول إلى الغاية المشتركة وهي صناعة الأجيال دون تنافر ولا تناقض والا تطبع حياة الأجيال ونفوسهم بطابع القلق والانحراف، ولأن الأسرة لم تعد وحدها المسؤولة عن التربية ونتائجها بل يشاركها في ذلك المدرسة والنادي والمسرح والجمعيات والإعلام المقروء والمرئي والمسموع، إذاً فالمسؤولية التربوية باتت تحكم بنظام عام، وعلى هذا النظام القيام بالوقاية والعلاج وأي نظام في الدنيا يحتاج للالتزام به إلى التوجيه وللتوجيه طريقان، اما التوجيه بالتضليل والزيف والكذب وكل أساليب الخداع والإكراه المادي والمعنوي، وأما التوجيه بالحكمة والمنطق من غير زيف ولا تضليل ولا إكراه، فالطريق الأول يتنافى مع تنمية مقومات التربية الإنسانية، واما الثاني وهو التوجيه بالحكمة من غير زيف وخداع وإكراه فيتطلب لاخلائه من اسباب الزيف والاكراه ضمانات مادية وضمانات عقلية فالضمانات المادية خلو طريق الانسان من المعوقات التي تحول دون تحقيق حاجاته الأساسية، أما الضمانات العقلية فهي تلبية القدر الكافي من المعرفة والعلوم والحقائق لبلوغ الإنسان رشداً فكرياً يمكنه من كشف التزييف والأباطيل، فالعقل الجاهل أو اللاواعي بهذا القدر من المعرفة لا يقدر على الاختيار الحر بل يفشل وبالتالي يسهل غزوه بأول فكرة تهاجمه مهما كانت مزيفة وهو ما تنبه إليه الإسلام فحرر العقل ومنحه قاعدة الانطلاق الواعية في الحياة حتى حصل العقل الإنساني بفضل قواعد الإسلام من تحريره على القدرة الممكنة له من الاختيار الحر والادراك السليم ومقاومة الظواهر المضادة لأن وقاية النفس والأسرة والمجتمع لا تتحقق إلا بالتربية الصحيحة على أسس الشرع وقواعد الإسلام ومن هنا عرض القرآن كما عرضت السنة الأسلوب الواجب اتباعه في هذا الشأن لإبلاغ الأبناء الرسالة المطلوبة للفلاح في الدنيا والآخرة، وكل السلوكيات المنحرفة التي نراها في بعض الافراد هي في الحقيقة خلل في التربية وسوء في التوجيه ومن هنا يتبين لنا أن شفاء المجتمع اذا أردناه فلن نجده إلا باتباع دين الله الحق (إن الدين عند الله الإسلام) إتباعاً كاملاً لا فرق بين أحوال شخصية وأحوال عامة، ولا بين نظام للأسرة ونظام للاقتصاد ونظام للسياسة إنما الإسلام نظام عام راشد للحياة الخاصة والعامة يصل الجزئيات ويشمل الدقائق ويخطط بتقديراته وحساباته المكاسب والخسارات ويتابع سلوك الأفراد والأسر والجماعات لينتج الانسان الراشد والأسرة المثالية والمجتمع الكريم لأن مثالية أسرة الانسان جماع فضائل الفرد والمجتمع وأسرته المثلى نتاج رشاد الفرد مادياً وعقلياً وسلوكياً من خلال رشاد النظام العام اجتماعاً واقتصاداً وسياسة، كما أن شفاؤه لعللنا يتوقف على تناولنا ما قُرر من دواء فنؤمن به ونسير على هداه ونعالج اجتماعنا ونفوسنا بعلم اجتماعه وعلم نفسه، ونسوي أمورنا كلها بدستوره، ونجتمع على ميثاقه، وننطلق بجناحيه، فلا انحراف ولا رذائل اجتماعية تفضي إلى شقاء الفرد وخلخلة الأسرة وانحلال المجتمع ولا نجد لعوامل الانهزامية والذلة وضيق العيش وتفشي الجهل فينا,, مستقراً، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) انها لتذكرة (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا).
هدى عبدالمحسن المهوس

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved